ندوة عن العذراء والزهراء في ثانوية الصباح النبطية  يونس: لنكن متحدين بالله دائما  عبدالله: نعيش طبقية التصنيف الطائفي

وطنية - النبطية - نظم النادي الثقافي في ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في النبطية ندوة بعنوان "العذراء والزهراء تجرية انسانية فريدة"، في اجواء ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء وولادة النبي عيسى بن مريم، حاضر فيها مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبدالله، رئيس مدارس قدموس في مدينة صور الاب الدكتور جان يونس.

حضر الندوة ممثل النائب ناصر جابر احمد ضاهر، مديرة دار المعلمين والمعلمات في النبطية زينات عيد، رئيس دير مار انطونيوس في النبطية الفوقا الاب حوزيف سمعان، مدير ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية عباس شميساني، الناظر العام محمد معلم، الاديبة الدكتورة دلال عباس واساتذة وطلاب.

شميساني 

بعد النشيد الوطني ونشيد الثانوية وكلمة ترحيب من الشيخ حسن غندور، قال مدير الثانوية: "اردنا من هذه الندوة الدخول الى فرادة السيدتين الزهراء والعذراء بشخصيتهما وامتيازاتهما عند الله تعالى، لنستقي منهما معاني الايثار والاخلاص في الدين وتمام الايمان والطاعة المطلقة لله تعالى مهما عظمت وكبرت الاثمان والتضحيات" .
 

يونس

بدوره، قال رئيس مدارس قدموس في مدينة صور: "قبل البدء بكلمتي إسمحوا لي أن أؤكد أن حضوري بينكم هو تجسيد لدعوة المجمع الفاتيكاني الثاني الذي ختم أعماله سنة 1965 في روما، وصدر عنه تصريح عن علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية".

اضاف: "لأول مرة عبر التاريخ تعلن الكنيسة الكاثوليكية عن موقفها إزاء المبادئ الإسلامية الأساسية بوضوح ودقة، فهي تبدي احترامها للمسلمين، إذ تعترف أن إله القرآن الكريم هو حقا الإله الواحد الأحد القيوم الرحمن القدير فاطر السماوات والأرض وليس هو إله الفلاسفة بل إله إبراهيم، وإله الوحي الذي كلم البشر".

وتابع: "يشير النص إلى تسليم المسلمين لأحكام الله الخفية وقضائه وإن كان المسلمون لا يقرون ألوهية المسيح، إلا أنهم يجلونه نبيا ويكرمون أمه مريم العذراء، ويعترفون بالبعث ويوم الحساب والآخرة وفي سلوكهم العملي يجتهدون لإكتساب مكارم الأخلاق".

وقال: "ان النص المتعلق بالدين الإسلامي يحمل دعوة تصالحية غير مسبوقة في الخطاب المسيحي الغربي بشكل خاص، إذ يقول ولئن كان عبر الزمان قد وقعت من المنازعات والعداوات بين المسيحيين والمسلمين، فإن المجمع يهيب بالجميع أن ينسوا الماضي، وأن يعملوا باجتهاد صادق سبيلا للتفاهم في ما بينهم، وأن يتماسكوا من أجل جميع الناس على حماية وتعزيز العدالة الاجتماعية والقيم الأدبية والسلام والحرية".

اضاف: "هذا ما رأيناه من خلال زيارة البابا فرنسيس الى الامارات في شباط 2019 حيث وقع وثيقة الأخوة الانسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومن ثم الزيارة التاريخية إلى النجف الأشرف حيث إلتقى المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني وصدر عن اللقاء بيان شدد على أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الإنساني في كل المجتمعات، المبني على رعاية الحقوق والإحترام المتبادل بين أتباع مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية".

 وتابع: "كما لا بد ان نذكر بأن القرآن الكريم منح السيد المسيح عيسى وأمه البتول وعائلته الكريمة تكريما وتبجيلا اعظم من اي وثيقة تاريخية عرفتها البشرية. ففي القرآن الكريم توجد سورة آل عمران، وهي اسم عائلة المسيح، ولفظة آل كلمة تخاطب بها العائلات الكريمة الطيبة، وهذه السورة هي ثاني أطول سورة في القرآن 
الكريم. وهناك سورة أخرى باسم مريم، وهو اسم السيدة العذراء، والدة المسيح".

واردف: "ان موضوع كلمتي في هذه الندوة سيتمحور حول اختبار السيدة مريم العذراء من خلال الإضاءة على ثلاثة عناصر كنموذج للإنسانية جمعاء إنطلاقا من المبادئ الإيمانية للدين المسيحي".

وقال: "ننطلق من العنصر الأول: مريم كنموذج للإيمان. فبأي معنى تعتبر مريم نموذجا لإيمان جماعة المؤمنين؟ لنفكر في من كانت العذراء مريم: كانت فتاة عبرية، تنتظر من كل قلبها فداء شعبها. وقد كانت تحمل هذه الشابة في قلبها سرا لم تكن هي نفسها تفطنه بعد: فقد كان مكتوبا لها في مخطط محبة الله أن تصير أما للفادي. ففي البشارة، قد دعاها مرسل الله الملاك جبرائيل "يا ممتلئة نعمة" كاشفا لها مخطط الله هذا. وقد نالت مريم، منذ أن أجابت بنعم، على نور جديد، مركزة كل وجودها على يسوع الذي منها أخذ جسدا والذي من خلاله ستتم وعود الخلاص التي جاءت في كل تاريخ الخلاص. وبهذا المعنى هي نموذج إيمان لجماعة المؤمنين".

اضاف: "كيف عاشت مريم هذا الإيمان؟ لقد عاشته في بساطة الإنشغالات والهموم اليومية العديدة لكل أم، كتحضير الطعام، والملبس، والاهتمام بالمنزل. لقد كان بالحقيقة هذا الوجود اليومي 
الاعتيادي للعذراء مريم هو الأرضية التي فوقها ترعرعت العلاقة الفريدة والحوار العميق بين مريم وبين الله، وبينها وبين إبنها".

وتابع: "إن نعم التي نطقت بها مريم – والكاملة منذ لحظة 
النطق بها – قد نمت لتصل لذروتها ساعة الصليب. هناك حيث إتسعت أمومتها لتحتضن كل واحدا منا، وحياتنا، ولتقودنا نحو إبنها. وكانت مريم تحفظ كل شيء في قلبها وتتأمله تحت نور الروح القدس، لتدرك وتتمم مشيئة الله كلها".

واردف: "يمكننا أن نطرح على أنفسنا سؤالا: هل نترك أنفسنا لنستنير من إيمان مريم، التي هي أمنا؟ أم أننا نعتقد أنها شخص بعيد، ومختلف عنا؟ هل ننظر لها في أوقات الصعوبة، والتجربة، 
والظلام كنموذج الثقة بالله، الذي يريد دائما وفقط خيرنا؟ لنتأمل في هذا، فمن المرجح أن إعادة اكتشاف مريم كنموذج في هذا الإيمان التي كانت تنعم به، سيساعدنا كثيرا".

وقال: "نصل للعنصر الثاني: مريم نموذج للمحبة: بأي طريقة تشكل مريم نموذج المحبة الحي بالنسبة للبشرية؟ لنتأمل في استعدادها لخدمة نسيبتها أليصابات. فالعذراء مريم بزيارتها لها لم تقدم لها مجرد العون المادي، وإنما، بجوار ذاك، قد حملت لها يسوع، الذي كان يقطن بالفعل في أحشائها. فحمل يسوع لذاك البيت كان يعني حمل الفرحة، الفرحة التامة".

اضاف: "كانت أليصابات وزكريا فرحين بالحبل العجائبي لتقدمهما في السن، لكن الفتاة مريم قد حملت لهما الفرحة التامة، التي تتدفق من يسوع ومن الروح القدس، والتي تترجم في أعمال المحبة المجانية، وفي المشاركة، وفي الخدمة، وفي التفهم".

وتابع: "يمكننا أن نطرح على أنفسنا سؤالا: ما هي طبيعة المحبة التي نحملها للآخرين؟ هل هي محبة الله، التي تشارك، والتي تغفر، والتي ترافق، أم أنها محبة مخففة، كما يخفف الملح بالماء؟ أهي محبة قوية، أم ضعيفة لدرجة أنها تتبع الأهواء، وتسعى للمكافأة، محبة منفعة؟ وهل نعامل بعضنا بعضا كأخوة وكأخوات؟ أم أننا ندين بعضنا بعضا، ونتحدث بالسوء عن بعضنا البعض، وهل نهتم بحديقتنا الخاصة، أو نهتم بعضنا ببعض؟ إنها أسئلة محبة".  

واردف: "عنصر أخير باختصار: مريم هي نموذج الإتحاد مع الله. لقد كانت حياة العذراء القديسة حياة إمرأة عادية من نساء شعبها: فقد كانت مريم تصلي، وتعمل، وتذهب إلى الهيكل، لكن كل عمل كانت تقوم به كان دائما بإتحاد تام مع مشيئة الله. وقد وصل هذا الإتحاد لذروته حين قبلت مريم شهادة إبنها على الصليب "فما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه"، كما جاء على لسان السيد المسيح".

وختم: "ما أروع هذا الواقع الذي تعلمنا إياه مريم: أن نكون متحدين بالله دائما. يمكننا أن نتساءل: هل نتذكر الله تعالى فقط عندما تذهب الأمور بطريقة سيئة، أو عندما نحتاج لشيء ما، أم أن علاقتنا معه هي ثابتة، وصادقة وعميقة، حتى عندما يستوجب الأمر أن نستشهد في سبيله. نعم لقد وصف القرآن الكريم مريم أم المسيح أنها قديسة طاهرة إصطفاها الله ، سورة أل عمران )وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) نعم مريم".

عبدالله

اما مفتي صور وجبل عامل فقال: "علينا ان نلتقي من اجل بناء الانسان مسيحيين ومسلمين بعيدا عن المحاصصة والمخاصصة وما شابه، وهذا امر اساسي. ونحن اليوم في هذا البلد لبنان من نعم الله عليه هو هذا التنوع الديني فيه، وهذا التنوع هو مصدر غنى، وثروة لبنان الحقيقية هي بعيشه المشترك مع بعضهم البعض وهذا الامر تعكسه ارادة المخلصين في هذا الوطن".

اضاف: "هنا نتساءل: متى يرقى بعض السياسيين الى هذا الرقي الانساني في المجموع الوطني اللبناني؟ فما نأمله من بعض القيادات هو ان تنظر الى لبنان من جانب الذي يشكل التحاما بين اللبنانيين مع بعضهم البعض ولا يشكل انقساما او اختلافا مع بعضهم البعض".

وتابع: "من هنا نقول ان ما تعلمناه من خلال قياداتنا الواعية التي كانت تنظر الى لبنان ببعده اللبناني والذي نبحث فيه عن عدالة اجتماعية حقيقية، نظامنا السياسي لا يشعر بالاطمئنان لاي فئة من اللبنانيين، ولا يوجد شريحة لبنانية مطمئنة بل هي قلقة ان في حاضرها او مستقبلها والخروج من ذلك ان نرقى الى فكر المواطنة الحقيقية في لبنان، اي ان يتساوى اللبنانيون بحسب مواطنيتهم في الحقوق والواجبات، لا ان نعيش الفكر الطبقي كما العيش في القرون الوسطى، الطبقية وما شابه، واليوم في لبنان هناك طبقية في التصنيف الطائفي والنظام السياسي يعيش هذه الطبقية".

وختم: "كيف يمكن ان يتساوى وان ينعم هذا البلد باستقرار حقيقي، ما لم يتساو الناس في الحقوق والواجبات سيبقى الامر الداخلي اللبناني في استنزاف دائم. لذلك انتم الجيل القادم، مسؤوليتكم ومهمتكم وواجبكم هو السعي من اجل العدالة الوطن. ونحن كجهات روحية لا نمانع ابدا بأن تتحقق العدالة الاجتماعية، ونحن نرى بأن انقاذ لبنان هو بالحفاظ على ثرواته الحقيقية".

درعان

بعد ذلك، قدم شميساني ومعلم درعين تقديريتين لكل من عبدالله ويونس.

 

                            =========

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب