وطنية - اعتبر وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى أن "النوادي الثقافية والملتقيات الأدبية والروابط الفنية، وسائر ما يدخل تحت لواء الحراك الثقافي من تسميات، تسهم بشكل أساسي ومباشر في تشكيل الهوية اللبنانية الحقيقية، وإبراز معالمها المتميزة ."

وقال: "خصوصا في هذا الزمن الذي تستشري فيه الأزمات على غير صعيد، وتسيطر في المقابل العصبيات القاتلة على الخطاب السياسي لدى جهات بعينها، لا تزال مصرة على رفض الآخر والتنصل من رسالة العيش الواحد ومن اللقاء والحوار لاستيلاد الحلول، وذلك تحت ذرائع تعرف تلك الجهات قبل سواها أنها واهية وباطلة، لكنها تصر عليها لأسباب معلومة."

اضاف: "إزاء هذا ومن أجل أن يضاف على الثقافة فعل معرفي مؤثر، يكون من المستحسن أن يشكل الملتقى  الثقافي اللبناني وسواه من نظرائه، تيارات فكرية متجانسة الأصوات، كل في مجال نشاطها الثقافي، مع الاحتفاظ بالحرية الكاملة لكل صوت من أصواتها."

وتابع: "التجانس يختلف عن التطابق والتقليد، ويمنح أصحابه فرصة أن يشكلوا روافد لحركة ثقافية شاملة، يجتمعون فيها كما تجتمع السواقي المتفرقة في النهر الواحد. هكذا يصبح نشاطها المعرفي أشد تأثيرا، وبخاصة في المسائل التي تستلزم فهما جديدا للفكر وتجلياته، وإضافات غير مسبوقة على معنى الوجود الوطني والإنساني". 

كلام المرتضى جاء خلال رعايته وحضوره تدشين قاعة بإسم الشيخ الراحل فضل مخدر ضمن حفل اطلاق فعاليات الملتقى الثقافي اللبناني في بئر حسن، بحضور حشد من الفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية والاعلامية.
 

بداية النشيد الوطني ، وكلمة ترحيبية من عريف الحفل الاعلامي والكاتب روني الفا، ثم كلمة وزير الثقافة استهلها بالقول: "يروي صاحب البحار أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كانت له عمامة يقال لها السحاب، فوهبها للإمام علي عليه السلام. وكان ربما طلع فيها الإمام فيقول النبي: أتاكم علي في السحاب".
 

اضاف: "أصلح ما ينطبق على مناسبة الليلة أيها الأصدقاء، هذا الحديث الشريف ذو المعنى الواقعي المباشر، ولكن بشرط أن نأخذه بمعناه الرمزي غير المباشر."

وتابع: "الشيخ فضل مخدر الفقيه والشاعر الذي لاث الموت عمامته البيضاء، يطل علينا اليوم بعمامة أخرى من سحاب، غير منظورة ولا ملموسة، لتستضيفنا ذكراه في قاعة صغيرة من حجر، في هذا الملتقى الثقافي اللبناني، وعلى ضمائرنا أجمعين وشم سؤال: متى كانت الفضائل تسكن في بيوت، والشعر في أبنية؟ والحقيقة أن فقيد جبل عامل وكل لبنان، ما أطبق عينيه على منيته إلا لتفتح المحامد أجفانها على طيب تقوى وفصاحة شعر، وعلى إيمان بالله جل جلاله، وعلى اندفاع في سبيل الإنسان وحريته وكرامته، وتضحية من أجل الوطن وحقوقه وسيادته. هذه الفضائل والمبادئ والمواهب، كانت هي سكناه ومنازله في حياته وستبقى كذلك بعد وفاته، حتى لتضيق أي قاعة مهما رحبت، بأن تكون وحدها لذكراه مقاما."

وقال: "في أربعينه استشهدت بقوله: "إن وجود الإنسان الإنسان هو المعطى الوحيد الذي يكمن وراء الفن والجمال"، لأخلص إلى أنه، حتى في دراسته الإلهيات، كان يفتش عن الإنسان في أعماق كل فكر. ومن هنا جاء اهتمامه بالمواهب الشابة التي رأى فيها قنوات روحية تجري عبرها القيم باتجاه المستقبل. ومن هنا أيضا كان اعتقاده بأن الإنسان الذي من أجله صنع هذا الكون بما فيه، ينبغي له أن يبقى موفور العزة والكرامة، حرا في وطن حر، ليستطيع عمارة الأرض كما أوصاه ربه، فلم يتخلف أبدا عن مقارعة الاحتلال باعتباره نقيضا للكرامة الإنسانية والحق الوطني".

أضاف:"من شرفة هذه الفضائل التي يختزنها الراحل الذي له في اسمه منها نصيب، أطل على الملتقى الثقافي اللبناني، في حفل افتتاح مركزه وإطلاق فعالياته لأقول: لا شك في أن النوادي الثقافية والملتقيات الأدبية والروابط الفنية، وسائر ما يدخل تحت لواء الحراك الثقافي من تسميات، تسهم بشكل أساسي ومباشر في تشكيل الهوية اللبنانية الحقيقية، وإبراز معالمها المتميزة، خصوصا في هذا الزمن الذي تستشري فيه الأزمات على غير صعيد، وتسيطر في المقابل العصبيات القاتلة على الخطاب السياسي لدى جهات بعينها، لا تزال مصرة على رفض الآخر والتنصل من رسالة العيش الواحد ومن اللقاء والحوار لاستيلاد الحلول، وذلك تحت ذرائع تعرف تلك الجهات قبل سواها أنها واهية وباطلة، لكنها تصر عليها لأسباب معلومة. إزاء هذا ومن أجل أن يضاف على الثقافة فعل معرفي مؤثر، يكون من المستحسن أن يشكل ملتقاكم وسواه من نظرائه، تيارات فكرية متجانسة الأصوات، كل في مجال نشاطها الثقافي، مع الاحتفاظ بالحرية الكاملة لكل صوت من أصواتها."

وتابع: "فالتجانس يختلف عن التطابق والتقليد، ويمنح أصحابه فرصة أن يشكلوا روافد لحركة ثقافية شاملة، يجتمعون فيها كما تجتمع السواقي المتفرقة في النهر الواحد. هكذا يصبح نشاطها المعرفي أشد تأثيرا، وبخاصة في المسائل التي تستلزم فهما جديدا للفكر وتجلياته، وإضافات غير مسبوقة على معنى الوجود الوطني والإنساني. هذه التيارات عرفتها آداب العالم قديمها والحديث، أذكر منها في تراثنا العربي جماعة إخوان الصفا، والرابطة القلمية في عصر النهضة على سبيل المثال".
  
واردف: "لا تزال شجرة الثقافة عندنا في لبنان خضراء الغصون تؤتي ثمارها يانعة على الدوام. لأنها كما قلت مرة، وحدها تضع الموت في جيبها الصغير. تفتش دائما عن الحياة في الغد، قصيدة أو لوحة أو نحت تمثال، أو أغنية أو نقرة وتر. تستشرف الآتي لتبنيه جميلا. ترمم أوهان الحاضر. وتشرع للفكر آفاقا أبعد من المجرات. هكذا تعرفها وزارتها، وهكذا نعمل فيها من أجلها لكي تبقى سمة جوهرية بها يتحدد معنى لبنان."
 

وختم: "رحم الله الشيخ فضل مخدر، الباقي في أبيات شعره وفي هذا البيت وفي كل القلوب، عشتم عاشت الثقافة وعاش لبنان".

زغيب

وكانت كلمة لرئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور الشاعر الياس زغيب تناول فيها تجربته الشخصية وصداقته مع الراحل، وقال: "لم يعرفني الشيخ فضل مخدر على احد الا وصار اخا لي، وتسمية قاعة في المركز لفتة من نبل ووفاء ليبقى الشيخ يظللنا بفيء عمامته ودفء عباءته وسحر ابتسامته ."

حمادة

والقى النائب الدكتور ايهاب حمادة كلمة الملتقى، شكر فيها وزير الثقافة على رعايته وحضوره افتتاح المركز، لافتا الى مآثر الراحل الإنسانية والروحية والثقافية والاجتماعية.

وقال: "عظيمة هي فاعلية الأدب في التأسيس لنهضة المجتمعات، بما فيها ثوراتها، ومما لا يحتاج إلى كثير من النقاش وظيفة الأدب من موقع مركزي في المقاومة والمواجهة، خصوصا في ظل استهداف الشعوب من خلال الغزو الأدبي وهو فرع الغزو الثقافي، نحن نشهد حاليا استثمارا للأدب في تثبيط عزيمة الأمة، ودفعا باتجاه استسلامها، وتأتي محاولات التطبيع الأدبي مع العدو في هذا السياق، مضافا إليها إقصاء أسرة الأدب المقاوم والتضييق عليها بأساليب شتى، وهنا تظهر أهمية عمل الملتقى وأترابه خلال السنوات السالفة، وما أرساه رئيسه العلامة الراحل الأديب والشاعر الشيخ فضل مخدر(رحمه الله) من بناء مواجه مقاوم فرض وجوده ليس في لبنان فحسب، إنما على مستوى العالم العربي والإسلامي، بل نقله إلى حيز الفاعلية في الساحات الأخرى."

وأكد على رؤية الملتقى ورسالته، معلنا عن برنامج العمل الذي يشمل مجمل النشاطات الثقافية.

كما القت الشاعرة آيات جرادي قصيدة من وحي المناسبة .

                                                              =========