تحقيق لـ أ ف ب: المصريون تحت وطأة ارتفاع الأسعار والتقنين وشح الدولار

وطنية - من قيود على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر، مرورا بتقنين كمية الأرز التي يمكن الفرد شراؤها، وصولا إلى حملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج، يعاني المصريون بشدة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون، بحسب تحقيق لـ"وكالة الصحافة الفرنسية".

لا يتجاوز الاحتياط النقدي لدى القاهرة 33,5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة. لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من 3 مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل الى 157 مليار دولار.

وبطلب من الدائنين، خفضت مصر قيمة عملتها عام 2022 بنسبة 57 في المئة.

في بلد يستورد غالبية حاجاته من الخارج وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8% في 2022، كان التأثير فوريا اذ بلغت نسبة التضخم 18,7%، وفق الأرقام الرسمية.

على الأرض، تعاني ربات البيوت. تقول رحاب لــ"وكالة الصحافة الفرنسية"، عند مخرج مخبز في وسط القاهرة: "رغيف الخبز الذي كنت أشتريه بجنيه واحد صار بثلاثة جنيهات".

وأضافت الشابة البالغة 34 عاما، والتي رفضت الافصاح عن اسم عائلتها: "زوجي يجني 6 آلاف جنيه شهريا. كنا في السابق نعيش 30 يوما من هذا الراتب، ولكن اليوم تبدأ النقود في النفاد اعتبارا من اليوم العاشر".

اللحوم "لم تعد خيارا" 

تم مجددا تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات، كذلك تقليص حجم المنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".

عند مدخل سوبرماركت كبير في القاهرة، تحذر لافتة المستهلكين من انه "لا يمكن الفرد الواحد شراء "اكثر من 3 عبوات أرز زنة كيلوغرام واحد او عبوة واحدة زنة 5 كيلوغرامات".

وفي الصحف، أشاد المجلس الوطني للغذاء "بأرجل الدجاج المفيدة للجسم وللميزانية".

ذلك أن اللحوم المجمدة المستوردة، التي يستهلكها الأقل دخلا لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار اللحوم الطازجة، "لم تعد خيارا بعدما ارتفعت أسعارها من 85 الى 150 جنيها"، بحسب ما قالت رضا التي تعول أسرة من 13 فردا.

تبذل هذه السيدة البالغة 55 عاما، والتي ترفض كذلك ذكر اسم عائلتها، كل ما في وسعها لإعالة الأسرة. وتوضح: "أنا موظفة وأعمل الى جانب ذلك في مستشفى، ولكن حتى مع هذين المرتبين هناك الكثير من الأشياء التي لا أستطيع شراءها".

واذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف. ويفيد مسؤولون حكومية أن في الجمارك حاليا بضائع بقيمة نحو 7 مليارات دولار.

وبسبب أزمة النقد الأجنبي التي ساهم فيها خروج نحو 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قيدت معظم البنوك  السحب بالدولار خارج مصر، ورفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3% الى 10%.

المذيع عمرو أديب الذي يقدم واحدا من أكثر البرامج متابعة في مصر، قال أخيرا بعد تقييد السحب في الخارج: "اتركوا على الأقل الناس الذين سافروا قبل هذا القرار سحب بعض النقود لكي يستقلوا سيارة أجرة الى المطار ليتمكنوا من العودة".

في هذه الأجواء، تنتشر اشاعات تتحدث عن استعداد شركات مثل "ماكدونالدز و"اوبر" للانسحاب من السوق المصرية.

"لا تتدخلوا" 

تحاول الدولة، وهي واحدة من 5 في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة "موديز"، توفير أكبر قدر ممكن من الدولارات.

وقرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر اخيرا  3 مليارات دولار تسدد على 46 شهرا، ليس إلا قطرة في بحر، وخصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.

وقرر وزير النقل كامل الوزير الزام السياح سداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتبارا من كانون الثاني.

وقال في تصريحات للتلفزيون: "أنا في حاجة الى دولارات لسداد ثمن عربات القطار المستوردة. السياح يمكنهم الدفع بالدولار، وهذا يناسبهم ويناسبني أيضا".

ولجني مزيد من الدولارات، تعتزم الدولة بيع الكثير من الشركات والأصول الى القطاع الخاص الى حد أن الأمر أثار القلق من فقدان السيادة على قناة السويس.

وأكد رئيس هيئة القناة أسامة عرابي أخيرا أن القناة "ليست للبيع"، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يرغب في انشاء صندوق يخصص له جزء من موارد الممر الملاحي يقوم بالاشراف على إدارته بنفسه، وقال في خطاب أخيرا: "لا تتدخلوا في القضايا المالية، أتركوني أنا أتصرف".

ويعتبر الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن ستيفان رول أن مصر "تستدين لتثبيت نظام السيسي".

ويضيف أن "الجيش ، هو أول المستفيدين: الديون الخارجية مكنته من حماية دخله وممتلكاته وتمويل مشروعات عملاقة تعود عليه بأرباح كبيرة" اذ أن معظم المشاريع الكبرى يسند تنفيذها الى القوات المسلحة.

وبعيدا من المدن الجديدة والقطارات الكهربائية السريعة، فإن كل ما تتطلع إليه رحاب هو أن تشتري معطفًا لابنتها يقيها البرد.

وقالت وهي تغالب دموعها: "لكني وجدت أن ثمنه الف جنيه فصرفت النظر عنه".

                                     ======= م.ع.   

                                                                  

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب