الإبداع الفني اللبناني يتجلى في FaceLyne: بجاذبية ساحرة فن حديث يرسم الوجوه من خلال الخيوط

تحقيق الدكتور طوني وهبه

وطنية - الإبداع  سمة المجتمعات المتقدمة، ووسيلة أساسية لتقليص الفجوة الحضارية والعلمية بين الأمم، وعامل حاسم في تقدم المجتمعات في مختلف مجالات النشاط الإنساني، ويمكننا القول إن أي مجتمع لا يمكنه الارتقاء دون وجود أشخاص مبدعين في مجالات عدّة.
لذلك، تخصص الدول المتقدمة مراكز أبحاث متخصصة لاكتشاف المواهب والعمل على صقلها وتطويرها، وصولا الى نجاحها وشهرتها حتى ترفع اسم بلادها على المستوى العالمي.
الإبداع الفني اللبناني يتجلى هنا مع الفنان المبدع الدكتور علاء هلال الذي يرسم لوحات فنية رائعة تحاكي العقل والخيال وتلامس القلب ورقة المشاعر، يتفنن بصنعها بالخيط فقط، انها " فايسلاين" فن الرسم بالخيط. وقد خصنا بهذا اللقاء ليحدثنا عن هذا الفن الجديد.

 

ما هو FaceLyne؟
FaceLyne هو مشروع فني رائد يجمع عوالم الإبداع، الأصالة، والحرفية. يلتقط هذا المشروع المبتكر، والذي يطبق لأول مرة في لبنان، الحداثة في الفن من خلال نسج صور شخصية فريدة وبجاذبية ساحرة. في جوهره، يستخدم FaceLyne تقنية فن الخيوط لصياغة صور معقدة وآسرة للأفراد. فمزيج من الفن والعلم ومن خلال تحليل مكونات الصورة والفهم الشامل لشكل الوجه، ينسج بشكل يدوي ما لا يقل عن السبعمئة متر من الخيوط بدقة حول إطار أجوف لتشكيل التفاصيل المعقدة لوجه الشخص وإظهار سماته المميزة بشكل ابداعي ثلاثي الأبعاد. والنتيجة هي قطعة بصرية مبهرة تجمع بين التعبير الفني والدقة الفنية، وتعرض جمال كل من الوجه العمل الفني نفسه.

من أسس FaceLyne وكيف كانت بدايته؟
بدأ مشروع FaceLyne بسعي خلاق من مؤسسه الدكتور علاء هلال، من أجل دمج الفن والعلم والابتكار في منحى فني فريد. يحمل الدكتور هلال درجة الدكتوراه في معالجة الصور الرقمية والهندسة الطبية الحيوية من الجامعة اللبنانية وجامعة تروا للتكنولوجيا في فرنسا منذ عام ٢٠١٣. ومنذ ذلك الحين يعمل كأستاذ محاضر وباحث في الجامعة اللبنانية. استطاع خلال هذه الفترة من توسيع معرفته في معالجة الصور الرقمية وتطوير واكتساب خبرة بحثية وتطبيقية في مجالات فهم وتحليل الصور الطبية، فحص وتدقيق الصور الجنائية، ومعالجة الصور البيو-مترية. بشكل مرادف رافق المسار الأكاديمي للدكتور هلال شغف بتوظيف معرفته العلمية في اكتشاف آفاق جديدة للإمكانيات الفنية داخل التكنولوجيا.
وفي حزيران ٢٠٢٢ أدرك الدكتور علاء هلال الإمكانات الكامنة لفن الخيوط لتجاوز الحدود التقليدية وبث الحياة في صور الوجوه، أي بورتريه. فكانت البداية بنسج صورة من الخيطان لولده ومن ثم بضعة صور إضافية. استطاع الدكتور هلال من بعدها من معالجة الطرق والسبل العلمية الضرورية وتمكن من تطوير التقنيات المطلوبة وتحسينها. وما بدأ كتجربة فنية سرعان ما تطور إلى مشروع مبتكر، مما جعل لمشروع FaceLyne هوية ومكانة رائدة في المشهد الفني.

ماذا وراء التسمية FaceLyne؟
بالنسبة للتسمية، يختصر اسم FaceLyne، معنى رسم الوجه من خلال الخيط ويعكس جوهر الرؤية الفنية بتجسيد جوهر وجمال وجه كل فرد.  اختيار تهجئة "Lyne" بحرف "y" بدلاً من "i" يضيف لمسة من التفرد والإبداع عن التهجئة التقليدية ويعكس التزام الابتكار الفني والأصالة. كما يضفي على الاسم طابعًا عصريًا وأنيقًا يتماشى مع الهدف المتمثل في تقديم لوحات فنية معاصرة وجذابة بصريًا.

تاريخ فن الخيوط 
يمكن إرجاع مفهوم فن الخيوط إلى ثقافات مختلفة، بما في ذلك قدماء المصريين والبابليين وعلماء الرياضيات اليونانيين، الذين استخدموا أنماطًا هندسية بسيطة كرسوم توضيحية رياضية. وبالرغم من بدايته كتجربة رياضية، لم يمض وقت طويل قبل أن يدرك الفنانون قدرته على نقل الجمال والأشكال متجاوزاً حدوده التقليدية. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، اكتسب فن الخيوط شعبية كبيرة كشكل من أشكال الفن والديكور. غالبًا ما كان يستخدم لإنشاء تصميمات مجردة، بالإضافة إلى تمثيلات للأشياء الطبيعية مثل الحيوانات والنباتات. فتحول من مجرد هواية إنشاء تصميمات هندسية إلى مساحة من التعبير الفني اللامحدود.

كيف يمكن توصيف الحداثة في FaceLyne وكيف تصنع اللوحة
يبرز FaceLyne في عالم فن الخيوط من خلال إعادة تصور هذه التقنية التقليدية وغرسها بمستوى جديد من الفن والابتكار.
في الشكل، على عكس فن الخيوط التقليدي الذي غالبًا ما يتميز بسطح مستوٍ، يقدم FaceLyne بُعدًا فريدًا من خلال صياغة اللوحات على حلقات دائرية مجوفة. لتحقيق التفاصيل الدقيقة المطلوبة، يتم وضع نظام معقد من المسامير بشكل استراتيجي وبتوزيع متساوٍ على طول محيط الحلقات، مما يضمن تمدداً موحدًا في جميع أنحاء العمل الفني بأكمله. تعمل هذه المسامير كنقاط تثبيت للخيوط المنسوجة بدقة. ما يجعل هذا الترتيب رائعًا حقًا هو تركيب الخيوط على كل المسافة المتوفرة من طول المسامير المغروسة على الحلقات الدائرية المجوفة مما يضيف عمقًا ثلاثي الأبعاد إلى العمل الفني النهائي.
في الجوهر، لا يكمن ابتكار FaceLyne في تقنيته الدقيقة فحسب، بل يكمن أيضًا في استخدامه لعلوم معالجة الصور الرقمية المتطورة مع اللمسة الفنية الضرورية من أجل تحليل الصور. إن اندماج الفن والدقة العلمية هو حجر الزاوية في إنشاء كل صورة. يضمن النهج العلمي وضع المسامير بدقة، ودقة الخيوط، والسلامة الهيكلية للحلقات المجوفة. بينما توفر المقاربة العلمية الأساس، فإن الجانب الفني يجلب الروح والعاطفة التي تجعل كل صورة FaceLyne رائعة حقًا حيث تبدأ مقاربة كل صورة برؤية فنية، كسيمفونية من الأشكال والظلال المصممة بدقة لالتقاط جوهر الموضوع. يصبح التآزر بين هذين المجالين واضحًا عندما تتشكل اللوحة. تندمج الحسابات العلمية مع الحدس الإبداعي، حيث يعمل كل منها في تناغم لإنشاء عمل فني يتجاوز حدود الأشكال الفنية التقليدية ويثير المشاعر والقصص والروابط
 
من هم الأشخاص الذين يطلبون لوحة FaceLyne
كل قطعة فنية من إنتاج FaceLyne هي أكثر من مجرد ترتيب للخيوط، إنها شهادة على التجربة الإنسانية. فكان هناك حصة للعشاق والأزواج حيث تكون اللوحات كرموز خالدة للعاطفة والرابط الذي يشابك قلوبهم.
بالنسبة لأولئك الذين فقدوا أحباءهم، تكون هذه اللوحات بمثابة تكريم رقيق، يساهم في الحفاظ على الذكريات العزيزة بشكل ملموس فتعمل كرفقة صامتة، تقدم العزاء والرفقة.
أما بالنسبة للصور العائلية، تشابكت الخيوط لتلتقط جوهر الوحدة والحب داخل الأسرة، فكان هناك لوحات للأم أو الأب مع ولدها، وللولد مع أفراد أسرته.
كذلك الأمر، احتلت لوحات فن الخيوط مكانة للتعبير عن الامتنان. فأصبحت رمز لإظهار تقدير للأصدقاء أو الزملاء بشكل ملفت للنظر. وايضاً نسجت FaceLyne صور لشخصيات مُلهمة ومؤثرة كتذكير يومي بتطلعاتهم وقيمهم. فكان هناك مساحة لشخصيات وطنية، دينية، سياسية، فنية، أدبية، ورياضية.

كيف تبرز القيمة العاطفية للوحات FaceLyne
تحمل صور FaceLyne أهمية عميقة تتجاوز جاذبيتها الجمالية. تمتد هذه الأعمال الفنية الفريدة من تأثيرها إلى لحظات من التعاطف والدعم، حيث تصبح هدايا صادقة لمن يمرون برحلات صعبة، كالمرضى والمغتربين وكل شخص يخوض معركته في هذه الحياة. من خلال التشابك المعقد للخيوط، لا تلتقط هذه الصور وجوه الأفراد فحسب، بل تلخص أيضًا قوتهم ومرونتهم وروحهم. فتنقل بالتالي رمزًا للتضامن والأمل والتشجيع وتذكيرًا ملموسًا بالحب الذي لا يتزعزع والدعم الذي يحيط بهم، مما يلهمهم لمواصلة القتال بعزم ونعمة.
أين مكانة FaceLyne اليوم؟
بعد مرور ١٣ شهر فقط من إنشائه، يقف FaceLyne كشهادة على الإبداع الدؤوب والتفاني الذي لا يتزعزع. بفخر عميق، قمنا بصياغة أكثر من ٤٥٠ صورة للعملاء الأعزاء على الصعيدين المحلي والعالمي. لم تعرض هذه الرحلة الرائعة الإمكانيات اللامحدودة لفن الخيوط فحسب، بل سمحت لنا أيضًا بأن نصبح جزءًا من قصص عدد لا يحصى من الأفراد، والتقاط جوهرهم والحفاظ على ذكرياتهم في خيوط فنية. هذا النمو السريع هو شهادة على التزامنا بدفع الحدود الفنية ونشر جمال فن سلسلة FaceLyne الفريد على نطاق واسع.

هل من لحظات أو ذكريات مؤثرة ترافق صناعة هذه اللوحات
مما لا شك فيه، أن رحلة إنشاء هذه اللوحات الفنية تميزت بلحظات وذكريات مؤثرة بعمق يتردد صداها مع جوهر هذا الفن. من ناحية، كان لدى FaceLyne امتياز صياغة صور شخصية تمثل إشادة صادقة لأولئك الذين رحلوا، فهناك من يخلد ذكرى والده أو والدته بلوحة فنية من عملنا وانتاجنا. إن هذه العملية تقدم رمزا عميقا بإحياء ذكرى حياتهم.
من ناحية أخرى، يشكل هذا الإبداع الفني وسيلة لتوفير الدعم لأولئك الذين يكافحون المرض، ولا سيما المستعصي منه. نسج FaceLyne خيوط الأمل والرحمة في صور هؤلاء المحاربين، لإيصال رسالة القوة والدعم من خلال الفن. يبرز أحد الأمثلة المؤثرة - صورة مهداة في عيد الحب الماضي من زوج محب لزوجته، التي كانت تكافح بشجاعة السرطان. بشكل مأسوي، أخذ القدر منعطفًا غير متوقع، وخسرت هذه البطلة معركتها منذ أقل من شهر. في أعقاب وفاتها، اكتسبت صورتها تكريمًا دائمًا، وتجسيدًا جميلًا للحب الذي شاركته والذكريات التي خلقتها. تقف هذه اللوحة الآن ليس فقط كقطعة فنية رائعة ولكن أيضًا كوعاء من المشاعر. تذكرنا هذه الأمثلة بالتأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه الفن على التجربة الإنسانية، حيث تقف هذه اللوحات الآن ليس فقط كقطعة فنية رائعة ولكن أيضًا كوعاء من المشاعر يصنع سردًا يتردد صداه في حياة وتجارب متنوعة.

أهداف FaceLyne
عندما نتعمق فيما يتم إنتاجه من خلال FaceLyne، يصبح من الواضح أن هذا المشروع هو أكثر من مجرد مسعى فني. فأهدافه تشمل رؤية متعددة الأوجه تجمع بين التميز الفني والرنين العاطفي والتأثير المجتمعي.
على صعيد مباشر، FaceLyne مدفوع بالتزام عميق بإحداث تغيير إيجابي في حياة الناس. تمتد الأهداف إلى تعزيز الشعور بالمجتمع والتجارب الإنسانية المشتركة. وبالتالي يكون السعي إلى إلهام روابط ذات مغزى من خلال هذا الفن، سواء من خلال الاحتفال بالحب، أو إحياء ذكرى معالم الحياة، أو تقديم الراحة في أوقات الضياع.
من خلال هذه الأبعاد المختلفة، تهدف FaceLyne إلى إظهار القوة الدائمة للفن لإثارة المشاعر ورواية القصص والمساهمة في الصالح العام للأفراد والمجتمع ككل.
على صعيد الوطن، يسعى الدكتور علاء هلال، مؤسس مشروع FaceLyne، إلى وضع اسم لبنان على الخريطة العالمية لهذا النوع من الفن بالإضافة إلى تعزيز الفخر بالفن اللبناني من خلال تقديم FaceLyne كعلامة رائدة في الرسم من خلال فن الخيوط.

                            ============ ج.س

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب