اعلان رسالة البابا في اليوم العالمي للسلام ال 56 في المركز الكاثوليكي 
العمار : بالايمان والرجاء نتعاون لمجابهة الكوارث
بطرس: لتعزيز الأخوّة وبناء ملكوت الحب والعدل والسلام

وطنية- المتن - أعلنت اليوم رسالة البابا فرنسيس  لمناسبة اليوم العالمي للسلام السادسة والخمسين بعنوان "لا أَحَدَ يَستَطيعُ أَن يُخَلِّصَ نَفسَهُ وَحدَهُ، نَبدَأُ مِن جَديد من covid-19 لِنَرسُمَ مَعَاً طَريقَ السَلام "، في مؤتمر صحافي في المركز الكاثوليكي للإعلام شارك فيه  رئيس اللجنة الأسقفية لوسائـل الإعـلام المطران أنطوان نبيل العنداري،  رئيس لجنة عدالة وسلام مطران صيدا للموارنة مارون العمّار ، النائب البطريركي البطريركي للسريان الكاثوليك لشؤون الشبيبة المطران جول بطرس ومدير  المركز الكاثوليكي الاب عبده أبو كسم.

 

العنداري

بداية رحب المطران العنداري بالحضور وقال :"أصدرَ قداسَةُ البابا فرَنسيس، في الثامِنِ مِن شَهرِ كانون الأَوَّل الحالي، رِسالَتَهُ  السنَوِيَّة بِمناسَبَة اليوم العالَمي السادس والخمسين لِلسَلام، مشيرا  الى ان "قَداسَته يُشَدِّدُ في رسالته على الأُخُوَّةِ وَالتَضامُن كَي نَسيرَ مَعَاً ونَبنِيَ مَعَاً السَلام وَنَضمَن العَدالَة. سَلامٌ ُيُولَدُ مِنَ المَحَبَّة الأَخَوِيَّة لِنَتَغَلَّبَ على الأَزَماتِ الشَخصِيَّة وَالإِجتِماعِيَّة وَالعالَمِيَّة. وإِذا ما استَطَعنَا أَن نَجِدَ لِقَاحَاً لِجائحَةِ الكورونا، فَلَم نَستَطِع، حتى الآن، إِيجادَ حُلولٍ مُناسِبَة لِلحُروب".

  وتمنّى العنداري للجميع" سَنَةٍ سَعيدَة تَنشُلنَا مِن لُجَّةِ ما نَتَخَبّطُ فيهِ مِن أَزَماتٍ مُتَلاحِقَة في هذا الوَطَنِ الجَريحِ وَالمُعّذَّب ، سَنَةٍ يَغمُرُهَا سَلامُ الرَبِّ وَيَنتَعِشُ فينَا الرَجاء".

 

العمار

ثم كانت كلمة للمطران العمار فقال:" من قلبِ المُعاناةِ التي ألمـَّتْ بالعالمِ أجمع، بسببِ وباءِ كورونا، استمدَّ قداسةُ البابا فرنسيس موضوعَ رسالتِه، بمناسبةِ اليوم العالمي السادسِ والخمسين للسلام، والذي تحتفلُ به الكنيسةُ الكاثوليكيةُ في بدايةِ كلِّ عام".

اضاف :" جاءَ في بدايةِ الرسالة، "السلامُ الذي يُولَدُ مِنَ الحبِّ الأخويِّ والمتجرِّد، يمكنُهُ وحدَه أن يساعدَنا على تغلُّبِ الأزماتِ الشخصيةِ والاجتماعيةِ والعالمية". وقد وضعَ عُنوانًا لهذه الرسالة: "لا أحد يمكنُه أن يَخْلُصَ بمُفرَدِهِ".

انطلق قداسةُ البابا من رسالةِ القديس بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي، الفصلِ الخامس، والذي يطلبُ الرسولُ فيه من أهل تسالونيكي أن يسهروا راسخينَ في إيمانِهم بانتظارِ مجيءِ يومِ الرب، الذي يأتي كالسارقِ ليلاً. ويُضيفُ قداسةُ البابا بأنَّ يومَ الربِّ يأتي عبرَ وقائعَ وأحداثٍ في تاريخِنا، وإنْ بَدَتْ هذه الأحداث أحيانًا مأسويةً، وشعرنا من خلالِها وكأننا نمرُّ في نفقٍ مُظلِم، وهذا ما حدثَ مثلا" في ظروفِ كورونا التي ألـمَّتْ بالعالمِ أجمع، والتي حصدَتْ بويلاتِها الكثيرَ من الناسِ وحتّى الكثير من المؤسساتِ والدول، الّتي زَرَعَتِ الرُّعبَ والخوفَ في قلوبِ الجميع، نظرًا للإعلامِ الواسعِ الذي رافقَ تطوراتِها عبرَ العالمِ أجمع، ولعددِ ضحاياها الكبيرِ من بين أهلِنا وأحبائِنا. والخطورةُ الأكيدة كانت تكمن في قربنا من أحبائِنا، وخصوصًا المعرَّضِين منهم للإصابةِ القاتلةِ بسببِ العُمرِ أو بِسَبَبِ مرضٍ يُعانونَ منه.

كورونا فرَّقَتْ ما بينَ أهلِ البيتِ الواحد، وما بينَ الجماعاتِ التي تعيشُ معًا في حيٍّ واحد أو في معملٍ أو في بلدة ما، أو داخلَ كنيسةٍ أو جامعٍ أو مُصَلًّى. ويُضاف إلى ذلكَ الخوف، الهشاشةُ التي ظهرَتْ في مجتمعاتٍ كثيرةٍ أو في دولٍ مختلفة، وقد أدَّتْ إلى خرابِ هذهِ المجتمعات، أو إلى زعزعةِ وجودِها، وأضعفتْ اقتصادَ دولٍ كبيرةٍ كُنَّا نَظنُّها بعيدةً عن هذه الحالة".

 

وتابع :" أظهرتْ كورونا ضعفَ العالمِ أجمع أمام فيروسٍ صغيرٍ، لا يُرَى بالعينِ المجردة، فاضطرَّ العالمُ أن يجمعَ جهودَهُ لكي لا يخسَرَ الكثيرَ الكثيرَ مِنْ أبنائِه واقتصادِه وسلامِهِ ورخاءِ عيشِه.

أمام هذه الويلاتِ وما رافقَها من أحداثٍ غيَّرتْ وجهَ العالم، ماذا يستنتجُ الإنسانُ المؤمنُ بالله، والمترقِّبُ يومَ الرب؟

أول استنتاجٍ وأهمُّهُ، كما يقولُ قداسةُ البابا، هوَ أننا جميعُنا ؛ كلُّ إنسانٍ وكُلُّ دولةٍ وكلُّ مؤسسةٍ وكلُّ مجموعةٍ، كلُّنا بحاجةٍ بعضُنا إلى بعض".

وتوقف العمار عند الوسيلةِ التي نصلُ من خلالها إلى اكتشاف الخير من الشر، ألا وهي ترقّبُ مجيءِ يوم الرب.

أتى الكورونا إلينا كالسارقِ ليلاً، وبدأ يفتكُ بالكونِ بشكلٍ مُخيفٍ جدًّا. فما هو دور الإنسان المترقبِ لهذا السارق؟

الإنسان المترقبُ، هو أول من يكتشف السارقَ ويتحضرُ لمواجهتِهِ بما يجبُ من وسائلَ دفاعيةٍ. وأهمُّ وسيلةٍ على الإطلاق هي عدم الخوف، لأنَّ الفيروسَ ليسَ هوَ سيدُ التاريخِ والحياة، وإن فتكَ بهما على هذه الارض، بل إنَّ سيدَ التاريخِ والحياةِ هوَ كلمةُ اللهِ الذي يقوينا في الصعوبات، ويزرعُ في قلوبِنا الأملَ الذي نتغلب به على الموت.

نحنُ، وكما يقول الرسولُ بولس، بسبب إيماننا بِكلمةِ الله، نُصبحُ أبناءَ النورِ وأبناءَ النهار، فلا يعودُ يُفاجئنا ابنُ الظلام، لأنَّنا ساهِرون ومتيقِّظون ولابسون درعَ الإيمانِ والمحبةِ، وخُوذةَ رجاءِ الخلاص. هكذا ننتصرُ ونحصل على الخلاصِ بربنا يسوع المسيح. إذ كنّا متيّقظين بالإيمان ومحصّنين بالرجاء نستطيع  أن ننفتح على الأخر ونتعاون معه للوصول إلى مجابهة الكوارث ، لأنّنا حينئذ نثق الخير الّذي فينا والّذي من خلاله نعمل معا"، وبصدق، واضعين وزنات كل منا على مائدة الصيارفة ليستفيد العالم من نعم اللّه المزروعة فينا والّتي ستثمر إن شاء اللّه خيرا" على الإنسانيّة جمعاء".

 

بطرس

ثم عرض المطران بطرس لرسالة البابا فرنسيس وقال : "وحده السلام الذي يولد من الحب الأخوي والمُتجرِّد يمكنه أن يساعدنا في التغلب على الأزمات الشخصية والاجتماعية والعالمية" هذا ما كتبة قداسة البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي السادس والخمسين للسلام ، وكتب فيها: "أَمَّا الأَزمِنَةُ والأَوقات فلا حاجةَ بِكُم، أَيُّها الإِخوَة، أَن يُكتَبَ إِلَيكم فيها لأَنَّكم تعرِفونَ حَقَّ المعرِفَة أَنَّ يَومَ الرَّبِّ يَأتي كَالسَّارِقِ في اللَّيل". بهذه الكلمات، دعا بولس الرسول جماعة تسالونيكي، التي كانت تنتظر اللقاء مع الرب، لكي تبقى ثابتة، بأقدام وقلوب مغروسة في الأرض، وقادرة على النظر باهتمام إلى وقائع وأحداث التاريخ. لذلك، حتى لو بدت أحداث حياتنا مأساوية وشعرنا بأننا قد دُفعنا إلى النفق المظلم والصعب للظلم والألم، نحن مدعوون لكي نُبقي قلوبنا مفتوحة على الرجاء، واثقين في الله الذي يحضر بيننا ويرافقنا بحنان ويعضدنا في التعب ولاسيما يوجّه مسيرتنا. لهذا السبب، يحث القديس بولس الجماعة باستمرار على السهر والبحث عن الخير والعدالة والحق: "فلا نَنامَنَّ كما يَفعَلُ سائِرُ النَّاس، بل علَينا أَن نَسهَرَ ونَحنُ صاحون". إنها دعوة لكي نبقى صاحين ولكي لا ننغلق في الخوف أو في الألم أو الاستسلام، ولكي لا نستسلم للتلهّي ولكي لا تثبط عزيمتنا وإنما لكي نكون مثل رقباء قادرين على السهر وعلى رؤية أنوار الفجر الأولى لاسيما في الساعات الأكثر ظلامًا .  

وتابع الأب الأقدس يقول":لقد دفعنا فيروس الكورونا إلى قلب الليل وزعزع استقرار حياتنا العادية، وقلب خططنا وعاداتنا رأسًا على عقب، وقلب الهدوء الظاهر حتى في المجتمعات الأكثر امتيازًا، وولد الارتباك والألم، وتسبب في وفاة العديد من إخوتنا وأخواتنا. وإذ دُفعنا في زوبعة التحديات المفاجئة وفي موقف لم يكن واضحًا تمامًا حتى من وجهة نظر علمية، تحرّك عالم الصحّة لكي يخفف آلام الكثيرين ويحاول أن يجد لها علاجًا؛ وكذلك السلطات السياسية، التي اضطرت إلى اتخاذ تدابير كبيرة من حيث تنظيم وإدارة حالة الطوارئ. بالإضافة إلى الأعراض الجسدية، تسبب فيروس الكورونا، مع تأثيرات طويلة المدى، بضيق عام تركّز في قلوب العديد من الأشخاص والعائلات، مع آثار لا يمكن إهمالها، غذّتها فترات طويلة من العزلة وقيود مختلفة للحرية. كذلك، لا يمكننا أن ننسى كيف أثر الوباء على بعض نقاط الضعف في النظام الاجتماعي والاقتصادي، وأدى إلى ظهور تناقضات وعدم مساواة. لقد هدد الأمن الوظيفي لكثيرين وزاد من حدة الشعور بالوحدة المتفشي بشكل متزايد في مجتمعاتنا، ولاسيما لدى الأشخاص الأشدَّ ضعفًا والفقراء. لنفكّر، على سبيل المثال، في الملايين من العمال غير الرسميين في أماكن عديدة من العالم، والذين قد تركوا بدون عمل وبدون أي دعم طوال فترة الحجر. نادرًا ما يتقدم الأفراد والمجتمع في المواقف التي تولد مثل هذا الشعور بالهزيمة والمرارة: فهو في الواقع، يضعف الجهود التي بُذلت من أجل السلام ويسبب صراعات اجتماعية وإحباطات وعنفًا بمختلف أنواعه. وبهذا المعنى، يبدو أن الوباء قد بلبل حتى أكثر المناطق سلامًا في عالمنا، وأظهر عددًا لا يحصى من الهشاشة والضعف".

 

وأضاف الحبر الأعظم، في القسم الثاني من رسالته الداعية للسلام، يقول أنّه" بعد ثلاث سنوات، حان الوقت لكي نأخذ بعض الوقت لكي نسأل أنفسنا ونتعلّم وننمو ونسمح بأن نتحوّل كأفراد وجماعات؛ وقت مميز لكي نستعدَّ لـ "يوم الرب".  

وقال بطرس: "من المفيد بنا أن نستعدّ، كأفراد وجماعات كنسيّة، لاستقبالنا العام الجديد، بنوع من مراجعة حياتيّة للعام 2022، فيسأل كل منّا نفسه: ماذا تعلّمت من الخبرات المؤلمة: حين فقدت شخص قريب، أو حين فشلت بعمل ما أم بعلاقة عاطفيّة... ماذا تعلّمت من خبرات جرحتني بكلمة، بموقف، بتصرف مؤذ...؟ ما الثمار المفيدة التي يمكنني أن أجنيها من هذه الخبرات السيّئة؟"  

اضاف:" إننا لا نخرج من الأزمات أبدًا مثلما كنا، إما نخرج أفضل أو أسوأ. ولذلك نحن اليوم مدعوون لكي نسأل أنفسنا، ما الذي تعلمناه من حالة الوباء هذه؟ ما هي المسارات الجديدة التي علينا أن نسلكها لكي نتخلى عن قيود عاداتنا القديمة، ولكي نكون مستعدين بشكل أفضل، ونتجرأ على الحداثة؟ ما هي علامات الحياة والرجاء التي يمكننا أن نراها والتي تساعدنا لكي نمضي قدمًا ونسعى لكي نجعل عالمنا أفضل؟"

وتابع:" نحن في لبنان، وبعد 25 سنة مضت على إصدار الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، ما هي علامات الرجاء الجديدة التي أراها في وطننا؟ نحن نُدعى أبناء القيامة والرجاء، أين أجد هذه العلامات في حياتي اليوميّة؟"

وقال:" بالتأكيد، بعد أن لمسنا لمس اليدِ الهشاشة التي تميز الواقع البشري وحياتنا الشخصيّة، يمكننا أن نقول إن أعظم درس تركه لنا فيروس الكورونا كإرث هو الإدراك بأننا جميعًا بحاجة إلى بعضنا البعض، وأن أعظم كنز لدينا، وإن كان الأكثر هشاشة، هو الأخوّة البشرية، التي تقوم على البنوة الإلهية المشتركة، وعلى أن لا أحد يمكنه أن يخلُص بمفرده. لذلك من الضروري أن نبحث عن القيم العالمية التي ترسم مسار هذه الأخوة البشرية ونعززها معًا. وبهذا نرى قداسة الحبر الأعظم يدعونا إلى التوبة، إلى الإعتراف بهشاشة محبّتنا الأخويّة الشاملة. فنطلب الرحمة على كلّ مرّة تعاملنا فيها بكبرياء ولامبلاة وعنصريّة مع الآخر المختلف".

واردف بطرس:" لقد تعلمنا أيضًا أن الثقة التي وضعناها في التقدّم والتكنولوجيا وآثار العولمة لم تكن مفرطة فحسب، بل تحوّلت أيضًا إلى تسمُّمٍ فردي ووثني، يقوِّض الضمان المنشود للعدالة والوئام والسلام. في عالمنا الذي يركض بسرعة كبيرة، غالبًا ما تغذّي مشاكل الاختلالات والظلم والفقر والتهميش المنتشرة العلل والصراعات، وتولد العنف وحتى الحروب. وبينما أظهر الوباء من جهة هذا كلّه، إلا أننا قد تمكنا، من جهة أخرى، من أن نقوم باكتشافات إيجابية: عودة مفيدة إلى التواضع؛ إعادة تشكيل لبعض الادعاءات الاستهلاكية؛ حسُّ تضامن متجدّد يشجّعنا على الخروج من أنانيتنا لكي ننفتح على ألم الآخرين واحتياجاتهم؛ بالإضافة إلى الالتزام، وفي بعض الحالات البطولي، للعديد من الأشخاص الذين بذلوا أنفسهم لكي يتمكن الجميع من أن يتغلبوا بشكل أفضل على مأساة حالة الطوارئ. من هذه الخبرة جاء الوعي الأقوى الذي يدعو الجميع، الشعوب والأمم، لكي يضعوا كلمة "معًا" في المحور مرة أخرى. في الواقع معًا، في الإخوة والتضامن، نحن نبني السلام ونضمن العدالة، ونتغلّب على أكثر الأحداث إيلامًا. إن الأجوبة الأكثر فعاليّة على الوباء كانت في الواقع، تلك التي شهدت مجموعات اجتماعية ومؤسسات عامّة وخاصة ومنظّمات دولية متّحدة مع بعضها البعض لكي تجيب على التحدي، تاركةً مصالحها الشخصية جانبًا. وحده السلام الذي يولد من الحب الأخوي والمُتجرِّد يمكنه أن يساعدنا في التغلب على الأزمات الشخصية والاجتماعية والعالمية".

وتابع :" نتعلّم التواضع في ظلّ الأزمات، عندما يكتشف كلّ قويّ ضعفه، وكلّ غنيّ فقره، وكل مدّعي العلم جهله. فمن منّا قادر على كلّ شيء؟ من منّا يستطيع كلّ شيء وحده؟ فعلينا ألّا ننسى مكانتنا كأعضاء لجسد يسوع المسيح.في الوقت عينه تابع الأب الأقدس يقول عندما تجرأنا على أن نرجو أننا قد تخطّينا أسوأ ما في ليل جائحة فيروس الكورونا، وقعت كارثة رهيبة جديدة على البشرية. وشهدنا ظهور بلاء آخر: حرب أخرى، يمكننا أن نقارنها جزئيًا بـفيروس الكورونا، وإنما تقودها خيارات بشرية مُذنِبة. وفي عدّة تصريحات أخرى للبابا فرنسيس، يسمّي الحروب المشتعلة اليوم بالحرب العالميّة الثالثة، لشدّة خطورتها، ولتفشّيها في دول عدّة. فيكمل حديثه ويقول: إنَّ الحرب في أوكرانيا تحصد ضحايا أبرياء وتنشر الشك والريبة، ليس فقط في الذين يتأثرون بها بشكل مباشر، وإنما وبأسلوب واسع النطاق وعشوائي للجميع، حتى في الذين، وعلى بعد آلاف الكيلومترات، يتألمون بسبب آثارها الجانبية – يكفي فقط أن نفكر في مشاكل الحبوب وأسعار المحروقات. هذه ليست بالتأكيد، حقبة ما بعد الكورونا التي كنا نرجوها أو نتوقعها. في الواقع، تمثل هذه الحرب، إلى جانب جميع النزاعات الأخرى حول العالم، هزيمة للبشرية بأسرها وليس فقط للأطراف المعنية بشكل مباشر. وفيما تم العثور على لقاح لفيروس الكورونا، لم يتم بعد العثور على حلول مناسبة للحرب. من المؤكد أن هزيمة فيروس الحرب هي أصعب من هزيمة الفيروسات التي تضرب الجسم البشري، لأنه لا يأتي من الخارج، بل من الداخل، من القلب البشري الذي تفسده الخطيئة".

وقال بطرس :" نحن في لبنان وبعد مرور أكثر من 25 عاماً على انتهاء الحرب الأهليّة كم نعاني حتى الآن من آثار الحرب تلك؟ فنحن ما زلنا بحاجة لبناء السلام بين جميع الأطراف التي تقاتلت، فذاكرتنا التاريخيّة ما زالت بحاجة للترميم وللشفاء، وعائلاتنا وقرانا وأحزابنا ما زالت بحاجة لمبادرات مصالحة. فماذا يُطلب منا إذن أن نفعل؟، تابع البابا فرنسيس متسائلاً؛ أولاً علينا أن نسمح لحالة الطوارئ التي عشناها بأن تغيِّر قلوبنا، أي أن نسمح لله، من خلال هذه اللحظة التاريخية، بأن يغيِّر معاييرنا المعتادة لتفسير العالم والواقع. لم يعد بإمكاننا أن نفكّر فقط في أن نحافظ على فسحة مصالحنا الشخصية أو الوطنية، ولكن علينا أن نفكر في ضوء الخير العام، بحسٍّ جماعي، أي بـ "نحن" منفتح على الأخوة العالمية. لا يمكننا أن نحصل على الحماية أنفسنا فقط، وإنما حان الوقت لكي نلتزم جميعًا من أجل علاج مجتمعنا وكوكبنا، ولكي نضع الأسس لعالم أكثر عدلاً وسلمًا يلتزم بجدية بالبحث عن خير يكون مُشترَكَا حقًا. ولكي نفعل ذلك ونعيش بشكل أفضل بعد حالة الطوارئ التي سببها فيروس الكورونا، لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أساسية: العديد من الأزمات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي نعيشها هي مرتبطة ببعضها البعض، والمشاكل التي ننظر إليها كمشاكل فردية هي في الواقع أسباب أو نتائج لمشاكل أخرى. لذلك، نحن مدعوون لكي نواجه تحديات عالمنا بمسؤولية ورحمة. علينا أن نعيد النظر في موضوع ضمان الصحة العامة للجميع؛ تعزيز أعمال سلام لوضع حد للصراعات والحروب التي لا تزال تولّد الضحايا والفقر؛ العناية بشكل ملموس ببيتنا المشترك وتنفيذ تدابير واضحة وفعالة للتصدي لتغير المناخ؛ محاربة فيروس عدم المساواة وضمان الغذاء والعمل اللائق للجميع، ودعم الذين يفتقرون حتى إلى الحد الأدنى للأجور ويواجهون صعوبات كبيرة. نحن بحاجة إلى أن نطوِّر مع سياسات ملائمة، الاستقبال والادماج لاسيما إزاء المهاجرين والذين يعيشون التهميش في مجتمعاتنا. كآلاف اللّاجئين على أرض وطننا. فقط من خلال بذل ذواتنا في هذه المواقف، بإيثار مستوحى من محبة الله اللامتناهية والرحيمة، سنتمكّن من أن نبني عالمًا جديدًا وأن نساهم في بناء ملكوت الله، الذي هو ملكوت الحب والعدل والسلام. وهذا الملكوت علينا بنائه هنا، في لبنان، في هذا الشرق المتألّم، والآن".

وختم البابا فرنسيس رسالته بمناسبة اليوم العالمي السادس والخمسين للسلام بالقول:" من خلال مشاركة هذه الأفكار، أتمنى أن نتمكن في العام الجديد من أن نسير معًا ونكتنز مما يمكن للتاريخ أن يعلمنا إياه. أتقدّم بأطيب التمنيات لرؤساء الدول والحكومات ورؤساء المنظمات الدولية ولقادة الأديان المختلفة. وأتمنى لجميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة أن يبنوا يومًا بعد يوم، كصانعي سلام، سنة جيّدة! لتشفع، مريم العذراء البريئة من دنس الخطيئة الأصليّة، أم يسوع وملكة السلام، بنا وبالعالم أجمع".

 

ابو كسم

وكانت كلمة للأب عبده أبو كسم قال فيها:

"علينا أن ننقّي ذاكرتنا من الحرب ونعمل لنزرع مصطلح السلام في مجتمعاتنا، وأن نخرج من اللامبالاة التي تصيب كل إنسان منا إذا كانت الحروب بعيدة عنه".

اضاف:"رسالة قداسة البابا تخصّنا  في لبنان، خصوصا" أنّ قداسة البابا خصّنا في كلمته يوم عيد الميلاد حين ذكر لبنان ودعا الى أن يصلّي العالم أجمع للبنان كي يخرج من أزماته، فنحن في قلب البابا".

وطلب من اللّه أن "ينير عقول المسؤولين إذا كان هناك من مسؤولين"، وذكر  ب"عظة البطريرك الراعي في رسالة عيد الميلاد التي توجّه فيها بشكل قاس الى المسؤولين ليحضّهم على القيام بواجباتهم".

وتابع:" نحن في بلد "جسد بلا رأس" كما قال سيّدنا البطريرك، القضاء مشلول علما  أن لدينا أنزه وأشرف القضاة، حتى السلطة التنفيذية مستقيلة. فكيف لنا أن نبني السلام ونحن لا نعيشه، لأننا نعيش حالة اللامبالاة ، فلنتذكّر جميعا" إنجيل لعازر والغني، فمصير كل من لا يرى أخاه الإنسان الموجوع سيكون كمصير الغني في جهنّم".

وختم ابو كسم داعيا اللبنانيّين إلى" التضامن على الصعيدين الإنساني والإجتماعي ليستطيعوا تخطّي هذه الأزمة".

 

الحاج

كما كانت كلمة للسيّدة سوزي الحاج سلّطت فيها الضوء على" الرسالة البابويّة للبابا القديس يوحنا "السلام في الأرض"  بيوبيلها الماسي 60 سنة، بما أنها من ضمن مهامنا أن نبشّر بتعليم الكنيسة الاجتماعي القائم على الكتاب المقدّس" واعتبرت  أنّ" الأخوّة هي مرادف للكنيسة والطريق الوحيد إلى السلام".

 

جرجس

أما الدكتور فادي جرجس فهنأ الحضور ب"ميلاد  سيّدنا يسوع المسيح" ،وأعلن تفاصيل قداس يوم السلام العالمي في 15 كانون الثاني  في بكركي.

وفي الختام شكرت نائبة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام الأم ندى طانيوس الحضور وتمنّت أن" يعمّ السلام والمحبّة في ربوع لبنان والعالم" .

 

 ===================

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب