حاصباني: لوضع أصول الدولة في مؤسسة استثمارية تحت رقابة دولية

وطنية - أكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني عبر إذاعة "لبنان الحر" أنه "لم يكن يفترض بالدولة أن تتعثر، بل كان يجب عليها أن تجري الإصلاحات المطلوبة منذ سنوات للحصول على مداخيل لدفع الاستحقاقات"، وقال: "نحن اليوم نستلحق المراحل، والأمور تتغير سريعا، وكان من المفروض أن تكون المداخيل أكبر وفق إدارة سليمة ورؤية اقتصادية ومالية واضحة".

أضاف: "نحن أمام تخلف أحادي عن الدفع في طور التنظيم، فما حصل هو تأجيل الاستحقاق أو التعليق حتى وضع حل للدخول في التفاوض مع الجهات المدينة. وكان من المفروض البدء بوضع خطة منذ ثلاثة اشهر. وعند موعد الاستحقاق، نعلن عدم الدفع وفق خطة. الآن علينا وضع خطة إصلاحية شاملة والبدء بتنفيذها بالتزامن مع جدولة الديون".

وشدد على أن "ما يقوله ليس انتقادا لآداء الحكومة، إنما تذكير بما هو مطلوب منها"، وقال: "علينا رؤية مدى قابلية خارطة الطريق التي ستضعها الحكومة للتنفيذ. حتى اليوم لم نر، إلا قشورا وأطراف إصلاحات، فالعبرة هي في خارطة الطريق لترينا الحكومة فعلا الإصلاحات الحقيقية".

أضاف: "ما نراه اليوم هو جبهة ممانعة واسعة تقود حربا مالية اقتصادية ضد المجتمع الدولي المتمثل بشكل اساسي بالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والدول الخليجية، وإن أي مساعدات للبنان سواء أكان عبر صندوق النقد الدولي أم من خارجها تأتي عادة من هذه الدول".

وعرض حاصباني ل"المنظومة التي أوصلتنا إلى الواقع المالي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد اليوم وإلى تعثر الدولة عن سداد استحقاقاتها"، وقال: "وضع الناس ودائعهم في المصارف، وازدادت هذه الودائع، خصوصا بعد الأزمة العالمية عام 2008 وارتفاع الفوائد. وفي ظل هذه البحبوحة المالية، عمدت المصارف إلى تسليف الدولة إما عبر مصرف لبنان وإما عبر شراء سندات الخزينة. فيما صرفت الحكومات من دون وعي أو قيود على الديون أو العجز واستدانت من دون سقوف. ولاحقا، بدأ يخف تدفق الودائع بالتزامن مع تدخلات بعضهم الإقليمية وتموضعهم في الممانعة الكونية، الأمر الذي وضع لبنان في مكان عزله عن الودائع والاستثمارات والسياح، خصوصا من الخليج بعد عام 2011. وهذا أدى الى انخفاض النمو والحد من المداخيل والاستثمارات والودائع التي ارتفعت كلفة استجلابها، فيما الحكومة استمرت بالاستدانة، والعجز ازداد من دون إصلاحات، إنما محاصصات إلى أن وصلنا إلى مرحلة عجزنا فيها عن دفع ديوننا لان المداخيل قليلة والمصاريف مرتفعة، والناس الذين فقدوا الثقة سارعوا إلى سحب أموالها الأمر الذي زاد الضغط".

وردا على سؤال، قال: "إن خطأ المصارف أنها استمرت في إدانة الدولة من دون أي سقف، وحين تعثرت الدولة أصبحت المصارف في وضع حرج ولا تستطيع أن تتحمل كامل المسؤولية المالية. ولذلك، اليوم نتحدث عن haircut ستطال كبار المودعين، ومن المفترض أن تحصل أساسا على سندات الخزينة، لكن أصحاب الودائع الصغيرة تضرروا، وليس فقط من يملك منهم حسابات بالليرة، فحتى الحسابات بدولار اصبحت مجمدة. وإن قرار الاقتطاع من الودائع قد يضطرهم إلى الوصول إلى حسابات صغرى. وفي هذه الحالة، إن المودع يدفع جزءا من أخطاء الدولة، وجزءا آخر من أخطاء المصارف".

وسأل: "إن كانت المصارف ستدفع جزءا والمواطن سيدفع جزءا، فلماذا الدولة لا تدفع ثمن اخطائها أيضا التي كبدت الاقتصاد والنقد خسائر كبرى؟ ولماذا الدولة غير مستعدة إطلاقا لاتخاذ أي خطوة لاستخدام أصولها لتسديد ديونها؟"، وقال: "لا تداعيات من جراء عدم دفع الدولة اللبنانية استحقاقاتها، إذ أن اصولها داخلية، ومصرف لبنان يعتبر مستقلا عن الدولة، ولا يستطيع الدائنون تجميد أصوله".

وتوقف حاصباني عند "الكلام الخطير من قبل بعض الثوار الذين يدعون الدولة الى ادارة القطاعات"، وقال: "إن السلطة تستفيد من هذه الدعوات لتستغل اكثر هذه القطاعات وترسخ ممارستها السلبية فتتحكم بالقطاعات الانتاجية والخدماتية، كما يجري في قطاع الاتصالات".

وسأل: "إذا لم تتغير السلطة التي فشلت لسنوات في إدارة الدولة، فكيف لنا ان نثق بها في الوقت الحالي؟".

ولفت إلى أن "هناك توجها دائما للايحاء بأن الدولة هي أفضل حل لإدارة الأمور، نيابة عن الناس، وقال: "على الدولة ان تدير الجيش والأمن والعلاقات الخارجية والقطاعات الكبيرة، ولكن على القطاع الخاص أن يستثمر في أصول الدولة كالاتصالات والمرافئ ومصالح المياه وغيرها. علينا أن نتجه إلى خصخصة الأصول التي تتخطى ال15 مليار دولار، ولا حاجة إلى الدولة في إدارتها أصلا".

وردا على سؤال، قال: "إن حزب الله والمجموعات اليسارية تتكلم ضد الخصخصة، فهذا كلام شعبوي يعتمد على الأفكار السابقة والقديمة التي تؤمن بأن الدولة هي الكيان الأكبر الذي يدير شؤون الناس، ولكن أذكر أن اقتصادنا حر، وهذا مكرس في الدستور. هناك 15 إلى 20 مليار دولار أصول للدولة، وهي تدمرها لأنها عاجزة عن إدارتها. فأيهما أفضل احتكار الدولة الاصول او التنافس مع القطاع الخاص؟".

وأشار إلى أن "الاتجاه من السلطة السياسية هو تقوية مواقف الوزراء مثلما يحصل اليوم عبر كلام حول تعديل قانون الهيئة الناظمة ليعطي مساحة للوزير للتحكم أكثر في القطاع"، وقال: "على الدولة انشاء هيئات ناظمة مستقلة تنظم العمل في كل القطاعات العامة التي هي بحجم قطاع الاتصالات. نصت خطة الكهرباء الأخيرة على تشكيل الهيئة الناظمة، فلماذا لم تنشأ حتى الآن؟".

وعرض حاصباني ل"حل للازمة"، قائلا: "بدل الاقتطاع من ودائع الناس أو دفعهم إلى شراء أسهم في المصارف، يجب وضع الاصول في مؤسسة استثمارية تدار بشفافية تحت رقابة دولية يعطى فيها المواطن أسهما عوض الودائع التي كانوا سيقتطعونها منه. وتدريجيا، تتم خصخصة القطاعات. وهنا، نكون أدخلنا استثمارات جديدة إلى لبنان".

أضاف: "الدستور اللبناني ينص على أن لبنان اقتصاده حر، وعلينا تطبيق الدستور لا التلطي وراء شعارات رنانة. لا نريد الذهاب إلى شيوعية كاملة، ولا إلى رأسمالية متفلتة، بل نظامنا رأسمالي حر يقوم أيضا على تحمل مسؤولية اجتماعيا ويعمد الى تحصين الامن الاجتماعي، ويجب أن يستجلب استثمارات وفق ضوابط لا استثمارات جشعة، لكن لا نستطيع ان نبقي القطاعات الحيوية في يد الدولة لأنها أكثر مؤسسة قابلة للفساد. كما ان استبدال السلطة السياسية فقط لن يكون الحل".

وعن اللجوء الى صندوق النقد الدولي، قال: "هناك سببان، إما رمي كرة القرارات الاصلاحية في ملعب الصندوق فتتحجج به الحكومة لاتخاذها، وإما كي ترتفع بعض الاصوات الرافضة للصندوق فيتنقل النقاش من الاصلاحات التي يجب أن تتخذ الى نقاش حول السيادة وتدخل الصندوق. لسنا في حاجة بالضرورة إلى صندوق النقد، فلدينا أصول في الدولة اللبنانية كفيلة بإزالة جزء كبير من العبء.

أضاف: "المجتمع الدولي ليس ساذجا وفرص مساعدته لنا 50 في المئة، فهو لا يزال مستعدا لمساعدتنا بطرق استثنائية لأنه يدرك الوضع الخاص للبنان، ولكن يشترط مساعدتنا لانفسنا وقيامنا بإصلاحات جدية. كما ان لا مشلكة لديه اذا انهار لبنان".

وتابع: "نحن متمسكون بأن تكون المقاربة والخطة والحل لبنانية، مقاربة جدية موجعة للسياسيين وللسلطة المتحكمة بالقطاع العام، قبل المواطن، لكن طالما ان الإجراءات تطبق على المواطنين فقط، فلا يجب أن نتوقع مساعدة من المجتمع الدولي. يقولون لنا إن المصرف هو الشيطان الاعظم، والمصارف أخطأت، وعليها أن تدفع جزءا من الثمن، ولكن ليس علينا تبرئت السلطة السياسية من أفعالها".

وردا على سؤال، قال: "إن الاستشارة الدولية التقنية هي "تجميل" وسمعناها مرارا من صندوق النقد، وهو بدوره ينتظر منا خطة ليعطينا بناء عليها استشارته".

وعن أداء "القوات اللبنانية" في الوزارات، قال: "عملنا بحسب ضميرنا في الوزارات التي استلمناها على حساب علاقاتنا وصدقاتنا لدرجة أنه حين كنا في وزارة الصحة توصلوا إلى وضع حياة الناس بخطر من اجل عرقلتنا، ولكننا نجحنا في تنفيذ العديد من الإصلاحات والمشاريع. كما خفضنا أسعار الأدوية، بعدما عدلت اجراء التسعير وما زالوا يتهموننا زورا بارتفاع الأسعار. عندما يتأخر دواء لمدة أسبوع في الكارنتينا لأننا كننا نشتري وفق الطلب لتخفيف المصاريف كانوا يشنون حملة علينا. وبعدما غادرنا الوزارة، كان هناك تأخير في تسليم الأدوية في الكرنتينا، فهل من فتح الملف؟".

وكشف أن "في الاشهر الماضية سجلت أدوية ايرانية بطريقة سريعة بطلب معجل من وزير الصحة، وذلك خلال بضعة أشهر، فيما الأمر يتطلب اكثر من سنة ونصف سنة"، وقال: "إن هذه الأدوية لا تستوفي شروط السلامة المخبرية، وهي على وشك أن تصبح متاحة في الاسواق. ورغم ذلك، لم نسمع أحدا يتكلم في الموضوع".



============== ن.ح

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب