نقيبة أصحاب دور الحضانة للوطنية: نعتمد البرامج المعاصرة فالعالم تغير وعلينا مواكبة قدراته والالتحاق بها وتبنيها

تحقيق مي نهرا


وطنية - الاوضاع الاقتصادية الصعبة ومتطلبات الحياة، فرضت على الزوجة الام مغادرة منزلها للعمل والمساعدة والتعاون مع زوجها لمواجهة أعباء الحياة ومتطلبات العائلة. وبالتالي أصبحت الام العاملة، بحاجة الى مكان يحتضن طفلها، الى جانب رغبتها بإثرائه بالعلم والتجارب في أوقات عملها، ما يضطرها للجوء الى وضعه في مكان يقدم له هذه الخدمات، تحت مسمى الحضانة المخصصة للاطفال في مراحلهم العمرية المبكرة حيث تقدم لهم الرعاية الى جانب اكتساب مهارات جديدة والتدرب على السلوك الاجتماعي الصحيح من خلال أنشطة مختلفة كالرسم واللعب والموسيقى وغيرها من الانشطة ذات الطابع التعليمي.

تعريف الحضانة
تعريف الحضانة علميا إنها المؤسسة التي تقوم برعاية الطفل من سن 45 يوما إلى ثلاث سنوات، ورعايته وتربيته بما يتناسب وخصائص النمو الاجتماعي والجسمي والانفعالي والعقلي لهذه المرحلة. وللحضانة أهمية كبيرة في حياة الطفل، ليس فقط لأنها تريح الأم اثناء وجودها في العمل، بل لجهة الايجابيات التي تنعكس على الطفل نتيجة التحاقه بدور الحضانة، فهي تحسن لديه مهارة النطق بشكل كبير وتنمي مهاراته الاجتماعية واعتياده على التعامل مع الاغراب، وتكسبه سلوكيات من المفترض ان تكون جيدة من خلال تعامله مع الاطفال الآخرين، والتعاون والاندماج والمشاركة، وتمثل اختبارا له في مواجهة الحياة والتعامل مع الناس. ففي فترة الحضانة يتعود الطفل على اللعب مع أقرانه ويتعلم كيفية حل مشاكله بنفسه وكيفية التعامل مع من هم اكبر منه.

الا ان هذا لا يعني ان لا سلبيات للحضانة التي من الممكن ان تؤثر على الطفل والتي تتمثل في تعرضه للعدوى وانتقال الأمراض من الاطفال المحيطين به وتعلم سلوكيات سيئة من بعض الاطفال، وتعرضه للاهمال او الاساءة من المتعاملين معه.

نشأة اول دار حضانة
في 21 نيسان من كل عام، يحتفل العالم بولادة رجل أعطى الأطفال في بلدان العالم خطوة أولى تسهل عليهم تأسيس حياة أفضل. هو الالماني فريديرك فروبل الذي كان اول من أسس دارا للحضانة في العالم عام 1837، في ألمانيا. توفيت والدته وهو لم يكن قد تجاوز السنة من عمره. تلقى فروبل تعليمه في مدارس عدة متنقلا من مدرسة الى اخرى، وبعد انهائه خدمة الجيش، عاد الى برلين حيث كانت تقيم أسرة أخيه الذي لقي حتفه فأخذ على عاتقه تربية أطفاله والاهتمام بهم ، وبهذا انشأ اول مدرسة له سنة 1817، إلا أنه كان يشعر بأن مدرسته ينقصها نظام تعليمي موحد، فانتقل إلى بلانكنبورغ، وأنشأ فيها مدرسته التي أطلق عليها لأول مرة اسم "حضانة أطفال" (بالإنجليزية:kindergarten) سنة 1837، وقد جاء أصل التسمية من المبدأ الذي اتخذه فروبل لمدرسته بأن الأطفال عبارة عن نباتات يعتني بها المدرسون كمزارعين في حديقة. فكلمة (kinder) ألمانية وتعني: طفل، أما كلمة (garten) الألمانية فهي تعني: حديقة. وكان هدفه الرئيسي هو جعل الأطفال يتعلمون عن طريق اللعب، ويخوضون تجارب منذ طفولتهم ليتعلموا منها، واستمر في تطوير حضانته لمدة 10 سنوات، وقد طور فروبل مبادئ رئيسية لحضانة الأطفال، منها: التعلم عن طريق التعبير، واللعب المنهجي، وهي مبادئ لا تزال تستخدمها الحضانات في زمننا.

وانتشرت دور الحضانة في العديد من الدول حول العالم، ففي الولايات المتحدة الاميركية تأسست أول دار حضانة منزلية في ولاية ويسكونسن سنة 1855، على يد الالمانية مارغريتا شروز، التي اتبعت مبادئ فروبل التي طبقها في حضانته في ألمانيا.

ثم افتتحت إليزابيث بيابودي أول حضانة للمتحدثين باللغة الإنجليزية سنة 1960 في مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس، لتزداد بعد ذلك الحاجة إلى دور الحضانة بسبب التحاق الأمهات بالقوى العاملة في القرنين: التاسع عشر والعشرين.


دور الحضانة في لبنان
في لبنان، تواكب حضانات الاطفال العصر والموضة، بدءا من مناهج تعليمية متطورة، مرورا بالتجهيزات الحديثة كالطاولات والكراسي بالالوان الزاهية وبمقاسات تناسب الاطفال والالعاب والحفلات والرياضة، حتى أن بعض الحضانات تتبع (يونيفورم) او لباسا موحدا للاطفال على سبيل المثال: "تي شيرت" مطبوع عليها "لوغو" الحضانة او ما شابه، الى جانب حفلات اعياد الميلاد للاطفال ورحلات خارج الحضانة.

وانطلاقا من دورها الهام في صقل مهارات الطفل والتعامل معه على انه كيان مستقل، وفي ضوء الافادة من تجربة فنلندا الدولة التي تحتل المرتبة الاولى في العالم في التعليم، عقدت نقابة اصحاب دور الحضانة في لبنان مؤتمرها السنوي الرابع، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وبالتعاون مع السفارة الفنلندية سعيا منها لتعميم التجربة الفنلندية في الحضانات في لبنان، حيث شارك اصحاب دور الحضانة والمعلمات في لبنان في ورشة عمل، قدمت خصيصا من اجل ادارتها خبيرات في التعليم المبكر من جامعة هلسنكي، وكان لافتا مشاركة مديرات حضانة وحاضنات من الاردن والسعودية والمغرب.

جوجو
الباحثة ونقيبة اصحاب دور الحضانة في لبنان هنا جوجو وفي حديث خاص لـ "الوكالة الوطنية للاعلام" تقول: "ان الطفل هو حجر اساس للجيل القادم، وعلينا كمربين مسؤولين صقل مهاراته، آخذين بعين الاعتبار قدراته الجسدية والذهنية التي تتماشي مع نظرته للاشياء المحيطة به. اما الآن فقد برهنت نقابة اصحاب دور الحضانة في لبنان، عن نقلة نوعية في التعاطي مع ورش العمل بانفتاحها على الخارج عبر حضور معارض ومؤتمرات وورش عمل، لا بل بدأ الطموح يأخذ اجراءاته على ارض الواقع". واعتبرت ان "البرامج المعاصرة هي الاساس، فالعالم قد تغير وهذا التغيير انعكس على جيل اصبح حكما مختلفا، وعلينا كمربين مواكبة قدراته والالتحاق بها لا بل تبنيها، لانها متوجهة الى الصح".

وأكدت جوجو ان "الوقت حان للانتباه الى ان الاطفال مختلفون بتعاطيهم ونظرتهم للامور، والعلم المتنوع باساليبه هو الأنجح، نسبة للتغيرات السريعة الملحوظة في العالم. ونحن بحكم تواجدنا مع الاطفال وضمن بيئة الطفولة المبكرة، نلاحظ أسرع من غيرنا واحيانا من الاهل هذا الفرق المخيف في نمو الاجيال. ووضعنا كشهود يحتم علينا التشارك بالمسؤولية لبناء جيل نبني عليه آمالا لانه يدهشنا يوما بعد يوم".

واعتبرت ان "ممارسات الضغط ببرامج تربوية لا تتماشى مع قدرات الطفل الذهنية والجسدية والاجتماعية ولا هي معاصرة لها تحرمه من التمتع بطفولته واللعب، والفرصة لن تتسنى له مستقبلا للتنعم بها".

في افتتاح فاعليات المؤتمر، الذي استمر يومين، تعرف المشاركون على تفاصيل المنهج الفنلندي وكيفية تطبيقه، ودعت النقيبة جوجو رئيس الحكومة الى اعادة النظر في المرسوم 491 والرجوع عن قرار قبول الطفل بعمر سنتين وثمانية اشهر في المدرسة، بينما الامثل ان يقضي الطفل سنواته الست الاولى في الحضانة كما هو معمول به في فنلندا.

بقي ان نقول، الحضانة ليست فقط للنطارة ولا هي مجرد وظيفة او باب رزق، ومن واجب الأهل القيام ببحث مستفيض لتحديد الحضانة الانسب لطفلهم ومعرفة هل المشرفون عليها مؤهلون ومدربون، ومن خلال عيون وفرحة طفلكم الصغير ستعرفون انكم نجحتم في اختيار الحضانة المناسبة له.

=====================

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب