الخطيب أسف لحادث العاقبية ودعا لتكثيف التحقيقات لكشف ملابساته:
نحذر من استمرار الفراغ الرئاسي ونطالب السياسيين بالتوافق

وطنية - أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مسجد الوردانية، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها: "اخترت هذا اليوم أن  اكون بينكم في هذه البلدة العزيزة وفي هذه المنطقة المتميزة بأهلها الطيبين والتنوع الذي تمتاز به من الأديان المتنوعة والمذاهب التي كانت نموذجاً للتعايش ولإبراز أفضل ما يُظهر وجه الدين الذي يدعو الى التآلف والى التعاون ويدعو الى التسابق الى الخيرات والى الالتزام بالأخلاق، وأنتم أيها الاخوة المؤمنون أهالي الوردانية كنتم خير مثال لهذا الامر، كما علمكم اهل البيت (ع)  وكما قال الامام الصادق (ع): كونوا لنا زينا لنا ولا تكونوا علينا شينا، ولو أن الناس عرفوا محاسن كلامنا لاتبعونا"، لأن بلدة الوردانية تقع في هذا المحيط المتميز وتعطي هذه الصورة الجميلة في التعايش وحفظ الجيرة وفي التعاطي الاخلاقي والإيماني، لهذا اخترت أن تكون لي خطبة الجمعة  في بلدة الوردانية العزيزة".

 

اضاف: "أيها الاخوة، تأخذ بعض العناوين اهمية خاصة في الفكر الاسلامي ويتم التأكيد عليها بشكل اساسي ثم يتلو ذلك التوجيه الالهي بالأمر بتقوى الله تحذيراً من التهاون في الالتزام بالعمل وفقه ، وأنه مورد لسخط الله وعقابه، و من هذه العناوين عنوان التنوع وان الغاية منه هو التكامل الذي عبّر عنه بالتعارف الذي ورد في قوله تعالى) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وأن التمايز والتفاضل ليس للانتماء العرقي ولا للجنس من الذكورة والانوثة، وإنما للتقوى وهو القيام بالوظيفة التي حددها  الباري عز وجل، وهي التعارف بما يؤدي الى الارتقاء بالمجتمعات الى الاستقرار وايجاد الارضية اللازمة وإتاحة الفرصة لإطلاق الطاقات والقدرات الكامنة التي اودعها الله سبحانه وتعالى في هذا الكائن اظهاراً لهذا التكريم الالهي (لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (.

 

وأكد ان "مبدأ التعارف هو الأمر الذي يدفع نحوه الاسلام ويدعو له ويجعل منه الغاية لوجود الانسان، وكل مبدأ آخر وغاية أخرى تتعارض مع هذا المبدأ ومع هذه الغاية يعطّل السبب لوجود هذا المخلوق ويفسد الغاية للوجود كله، ولذلك كانت الدعوة الالهية للناس بعنوان التسابق الى ما يوجب المغفرة  والرحمة الالهية (سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ  ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ  وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) وبعنوان التعاون تارة أخرى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، فتحقيق الاستقرار والتطور لخدمة الانسان يحصل بإيجاد التنافس بين الافراد ببذل اقصى القدرات لتقديم أفضل ما يتمكّن منه والترقي في سلم القيم، فليس الافضل هو من يجمع أكثر أو من يمتلك القدرات المادية الأكبر ليستخدمها في السيطرة والنفوذ، وإنما الأكثر عطاءً وقدرةً على تقديم الأفضل،  وكذلك بإيجاد التنافس بين المجتمعات ودفعها الى التعاون بينها على تحقيق الافضل وإزالة المعوقات التي تحول دون تقدّمها وتحقّق ما فيه مصلحة الوجود الإنساني، وليس على أساس الصراع والتغلّب وزيادة النفوذ الذي تقف خلفه النزعات الشيطانية والانانية الفردية والعنصرية القائمة على أساس اللون أو العنصر أو الجغرافيا ويولّد الحروب والأزمات الاجتماعية ويُحدث الدمار والخراب والويلات داخل المجتمع الواحد وبين المجتمعات والشعوب المختلفة الذي لن يحول دونه ما يسمى بتحقيق التوازن بين التكتلات والتحالفات الدولية الذي كان مبدأ الفكرة الشيطانية، وأنّ الحياة قائمة على أساس الصراع وإن الحياة للأقوى يقف وراء هذه الصراعات، وأدّت الى حروب لا تنتهي".

 

وقال: "لقد ادى الموقف السلبي من التنوعات المختلفة داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتعددة الى هذه النتائج الكارثية، لكنّ الاسلام أعطاها بعدها الايجابي الحقيقي حين رأى فيها ضرورة للتفاعل بين مكوناتها المختلفة والتكامل بينها لمصلحة التقدم البشري وخدمة الإنسان، ولكنّه حين ينظر اليه على أنه تناقض داخل المجتمع الواحد يدفع به الى الانفجار والانتحار، لأنه لا يمكن إيجاد التكامل والتعاون بين المتناقضات كما هو الحال بين المتنوعات ويعمل خلافاً للهدف الالهي للخلق الذي يساوق مخالفة القانون التكويني ويؤدي الى نتائج عكسية مدمرة، ولقد عُمّم هذا النهج ليطال كافة مناحي الحياة على صعيد تدمير القيم التي تقوم عليها العلاقات الانسانية وتبقي على الحياة الانسانية القائمة على التنوع الوظيفي بين الرجل والمرأة، وعمل على الخلط بين نوعية الوظيفة وبين القيمة الاخلاقية والانسانية وأدّت الى دمار الاسرة لتصل الى قمة الانحدار في تشريع الشذوذ الجنسي بإعطائه المبرر القانوني بإسم الحرية وتُسخّر له كل الامكانيات لترويجه، وتستخدم كل نفوذها السياسية والاقتصادية لإجبار الدول على جعله أمراً واقعاً".

 

وتابع: "ومن الملفت أن نرى أنّ نفس الجهات السياسية في لبنان التي تنظر الى التنوع الديني والثقافي في المجتمع اللبناني نظرة التناقض وتعمّق هذا الشعور لدى بعض الفئات التي تتأثر بها وتدفع الى تعميق هذا الشعور لديهم وترى في الشعب اللبناني أنه شعوب مختلفة ومتناقضة لا يمكن ان تتعايش، ومن الملفت أن هذه القوى نفسها هي التي تُروّج لهذا السقوط الاخلاقي وتطالب بقوة بتشريع اللواط والسحاق، وهذه دعوات متكاملة وخطيرة تدفع باتجاه واحد وهو إسقاط أهم ما يمتلكه الشعب اللبناني من أوراق القوة القادرة على الوقوف أمام العدو الإسرائيلي وأمام الغرب الذي أدت نظرته الفلسفية تلك الى الوصول الى هذا المنحدر القاتل الذي  يدرك ذلك لكنه يقف عاجزاً أمام إيقاف هذه المأساة، ولكنّه يعمل على تعميم هذه الثقافة على عالمنا حقداً وانتقاماً الذي ما زال يمتلك أسباب البقاء بحكم تمسّكه بهذه القيم، ولكن لا يجوز الركون الى السلامة والاطمئنان الى هذا الواقع ويجب بذل المزيد من الجهد التوعوي للحؤول دون تحقيق مأرب أعداء الانسانية الدوليين وأتباعهم الذين سيكونون أول ضحاياهم الذين نرجو أن يستفيقوا ويعلموا أن أمن مجتمعهم وبقائه في الحفاظ على قيمهم الايمانية والفطرة البشرية السليمة، وأن يفقهوا معنى أنّ لبنان رسالة وأنّ الطائفية التي يتمسكون بها ويعملون على تعميقها في بعض أبناء هذا الوطن العزيز ليس لها صلة بالطوائف".

 

واكد "ان الطائفية عنصرية لا يرتضيها دين والطوائف نعمة لبنان ، وعنوان غناه الحضاري وسبب تفرده وتميّزه الانساني وهو رسالة الدين لخلاص الانسان والبشرية في مقابل دعوة الارهاب والقتل والجريمة المنظمة والاغتصاب التي يمثّلها العدو الاسرائيلي الغاصب الذي يمثل احدى أبشع وجه من وجوه حضارة السقوط الاخلاقي المعاصر والتي هي أهم أسباب سقوط الامم وفنائها لمن يقرأ ويتعظ بالوقائع والتاريخ".

 

وقال: "ايها الاخوة والاخوات، انه لأمر محزن ومقلق ما آل اليه الواقع السياسي في لبنان بسبب استمرار بعض القوى السياسية الداخلية في انتهاج سياسة التعمية على اللبنانيين في تنصلها من القيام بواجبها في الاستجابة لدعوة التوافق وأخيراً في الاستجابة لدعوة الحوار رغم الاوضاع الاقتصادية الخطيرة وما يعانيه اللبنانيون على كافة الصعد والاعباء الاجتماعية التي أثقلت كواهلهم من المدارس الى المستشفيات الى المحروقات الى غيرها من الحاجيات الضرورية حيث باتوا عاجزين عن تأمينها ولا سبيل الى الخروج من هذا الواقع الا بالجلوس على طاولة الحوار، وسوف يرى اللبنانيون أنكم أيها الرافضون للحوار ستعودون وتجلسون على هذه الطاولة فلماذا التأخير؟ هل للزيادة في عذابات اللبنانيين؟ وهل تريدون المساهمة أكثر في إنهاء دور لبنان لتحلّ دولة الاحتلال الاسرائيلي محلّه في لعب هذا الدور وترسيخ وجودها واحتلالها واغتصابها للأرض اللبنانية والعربية؟ أم النكد السياسي أو أنه ماكو أوامر؟ وإذا كان المقصود كما يصرّح البعض من الخارج هو إسقاط لبنان لإسقاط المقاومة فهو سقوط أخلاقي وحلم لن يتحقّق".

 

اضاف: "إننا ندعو الى الواقعية السياسية على الاقل والتعاطي بمسؤولية والاستجابة للتوافق ولدعوة الحوار التي أطلقها الرئيس نبيه بري وعاد عنها بسبب عدم التعاطي معها بمسؤولية، والخروج من حالة النكد التي ستضرّ بأصحابها اكثر".

 

وأعلن انه "وفي خضم ما يعانيه وطننا من أزمات نخشى تفاقمها في ظل الانهيار الاقتصادي وعدم انجاز الاستحقاق الرئاسي وما يرتبه من شلل حكومي، فإننا نحذر من استمرار الفراغ الرئاسي ونطالب السياسيين بالتوافق لانتخاب رئيس جامع لكل اللبنانيين كخطة الزامية للسير باتجاه الحلول التي تحقق تطلعات اللبنانيين في الاستقرار السياسي بتشكيل حكومة انقاذية تلجم الانهيار الاقتصادي وتعالج الازمات المعيشية والاجتماعية والصحية بما بعيد ثقة اللبنانيين بالدولة ويعزز مفهوم المواطنة في نفوسهم.

وفي المقابل فإننا نحذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار الوضع على هذا المنوال لجهة تفشي الجريمة وتفلت الوضع الامني بما يفسح المجال لتسلل اعداء الوطن لبث الفتن وتخريب البلد وتحويله الى ساحة ملتهبة لتنفيذ اهداف العدو الصهيوني ومكائده الشيطانية في التحريض على المقاومة و تحميلها وزر الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي".

 

وقال الخطيب: "نعرب عن اسفنا للحادث المؤلم في العاقبية الذي أودى بحياة جندي من قوات اليونيفل ونقدم التعازي لقيادتها ونتمنى الشفاء للجرحى العاجل الجرحى، وندعو الى تكثيف التحقيقات لكشف ملابسات الحادث".

                      ============ ن.م

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب