البترون عاشقة البحر وشامة على وجنات الشاطىء اللبناني عريقة في التاريخ ومقصد لالاف السياح آثارها الضائعة من يعيدها الى الواجهة؟

 

 
 
 
البترون - غسان عازار 
 
 
 
 
البترون مدينة شمالية اثرية على الشاطىء اللبناني، هي عاصمة القضاء المؤلف من 67 بلدة وقرية، تربطها طريق دولية طرابلس - بيروت. تبعد عن الاولى مسافة 30 كلم وعن الثانية 50 كلم، تشهد حاليا تنفيذ مشروع الطريق السريع، المعروف بالاوتوستراد الذي يصلها بجرود تنورين وقد شارف على نهايته، كما تشهد وثبة سياحية وعمرانية، لكنها تحتاج الى من ينتشل آثارها المطمورة. 
 
 
فالمدينة الشمالية يستحق ابناؤها ان يكونوا ورثة عصور لما تختزن من آثار وتراث، وان زوارها وان عرفوا هذه المدينة بشاطئها الرملي النظيف ومنتجعاتها السياحية وصروحها التربوية ومحالها ومصارفها ومشفاها الى توسع رقعتها السكنية وازدياد عدد انديتها الليلية التي تتميز بها حداثة وتألقا في تأمين الراحة لهم فضلا عن المستثمرين وما تشهده من نمو في سوق العقارات وقطاع البناء، فهي عريقة بتاريخها، فقد حباها الله موقعا استراتيجيا تتفرد به عن سائر المدن الساحلية على الشاطىء اللبناني ـ ساحل بحر الحضارات من خلال الموروثات الطبيعية مما جعلها محط انظار الشعوب والدول عبر التاريخ. 
 
 
 
 
مدينة الانسان الاول 
 
 
 البترون من اقدم مدن الساحل، عامرة بالسكان على مر العصور. كانت، من شاطئها الى اعلى قمم القضاء، مكسوة بالغابات وتكلل قممها الثلوج، لقد عرفها الانسان الاول منذ ان سكن المغاور والكهوف على امتداد ضفاف نهر الجوز، توطن فيها تاركا بقايا صوانية من فؤوس وسكاكين ومناجل وجواريش كان يستخدمها، فعرف زمانه بالعصر الحجري منذ حوالى ثلاثماية الف سنة وكان انسان ذلك العصر يصطاد فرس النهر والغزال من الحيوانات. ويروى انه عثر على عظام متحجرة لغزلان وعلى ادوات صوانية تكشف بأن البترون وجوارها من اكثر المراكز الاثرية غنى بالادوات الصوانية، فضلا عن الفخاريات المتنوعة والاختام التي تدل على عصور التاريخ المدون وقد اغتنت بها المتاحف العالمية. 
 
 
"بوتريس" ــ عنقود العنب 
 
 
تعرف البترون ب "بوتريس" اي عنقود العنب وقد سماها اليونانيون هكذا تشبها بعنقود العنب المعصور خمرة من كرومها. كما تعرف بتكريمها اله الخمر باخوس لغنى كرومها بالعنب اللذيذ الفاخر، فأقامت للعنقود رسما نقش على حجر. وهي كما وصفها الشاعر اليوناني نونوس انها على شكل امير فينيقي يولم لاله الخمر "ديونيسوس" الى مائدة في قصره، الا ان زراعة الكرمة عادت من جديد على يد ابنائها حفاظا على ارث الاجداد، ويستدل على انتشار كروم العنب في البترون من بعض اسماء الاحياء في ربوعها. فمثلا يطلق على حي في البترون اسم "الخميريات" ويعتقد البعض بان اسم هذا الحي مشتق من الخمر. كما يطلق على حي آخر في المدينة اسم الخصايل، ويرجع البعض تسميته الى خصلات اي بقايا غلال الكروم بعد قطاف العنب. 
 
 
زلزال 551 ب.م 
 
 
تحتضن البترون معالم اثرية عريقة، وقد دفن معظمها في اليابسة وفي قعر البحر من جراء زلزال 551 ب.م فهدم قلعتها البحرية وطمر جانبا من مدرجها الروماني ناهيك عن مرفئها التاريخي الذي تحولت مراكبه الى حطام مكدسة، فدعي الجبل الذي زحف جانبا منه في البحر بجبل "الشقعة" فيما كانت المراكب ترسو في تلك المحلة اتقاء من العواصف وهيجان البحر. ويذكر الغطاسون ان آثارا من حطام المراكب لا زالت في قعر البحر واعمدة ومربعات صخرية ترجع الى القلعة البحرية، وهناك خواب فخارية تمكنوا من جمعها وقد حولوها الى تحف في منازلهم ومتاجرهم ارثا من الجدود. 
 
 
الموقع والحدود 
 
 
تربض البترون على شاطىء من سلسلة صخرية رملية وسهل ضيق يرويه نهر الجوز بواسطة قناة رومانية جرت فيها مياه النهر الى سهولها وقد خربت في عهد الاتراك. يحدها من الغرب البحر الابيض المتوسط ومن الجنوب كفرعبيدا ومن الشمال كبا ومن الشرق اجدبرا وعبرين. 
 
 
 
 
 
 
الاسم في ذاكرة التاريخ 
 
 
لقد ورد اسم البترون لاول مرة في التاريخ في رسائل تل العمارنة التي ارسلها ملوك المدن الفينيقية الى فرعون مصر امينوفيس الرابع (1370ـ 1335 ق.م) وجاء في رسالة نقشت بالحروف المسمارية يطلبون فيها النجدة لرد الغزاة الاموريين بقيادة عبد اشيرتا. وجاء في رسالة بعث بها ملك جبيل رب عدي الى فرعون مصر امنحتب الثالث (1390ــ 1353 ق.م) والى ابنه وخليفته امنحتب الرابع (1352ــ 1338 ق.م) لطرد غزاة التحالف الحثي الاموري ومضمونها ما كان يجري حوله من مشاكل واضطرابات بسبب طموحات عيدي اشيرتا الاموري وابنه عزيرو ملك الحثيين المرابط في شمالي البترون وكانا يعملان للتوسع على حساب السيادة المصرية على تلك المنطقة. وكانت البترون يومها تتبع جبيل. وورد اسم البترون في هذا النص : لم يبق لي سوى جبلة ويقصد (جبيل) وبترونه وهو اي (عزيرو) يفكر باخذهما مني. كما ذكرها الجغرافي الشهير سترابون حين قال: ان قوما من الاوباش يملكون البترون، واشار اليها الاب لامنس بقوله: ان القنصل الروماني بومبيوس في العام 64 ق.م قوض ابنية البترون لحلول اصحاب الجنايات فيها يقصد الايطوريين سكان جيغرتا اي المنطقة الممتدة من المدفون حتى عبرين ــ حامات وجه الحجر، الهري (جيغرتا ارض المغاور). 
 
 
ويذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي بان ايتوبعل الذي حكم بين سنتي 878-856 ق.م هو الذي بنى البترون وقلعتها حصنا لمملكة الفينيقيين ولرد الغارات عن السواحل الفينيقية وسماها الصليبيون بوترونBoutron. فيما يرجح البعض ان ايتوبعل هو الذي رمم القلعة وحصنها في وجه الخطر الاشوري الذي بدأ يهدد شمالي لبنان منذ عهد تغلت فلاصر الاول (1115ــ 1093 ق.م) يوم ضربت جبيل والبترون وصيدا وسقطت بما فيها البترون تحت رحمة الفاتح الاشوري اشور ناصر بال الثاني 884ــ 859 ق.م فيما اصبحت السيادة في القرن التاسع قبل الميلاد لمدينة صور. 
 
 
القلعة البحرية 
 
من معالم المدينة، القلعة البحرية ـ فينيقية، فهي القسم القديم من المدينة الحالية. يذكر ان ملك صور ايتوبعل الاول الذي بنى البترون في القرن التاسع ق.م لحماية مملكته من الغزو الاشوري، واكتسبت المدينة شهرة وتوسعت حتى نهاية العصر الفينيقي، ومع بسط زعامة صور على العالم الفينيقي برا وبحرا عمل ملكها على ازدياد عدد سفنها وتوسعت في بناء مدن تتبع لها لاسيما قرطاجة واوتيكا وغيرها من المدن في افريقيا الشمالية وصولا الى البرازيل حيث شوهدت كتابة على احد صخورها تشير الى هذا الملك الذي مع ذكرنا لاسمه كان لا بد من ان نذكر اسم ابنته اوروب التي سميت القارة الاوروبية تيمنا بها وتخليدا لمآثرها، كما نذكر اسم شقيقها قدموس الذي اطلق عليه اسم "معلم العالم". ويذكر ان القلعة استخدمها العرب والصليبيون والمماليك والعثمانيون. مع الإشارة بأنه في زمن أيتوبعل انحبس المطر مدة 3 سنوات وعم الجفاف مما حدا بالملك إلى تقديم الذبائح وتأدية الصلوات للآلهة التي استجابت لدعائه. 
 
 
الاسم ومعناه 
 
 
يرجع البعض ايضا تسمية البترون الى السريانية "بت طرونا" ومعناها محلة المقدم وبيت الرئيس نسبة الى "مقعد المير" (معلم بتروني بحري) ومنهم من يعتبره من جذر سامي مشترك، (ب،ت،ر) بتر وشق وقطع، وعليه يكون الاسم فينيقيا. وعندما سيطر الاغريق على المنطقة اطلقوا على البترون اسم بوتريس وكانت منطقتها آنذاك غنية بالكروم واحتفظت باسمها الاغريقي حتى عصر الرومان، اما العرب فقد اطلقوا عليها اسم بترون، وعندما سيطر الصليبيون على المنطقة اطلق على البترون اسم Boutronوكانت تابعة لكونتية طرابلس. 
 
 
البترونيون مواطنون رومانيون 
 
 
شهدت البترون اهمية بارزة في الفترة التي امتدت من العام 64 ق.م الى العام 330 م عندما دمر القائد الروماني بومبيوس حصون الايطوريين في البترون وكبا وسلعاتا وحامات وحنوش. فقد اصبحت البترون في ما بعد مدينة مستقلة لها حق صك النقود بين2 ق.م و235 ب.م أي منذ ايام حكم الامبراطور اوغسطس قيصر حتى ايام حكم اسكندر سفيروس. وتظهر في النقود رسوم لاباطرة رومان ورسم لعشتروت ورسم لديونيزوس اله الخمرة، كما منحت البترون حق المواطنة الرومانية سنة 47 ق.م على يد يوليوس قيصر. ويذكر ان القراصنة اتخذوا من المدينة ومرفئها قاعدة للاغارة على السفن التجارية لحكم موقعها جنوبي رأس الشقعة وجنوب غرب ممر قلعة المسيلحة وذلك خلال عصر السلوقي خلفاء الاسكندر في غربي آسيا. وقد تمكن انطيوخوس الثالث العظيم (223 ــ 187) ق.م من القضاء عليهم. وفي آخر العصر السلوقي، ظهرت قبائل العرب الايطوريين والتي كانت تتكلم الآرمية، فأسست لها دولة في لبنان الشرقي وحوران وفلسطين، وتمكنت ان تضم اليها الشاطىء اللبناني الممتد بين صيدا ورأس الشقعة. 
 
 
 البترون ايام الصليبيين 
 
 
ومع سقوط البترون بايدي الصليبيين في العام 1104 اصبحت المدينة تابعة لكونتية طرابلس، وحكمتها عائلة داغو الفرنسية وكانت القلعة مركز حكمهم. وقد سجلت هذه الحقبة ازدهار المطاحن المائية على ضفاف نهر الجوز. 
 
 
 
 
البترون والمتصرفية 
 
 
عرفت مدينة البترون وميناءها حالة ازدهار في المرحلة الممتدة من العام (1861الى العام1914) باستثناء سنوات الحرب العالمية الاولى (1914ــ 1918) وكان قضاء البترون يتألف من سبع مديريات هي: البترون، اهدن، بشري، حصرون قنات، دوما، تنورين. وفي العام 1864 اصبحت قائمقامية مستقلة، وكانت قد شكلت وكسروان مديرية واحدة. وكان مركزها مدينة البترون شتاء وحدث الجبة صيفا. وتعاقب على تولي مديرية شؤون البترون الساحلية: سمعان البيطار، وهبه نصور، اسعد بك ضو، ابراهيم بك عقل، يوسف سلهب. ويشهد على ازدهار البترون سوقها الاثري، دوائرها الحكومية، حاراتها، مطاحنها، معاصرها، قناطرها خاناتها التي ازدادت على 25 خان نذكر: خان مخايل الخوري من اقدم الخانات في المدينة. خان نخله النبتي، خان مناسه، خان سمعان مفرج، خان الدرك القائم في ملك حنا شاهين مقابل السراي ناحية الشرق، خان ساسين مخايل، خان الفاخوري، خان حنا راشد، خان نعيمه، خان رحمه، خان قديم عند تقاطع الحددي، صاحبه مجهول يعود الى القرن التاسع يقطنه آل فاعور حاليا. 
 
 
اما الانزال المخخصة للزبائن لتأمين حاجاتهم من طعام وشراب ومنامة فهي: نزل لولو البربري. الطابق الارضي خصص للخيل والحمير والدواب وقسم الطابق الاول جناحين واحد خصص لصاحبه وعائلته وآخر يؤجر للزبائن. وقد زاره الجنرال غورو في العشرينات، ناهيك عن دارات فخمة تحمل في سقوفها رسوما وجدرانيات رائعة لا زالت تشهد على عبقرية الفنان يوسف الناكوزي. اما في السبعينات فقد شهدت البترون اقامة مجمعات تجارية وتجمعات سياحية في الثمانينات نذكر سان ستيفانو، منتجع الصواري، الاكوالند، فيلاج كلوب واندية ليلية. سراي البترون والمجلس البلدي 
 
 
عرفت البترون في العام 1897 المحكمة (السراي القديم) دشنت عام 1899 وبنيت في عهد المتصرف نعوم باشا. كما عرفت اول قومسيون بلدي في العام 1879 في عهد المتصرف رستم باشا بناء على عريضة قدمها الاهالي وقد أنشئ مع مجالس زحلة وجونية وطبرجا والعقيبه. وتوقف في الحرب العالمية الاولى لينطلق من جديد في العام 1927 وقد تألف أول مجلس بلدي من السادة: ضاهر بك البيطار رئيسا، يوسف ضو، فارس نقولا الخباز، راجي منصور، فارس كنعان الفغالي، يعقوب نادر، حنا ابو سلهب اعضاء. ووفق سجلات القومسيون تبين لنا أن الرؤساء الذين تعاقبوا بعد ضاهر بيك الزعني، هم رشيد قبلان، فارس بولس، اسكندر الخوري، إميل جالينوس الحكيم، أمين توما الفغالي وتوفيق مرعي ساره ومعظمهم أطباء. وتولى أيضا كل من الرؤساء إميل الزعني، شكيب دياب، حلمي عبد الرحيم، كسرى باسيل، أنطوان ناجور، ومارسيلينو الحرك. 
 
 
طبابة ثقافة وتربية وعرفت البترون على الصعيد الطبي مشفى اداره الدكتور توفيق ساره فضلا عن نهضة تربوية وثقافية. وقصد الطلاب مدارسها من البترون وقرى القضاء وكانوا يقصدونها سيرا على الاقدام في ما بعد خصص لها القسم الداخلي. 
 
 
وكانت من اولى المدارس التي تأسست في البترون مدرسة القلبين الاقدسين في العام 1888 بناؤها يقع قرب المينا ويعود الى العام 1843 كان سوقا تجاريا واهراءات. وفي العام 1918 تحولت المدرسة الى مأوى فرنسي للايتام واستمرت لغاية العام 1922 ومن ثم مدرسة الاخوة المريميين في العام 1904 وقد اقفلت المدرسة لمدة خمس سنوات من العام 1914 الى العام 1919 وحولها الاتراك الى سجن اعتقلوا فيه خصومهم المشتبه بولائهم لفرنسا. وتحولت المدرسة الى مدرسة للاباء الكبوشيين في العام 1956. فمدرسة راهبات العائلة المقدسة المارونيات بوشر بالبناء في العام 1914 وافتتحت في العام 1922 فمعهد علوم البحار الذي يرجع الى السبعينات ولم يبصر النور بعد في المناهج الذي تأسس من اجلها. وهذه طبعا عينة من المدارس وليس جميعها. 
 
 
وقد رافق نشوء المدارس صدور صحف ومجلات نذكر منها صحيفة النور تأسست في العام 1904، وصدرت بخط اليد لصاحبها انطوان ابراهيم ومكان صدورها قرية مسرح في وسط بلاد البترون. العثماني في العام 1909 لصاحبها اسطفان ضو مكان صدورها البترون. مشهد الاحوال في العام 1910 لصاحبها اسعد ضو. النصر في العام 1948 لصاحبها ابراهيم منصور منعم مكان صدورها البترون. السفير في العام 1915 لصاحبها الياس الحويك ومكان صدورها بيروت. 
 
 
وفي بلاد الاغتراب، المنارة في العام 1901 لصاحبها فارس سمعان نجم مكان صدورها ساو باولو البرازيل، النور في العام 1907 الاسكندرية مصر، الحياة الجديدة في العام 1907 لصاحبها جورج عساف من شبطين ومكان صدورها بونس ايرس ـ الارجنتين، الميزان في العام 1909 لصاحبها اسطفان وجورج الغلبوني من البترون مكان صدورها ساو بولو ــ البرازيل. اما على الصعيد الزراعي فقد عرفت البترون زراعة الكرمة والحبوب والحمضيات والخضار والتوت وقد تمت هذه الزراعة مع الامير فخر الدين وتميزت بدواليها وبغزل الحرير، كما عرفت النواعير لري المزروعات تعود الى القرن السابع عشر وما قبل وطواحين تدار بواسطة المياه.
 
معالم البترون 
 
 
السور الفينيقي 
 
 
تتفرد البترون عن سائر مدن العالم بسور فينيقي طبيعي يعد من اعاجيب الدنيا، وهو كتلة صخرية رملية عمل الاقدمون على نحتها بادواتهم الظرانية البدائية للوقوف في وجه الغزاة ولرد هيجان البحر. يبلغ علو السور من 4 الى 5 امتار وعرضه اكثر من متر، اما قاعدته فصخرية طبيعية. لقد انهار جزء منه منذ زمن بفعل هيجان البحر والامواج حاليا لا يتعدى 225 مترا. ويذكر أن السور كما هو قائم يرجع إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقد عمل البترونيون على اقتطاع حجارة من الكتلة الرملية حيث السور لبناء قلعتهم ودور عبادتهم، منازلهم، محالهم، خاناتهم، نزلهم ومدارسهم. 
 
 
 
 
المدرج الروماني 
 
 
كما تحتضن البترون مدرجا رومانيا او مسرحا يقع في محلة مراح الشيخ شرق وسط المدينة وهو منحوت في الصخر على شكل نصف دائري ويظهر منه 9 درجات والباقي منه على امتداد المنازل . كما يحكى عن وجود حمامات مطمورة تحت الارض ويستدل المدرج على اهمية البترون وبخاصة على الصعيد الثقافي في الفترة التي تمتد من القرن الثالث الميلادي من العام 31 ق.م الى 250 ب.م، ومن معالم المدينة:  
 
 
- الاسواق القديمة: ترجع الى القرن التاسع عشر تتميز بعقودها من الحجر الرملي منازل وفنادق ونزل في الطابق العلوي وخانات ومحال تجارية في الطابق الارضي. 
 
 
- مقعد المير صخرة تقع جنوب شرق السور حفر فيها قديما من جهة الغرب باب درج والمقعد. 
 
 
- المرفأ منذ ان فتح التاريخ عيناه على البترون كان المرفأ وهو اشبه بالخليج الطبيعي. فقد نشطت المراكب الشراعية فيه محملة بالبضائع ابتداء من العام 1903. وكانت هذه المراكب تنقل الخشب والقمح من حيفا وعكا في فلسطين ومن مصر، والبطيخ والتين والشعير من صور وقبرص وفلسطين. وكان كل مركب يخصص اجود واكبر بطيخة لمار اسطفان تعلق على السارية وتباع بالمزاد العلني حيث يصل ثمنها احيانا الى 5 ليرات. وذكر المؤرخ ديودوروس الصقلي "ان مرفأ البترون كان مركزا مهما لصناعة السفن من خشب الارز الذي كان يقتطع من الغابات القريبة. وفي العام 315 ق.م بنى بحارة البترون اسطولا لانطيوخس السلوقي. وفي منتصف القرن التاسع عشر حققت البترون ازدهارا عبر مرفئها وكان الناس يسافرون منه الى بعض المرافئ الاوروبية وكانت الحركة التجارية ناشطة اضافة الى صناعة الملح وصيد الاسماك واصطياد الاسفنج، ويذكر الغطاسون ان الواحد منهم كان يصطاد ما يعادل 150 اسفنجة في اليوم اي في حدود 3 كلغ، فيما كان الكيلوغرام يراوح بين 40و50 اسفنجة واحيانا كان وزن الاسفنجة يصل الى حدود 2كلغ ، ويشير الغطاسون ايضا الى انه كان يقضي بان يخصص البحارة غلة نتاجهم من الاسفنج وليوم واحد الى سيدة البحر كتقليد سنوي في 15 آب من كل عام. 
 
 
- ونذكر من معالم البترون بركة بنت الملك، بقايا قصر روماني حي القلعة، حي البحر، بير القاضي حفره البترونيون في اواخر القرن التاسع عشر وشربوا منه لغاية العام 1961 وهي بالقرب من كاتدرائية مار اسطفان. ان المناطق التي يتألف منها الشاطىء: مخدة الجميل، الحلوة، الاساسية، البحصة، الغلاغيلي، العقدة. 
 
 
دور العبادة 
 
 
كاتدرائية مار اسطفان انجزت في مطلع القرن العشرين فيها ثلاثة مذابح: الرئيسي في الوسط على اسم القديس اسطفانوس والشمالي على اسم قلب يسوع الاقدس والجنوبي على اسم السيدة العذراء. 
 
 
كنيسة مار جاورجيوس بنيت في العام 1867، كنيسة السيدة، كنيسة سيدة الساحة 1898، كنيسة سيدة البحر لا يعرف تاريخ بنائها يوجد ايقونات رسمت في العام 1863، ومسجد شيد في العام 1955. 
 
 
 
 
انجازات 
 
 
شهدت البترون سلسلة من الانجازات ابرزها انشاء حديقة عامة، ترميم سوقها الاثري القديم، اقامه وصلات وتوسيع طرق داخلية ــ واقامة سلالم مرور رافقها استحداث مدخل رئيسي للمدينة ووضع شراع فينيقي وعلى مدخل السوق نصب بحار بلباس الغطس . والبترون تستعيد بمعالهما الحديثة ذاكرة المدينة القديمة، صيادي الاسماك، الاسفنج الذي يعود تاريخه الى ما قبل العام 1830. ويتميز ابناء البترون بقداس تقليدي، يحتفلون به على مركب في شاطىء المينا سنويا على نية البحارة في نهاية شهر حزيران مع انفتاح موسم البحر. فيرمي في نهايته البحارة اكليلا من الزهر على شكل ياطر عربون وفاء وتقدير وتخليدا لمن مات بحارتهم. وقد باشر البترونيون بعيد البحارة في 29 حزيران من العام 1965 بدعوة من كاهن رعية البترون آنذاك المطران فرنسيس البيسري. 
 
 
وزائر البترون كان يصبو نظره الى كباية ليموناضة طالما اشتهرت بها المدينة. وكانت ولا زالت اجمل ضيافة. اما طابع البترون القريب الى روح البلدات الساحلية جعل سكانها وبخاصة من الموظفين السكن فيها وتشييد منازل لهم وتعليم اولادهم في صروحها التربوية وانخراطهم في مؤسساتها الانسانية والاجتماعية والرياضية. 
 
 
 رئيس البلدية 
 
 
في سياق ما تحتاجه البترون في المحافظة على ارثها التقت الوكالة الوطنية للاعلام رئيس بلدية البترون مرسلينو الحرك فأبرز التطلعات بما يلي: 
 
بعد أن عملت البلدية على إبراز شوارع المدينة القديمة التي تشكل ثروة سياحية والعمل على استثمارها، أقامت البلدية نصبا تذكاريا لغطاسيها على مدخل الأسواق وحدثت مدخلها الرئيسي بطابع تراثي بحري يزدان بسفينة فينيقية وحاليا وضعت تمثالا تذكاريا لإبن المدينة الشاعر الدكتور ميشال سليمان في احتفال أقيم تحت رعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان ممثلا بوزير الطاقة والمياه جبران باسيل احتفاء بمرور 10 سنوات على رحيله. والتمثال من صنع الفنان بيار شديد. كما تتطلع البلدية إلى إنشاء بولفار بمحاذاة الشاطئ البتروني فيصل ميناء البترون بالسور الفينيقي وصولا إلى الشمال حيث نهر الجوز. 
 
 
وعلى هامش تكريم الراحل ميشال سليمان كان لا بد من أن نذكر مدى الصداقة التي كانت تربط الشاعر الراحل برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يوم كان آنذاك قائدا للجيش. 
 
 
 
 
ذات يوم زارني "كاتب التحقيق" المحتفى به رحمه الله بمكتب الوكالة الوطنية للاعلام في البترون وقال لي أستأذنك بأن ترسل لي فاكسا لحضرة قائد الجيش لأتقدم منه بالتهنئة بعيد الجيش. يردد مبتسما أنا ميشال سليمان الشاعر وهو ميشال سليمان القائد، لبيت طلبه. وهذا نص برقية التهنئة بخط يده مؤرخة بتاريخ 1 آب 1999: 
 
 
 
 
سيادة العماد ميشال سليمان المحترم 
 
 
قائد الجيش اللبناني 
 
 
تحية عاطرة كروحكم وبعد، 
 
 
حال حائل قاهر دون شكركم بالأمس، ودون تهنئتكم اليوم بعيدكم المجيد عيد الجيش اللبناني الباسل، ولكن سوف أقوم بما يترتب علي إن شاء الله. 
 
 
اهنئكم من القلب راجيا أن تظلوا على رأس المؤسسة العسكرية دفاعا عن لبنان واسلموا أعزاء. 
 
 
المخلص الشاعر الدكتور ميشال سليمان 
 
 
 
 
 
 
 
 
البترون-1 آب 1999 
 
 
هذه هي البترون مدينة الصفاء والتلاقي، كانت يوم كان الطريق الدولي القديم (بيروت ــ طرابلس) يخترق المدينة، تشهد حركة سير كثيفة من الازدحام. وبعد تنفيذ الاوتوستراد بيروت طرابلس اصبحت فيها حركة السير تقتصر على ساكنيها وزوارها. لقد عرفت البترون وجوها وطنية بارزة، ولمجلسها البلدي مبادرات وطنية. فشاركت بالمطالبة باستقلال لبنان وارسلت الوفود الى بكركي في تموز من العام 1919 لتحقيق هذا المطلب الوطني. 
 
 
 
 
ومن الاحتفالات ايضا الاحتفال بالعلم اللبناني في 24 ايار من العام 1920 بعد ان اعلن الجنرال غورو المفوض السامي الفرنسي في لبنان قيام دولة لبنان الكبير وذلك في احتفال كبير اقيم في قصر الصنوبر ــ بيروت وكانت البلدية قد احتفلت على نفقتها الخاصة باقامة الزينة. 
 
 
وجاء في سجلات البلدية: تقرر صرف مائتي قرش مصري الى يوسف موسى الفغالي في سبيل الاحتفال بالعلم اللبناني في 24 ايار 1920 وكما في المناسبات الوطنية كذلك في المناسبات الدينية كانت الاموال تصرف من صندوق البلدية. كما جرى في 15 ايلول 1918 عندما صرفت البلدية مبلغا قيمته تسعماية قرش عن ضيافات وتزيين السراي بمناسبة عيد الاضحى . كما نذكر من محاضر الكومسيون اذ قرر مجلس الادارة تفويض البطريرك الياس الحويك بالسفر الى باريس للدفاع عن مصالح لبنان في مؤتمر الصلح المنعقد في فرساي والذي سيتقرر خلاله مصير الدول العربية التي كانت خاضعة للسلطة العثمانية. وبما ان البطريرك كان مسافرا في جهة رسمية ومن اجل المصلحة الوطنية. فكان على كل بلدية ان تؤمن نقليات الوفود الذاهبة لوداع البطريرك كما جاء في سجل قرارات البلدية. وتقرر صرف مئتين وسبعين غرشا مصريا ليد الخواجه يوسف الطبشي وذلك بدل مصارفات الوفد اكل ومنامة لوداع غبطته 16 تموز 1919. ذاكرة البترون 
 
 
لقد اطلقت البترون رجالات في شتى المجالات، وسنقتصر في ذكرهم على الصعيد الوطني. ـ ابراهيم بك عقل مدير ناحية البترون نفي مع عائلته الى بلاد الاناضول من قبل السلطات العثمانية وكان السند القوي للبطريركية المارونية ايام ولاية صديقه البطريرك الياس الحويك بطل الاستقلال الحقيقي. لقب " برفيق الحويك" وكانت دارته في البترون محطة للبطريرك الوطني اثناء انتقاله من بكركي الى الديمان صيفا واثناء عودته من الديمان نهاية الصيف. رافق البطريك سنه 1919 لقيادة المفاوضات مع سلطة الانتداب لنيل الاستقلال. عارض عقل مع بعض الزعماء الوطنيين قانون الاحزاب العثماني الذي شاءت فرضه السلطات العثمانية فكانت معارضتهم السبب الذي دفع بهم الى النفي باعجوبة بدل الاعدام. ويروى عنه وهو في المنفى انه كان لا تغفو له عين قبل ان ينام رفاقه المنفيين. 
 
 
 
 
ـ النائب يوسف ضو، سلمه رئيس الوزراء رياض الصلح وثيقة الاستقلال، فاودعها كنيسة مار لويس للآباء الكبوشيين لتجنب وقوعها في ايدي سلطات الانتداب، واعتقل مع الرئيس بشاره الخوري ورياض الصلح وكميل شمعون وعادل عسيران . 
 
 
وفي التفاصيل، قبل ظهر الإثنين الواقع فيه 8 تشرين الثاني 1943 اجتمع مجلس النواب لإقرار التعديلات الدستورية التي اقترحتها الحكومة والتي تلغي المواد المتعلقة بالإنتداب الفرنسي وبعد التصويت على التعديلات وقّع المرسوم رئيس المجلس صبري حماده ورئيس الحكومة رياض الصلح ولم يعد ينقص سوى توقيع رئيس الجمهورية بشارة الخوري. وكانت قد بدأت تحركات الجنود الفرنسيين حول مبنى المجلس فتكفل أمين سر المجلس رفعت قزعون بإيصال المرسوم إلى القصر الجمهوري لكنه لم يستطع الخروج من المجلس، فحمل النائب يوسف ضو المرسوم وأسرع متخفيا إلى القصر الجمهوري، وبعد أن وقع رئيس الجمهورية المرسوم، حمله مجددا النائب ضو عائدا إلى المجلس ولدى وصوله كان الفرنسيون أحكموا الطوق فاتصل بالرئيس رياض الصلح من محل قريب وأبلغه أنه قرب مبنى المجلس ومعه المرسوم موقعا من رئيس الجمهورية فأشار عليه رئيس الحكومة بوجوب إخفائه في مكان ما مشددا على ألا يقع في يد الفرنسيين لأنه الوثيقة الدستورية الوحيدة التي تعلن نهاية الإنتداب الفرنسي. 
 
 
على الفور غادر النائب ضو ساحة المجلس وفي طريقه قرب كنيسة مار لويس للآباء الكبوشيين في محلة باب ادريس فخطر له أن يخبأ المرسوم بداخلها فدخل الكنيسة وتوجه إلى شمعدان موضوع على يمين المذبح فرفع الشمعة وأنزل المرسوم في داخله وأعاده كما كان وغادر. 
 
 
في 11 تشرين الثاني اعتقل الجنود الفرنسيون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعددا من الوزراء ونقلوهم إلى قلعة راشيا. وفي 22 تشرين الثاني افرج عن المعتقلين. توجه النائب يوسف ضو إلى الكنيسة وأخرج المرسوم من الشمعدان وسلمه إلى رئيس الجمهورية وتحقق الإستقلال. 
 
 
احداث لها تاريخ 
 
 
في العام 1158 ضرب زلزال سوريا ولبنان محدثا اضرارا في ابنية البترون ولكنه لم يؤد الى وقوع ضحايا. 
 
 
في العام 1820 ذكر زائر اجنبي مجهول الهوية ان مدينة البترون هي الوحيدة بعد الخروج من طرابلس التي يمكن للمرء ان يجد فيها ما يحتاجه في سفره. 
 
 
التقى البطل اللبناني يوسف بك كرم المتصرف داود باشا في منزل الشيخ ضاهر البيطار في البترون قبل مغادرته لبنان. استقبلت البترون جثمان الاديب جبران خليل جبران في 10 آب من العام 1930 وهو في طريقه إلى مثواه الأخير في بشري. وقد رفع البترونيون شارات سوداء حدادا على فقدانه. 
 
 
عام 1936 انحبست الامطار حتى مطلع كانون الاول فشحت المياه وتهافت الناس الى النواعير للتويد بالمياه. 
 
 
في 22 تشرين الثاني من العام 1943 اقفلت المحال التجارية في البترون احتجاجا على اعتقال زعماء البلاد. ورفع المجلس البلدي في البترون كتابا الى المفوضية الفرنسية في بيروت. 
 
 
في العام 1918 مر الامير فيصل في البترون وهو في طريقه من حلب الى بيروت واستقبل بحفاوة. 
 
 
في العام 1945 مر الملك فاروق في البترون وهو في طريقه الى الارز واستقبل بحفاوة. 
 
 
في العام 1973 زار سمو الأمير عبدالله حاليا ملك المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين البترون والتقى حلمي عبد الرحيم وهو في طريقه الى زغرتا للقاء الرئيس الراحل سليمان فرنجيه. 
 
 
في العام 1966 تألفت في البترون لجنة الآثار. 
 
 
في العام 1985 انضمت البترون الى منظمة المدن العربية مقرها الكويت. 
 
 
 
 
******************** 
 
 
 
 
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب