قمة لبنانية فرنسية في بعبدا الرئيس عون: مهام الحكومة الجديدة تنفيذ الإصلاحات ماكرون: فرنسا تدعم كل خيارات يلتقي عليها اللبنانيون

وطنية - اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان "عملية تشكيل الحكومة الجديدة لا يجوز ان تستغرق وقتا طويلا وتكون حكومة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة بكل ابعادها"، متمنيا ان "تتجاوب كل القيادات اللبنانية في مسار تشكيل الحكومة التي سيكون من مهامها تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وتصحيح الخلل في القطاع المصرفي". وامل في "جعل آلامنا حافزا يدفعنا الى ان نغدو دولة مدنية حيث الكفاءة هي المعيار والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق"، وقال: "انني تحقيقا لهذه الغاية، التزمت الدعوة الى حوار وطني لكي نصل الى صيغة تكون مقبولة من الجميع"، داعيا الى ان "يكون الأول من ايلول 2020، محطة انطلاق للبنان جديد، حيث المواطن هو الملك وليس زعماء الطوائف: دولة حديثة تستجيب لانتظارات الشعب وتطلعات شبيبتنا الذين هم مستقبل البلد".

من جهته، اكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقوف بلاده الى جانب لبنان في الازمة الراهنة، مبديا "كل استعداد للمساعدة في تحقيق النهوض المطلوب ضمن خطة واضحة تقوم على تحقيق الإصلاحات في المجالات التي سبق ان تحددت في القطاعات المهمة". وابدى ارتياحه "لما اعلنه الرئيس عون عن أهمية قيام الدولة المدنية في لبنان"، مؤكدا ان "فرنسا تدعم كل الخيارات التي يلتقي عليها اللبنانيون"، معربا عن استعداده "للمساهمة المباشرة في عقد لقاء مخصص للبحث في حاجات لبنان ضمن خطة النهوض الاقتصادية تشارك فيه دول عدة يشكل دعم لبنان القاسم المشترك في ما بينها". وكرر انه "يمكن للبنان ان يتكل على فرنسا القادرة على تأمين الأجواء الدولية الملائمة لمساعدته كي يبقى على خصوصيته ويقوم بدوره وبرسالته الفريدة في الشرق". وأشار الى ان "كل الالتزامات التي أعلنت في مؤتمر "سيدر" جاهزة للتنفيذ مع إقرار الدولة للإصلاحات الضرورية التي يطالب بها المجتمع الدولي".

الوصول
وكان الرئيس الفرنسي وصل الى القصر الجمهوري عند حوالي الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر، حيث عزفت له موسيقى الجيش في الباحة الخارجية للقصر التحية العسكرية والنشيد الوطني الفرنسي، وقد رفع العلم الفرنسي وعلم الاتحاد الاوروبي الى جانب العلم اللبناني. وبعد استعراض الرئيس ماكرون ثلة من لواء الحرس الجمهوري، استقبل الرئيس عون نظيره الفرنسي عند الباب الرئيسي لبهو القصر حيث شاهدا معا سربا من الطائرات الحربية اللبنانية-الفرنسية في عرض جوي مشترك في أجواء بعبدا رسم خلاله العلم اللبناني، وذلك لمناسبة الاحتفال بمئوية لبنان الكبير.

خلوة بين الرئيسين
ثم توجه بعد ذلك، الرئيسان عون وماكرون الى مكتب رئيس الجمهورية حيث عقدا جلسة محادثات ثنائية، انضم اليها لاحقا رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وفي الخلوة الثنائية، رحب الرئيس عون بالرئيس ماكرون مجددا في لبنان، شاكرا له زيارته والمشاعر التي يبديها تجاه لبنان، مشددا على ان "اللبنانيين يقدرون ما ابداه من اهتمام باوضاعهم خصوصا بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وما نتج عنه من اضرار سارعت فرنسا الى المساهمة في ازالتها وشاركت في التحقيقات التي جرت في أسبابه". واكد الرئيس عون ان "التحقيقات مستمرة لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة بمن يثبت تقصيره او اهماله القيام بواجباته الوظيفية".

ثم تحدث الرئيس عون عن المسار السياسي بعد تكليف السفير الدكتور مصطفى اديب تشكيل الحكومة، لافتا الى ان "عملية التشكيل لا يجوز ان تستغرق وقتا طويلا وتكون حكومة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة بكل ابعادها". وتمنى رئيس الجمهورية ان "تتجاوب كل القيادات اللبنانية في مسار تشكيل الحكومة الجديدة التي يؤمل ان تلقى تأييد المجتمع الدولي، لا سيما وان من مهامها تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وتصحيح الخلل في القطاع المصرفي".

وبدوره، شكر الرئيس ماكرون للرئيس عون الحفاوة التي لقيها في زيارته الثانية الى لبنان، مجددا تأكيد وقوف بلاده الى جانب لبنان في الازمة الراهنة، مبديا "كل استعداد للمساعدة في تحقيق النهوض المطلوب ضمن خطة واضحة تقوم على تحقيق الإصلاحات في المجالات التي سبق ان تحددت في القطاعات المهمة".

واعرب الرئيس ماكرون عن استعداد بلاده للمساهمة في إزالة اثار الانفجار الذي استهدف المرفأ، متحدثا عن مشاركة الوحدات الفرنسية بالتعاون مع الجيش اللبناني في تنظيف المرفأ وتنفيذ اعمال إغاثة فرضتها قوة الانفجار والخسائر البشرية التي نتجت عنه.

وابدى اارتياحه "لما اعلنه الرئيس عون عن أهمية قيام الدولة المدنية في لبنان"، مؤكدا ان "فرنسا تدعم كل الخيارات التي يلتقي عليها اللبنانيون"، لافتا الى "الدور الإنساني الذي لعبته القوة الفرنسية التي أرسلت الى بيروت في السفينة الحربية le tonnerre".

وفي الشأن الاقتصادي، اعرب الرئيس ماكرون عن "استعداده للمساهمة المباشرة في عقد لقاء مخصص للبحث في حاجات لبنان، ضمن خطة النهوض الاقتصادية، تشارك فيه دول عدة يشكل دعم لبنان القاسم المشترك في ما بينها".وأشار الى انه "حاضر دائما لتذليل أي عقبات تواجه لبنان على مختلف الأصعدة"، متمنيا ان "تشكل الحكومة الجديدة بسرعة لاطلاق مسار الإصلاحات المرجوة بالتعاون مع مجلس النواب".

وجدد الرئيس ماكرون التزام بلاده مساعدة اللبنانيين مكررا انه "يمكن للبنان ان يتكل على فرنسا القادرة على تأمين الأجواء الدولية الملائمة لمساعدته كي يبقى على خصوصيته، ويقوم بدوره وبرسالته الفريدة في الشرق".

وفي ما يتعلق بمؤتمر "سيدر"، اكد الرئيس ماكرون للرئيس عون ان "كل الالتزامات التي أعلنت في هذا المؤتمر جاهزة للتنفيذ مع إقرار الدولة للاصلاحات الضرورية التي يطالب بها المجتمع الدولي".

مأدبة غداء
ثم اقام الرئيس عون مأدبة غداء رسمية على شرف الرئيس الضيف، حضرها الى الرئيس بري، رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، الرئيس المكلف مصطفى اديب، الرئيس نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، وزيرا الخارجية والمغتربين شربل وهبة والصحة حمد حسن، رؤساء الكتل النيابية السادة: جبران باسيل، محمد رعد، آغوب بقرادونيان، تيمور جنبلاط وبهية الحريري، أعضاء الوفد الفرنسي المرافق، رئيس وأعضاء لجنة الصداقة اللبنانية -الفرنسية في مجلس النواب، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي المونسيور جوزف سبيتري، سفراء دول الاتحاد الاوروبي، قادة الاجهزة الامنية، وعدد من كبار الموظفين، إضافة الى عدد من رجال الاعمال والاقتصاد اللبنانيين ونظرائهم في الوفد الفرنسي.


كلمة الرئيس عون
والقى الرئيس عون كلمة هنا نصها: "فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، الصديق العزيز، اهلا وسهلا بكم في لبنان! اهلا وسهلا بكم في هذه المناسبة الغالية على قلوبنا. ان وجودكم في ما بيننا، والوفد المرافق، يسطر فصلا جديدا من التاريخ المميز الذي يربط بلدينا وشعبينا.

إن ذكرى اعلان دولة لبنان الكبير تجمعنا اليوم. مئة سنة عبرت منذ 1 ايلول 1920، حيث قال الجنرال غورو من على درج قصر الصنوبر في بيروت: "اعلن رسميا قيام لبنان الكبير، فيما اشارككم فرحتكم وافتخاركم. واحييه، باسم حكومة الجمهورية الفرنسية، بعظمته وقوته، من النهر الكبير حتى أبواب فلسطين والى قمم السلسلة الشرقية."

وبالرغم من اقتصار الاحتفال بهذا الحدث التاريخي، الى اقصى الدرجات، الا ان التأثر يبقى موجودا ها هنا. وهو تأثر يبلغ ذروته في الوقت الذي يجتاز فيه لبنان حاليا فترة ألم عميق، نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي، والازمة الناجمة عن تفشي وباء كورونا، إضافة الى المأساة غير المسبوقة في تاريخنا الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت.

فخامة الرئيس، السيدات والسادة، امام ضربات القدر هذه، هناك احتمالان: الاستسلام او الحفاظ على الأمل. لقد علمنا تاريخنا ان ننهض، ونعيد البناء، متطلعين ابدا نحو المستقبل. ان الماضي الغني بالتجارب، يحضنا اليوم على العمل، وهو خير معلم لنا كي يدفعنا الى عدم تكرار الأخطاء.

ان حدود لبنان هي حدود الحرية في هذا الشرق! ولبناننا كبير بتعدديته، وفكره الخلاق، وروح التسامح لديه إضافة الى سخائه وما يميزه من روح الانفتاح. لأجل ذلك، رأى فيه البابا القديس يوحنا بولس الثاني ما هو اكثر من بلد، انه رسالة. ودعوتنا للجميع هي في الحفاظ على هذه الرسالة.

يرتكز املنا اليوم على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على اطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية، من اجل الخروج بالبلد من الأزمة الحالية. والامل يكمن أيضا في جعل آلامنا حافزا يدفعنا الى ان نغدو دولة مدنية، حيث الكفاءة هي المعيار والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق. وانني تحقيقا لهذه الغاية، التزمت الدعوة الى حوار وطني لكي نصل الى صيغة تكون مقبولة من الجميع.

فليكن الأول من ايلول 2020، محطة انطلاق للبنان جديد، حيث المواطن هو الملك وليس زعماء الطوائف: دولة حديثة تستجيب لانتظارات الشعب وتطلعات شبيبتنا الذين هم مستقبل البلد.
عاشت فرنسا، عاش لبنان".

الرئيس ماكرون
ورد الرئيس ماكرون بكلمة قال فيها: " شكرا فخامة الرئيس، شكرا لكم ايتها السيدات والسادة على استقبالكم لنا مع الوفد الذي يرافقنا. نحن سعداء ان نكون معكم اليوم. والوفد الذي يرافقني مكون من وزراء ونواب وعدد من الدبلوماسيين ومن كبار الموظفين، إضافة الى عسكريين وفنانين ومهتمين بالشأن الانساني، ومقاولين. وهذا يدل على غنى العلاقات التي تجمعنا ويعبر عن إرادة فرنسا بأن تكون الى جانب لبنان اليوم.

كما ذكرتم فخامة الرئيس، نحن هنا لمناسبة ذكرى هامة نحيي فيها مئوية لبنان الكبير، وهي تصادف بعد أيام قليلة من الانفجار الرهيب الذي وقع في 4 آب المنصرم، وكان بمثابة صورة معبرة عما كان يحصل منذ زمن بعيد. لقد ذكرتم عبارات الجنرال غورو، لمناسبة إعلانه دولة لبنان الكبير: امل وافتخار. ولكن في هذه الكلمة المختصرة التي قالها يومها، كانت هناك دعوة لكل احد لكي يترفع فوق مصالحه الخاصة. وكانت هذه الدعوة لوحدها بمثابة الفكرة الأساسية لكلمته. وهي دعوة لما تزل حديثة بما تحمله من عبر وقسوة.

انا لا اعرف ما ستحمله الأسابيع والاشهر المقبلة، لكنني اعرف امرا واحدا فحسب، وهو انه اذا لم تتحقق هذه الدعوة للترفع فوق المصالح الخاصة، ولو بعد مئة عام على اطلاقها، فإنه سيكون قد تمت خيانة الوعد، لأن بلدكم هو بحد ذاته وعد لنفسه، كما انه وطن شقيق وصديق لوطننا.

وهذه الصداقة لا تتم المصادقة عليها من خلال تواريخ والتزامات ومصائر متقاطعة فحسب، ولو كان كل ذلك في غاية الأهمية، من خلال مصير العديد من النساء والرجال، في حقول الفن والفكر المعاصرين او السابقين، إضافة الى العديد من المستثمرين الحاليين منهم والسابقين أيضا. انما هناك اكثر من ذلك في الرسالة التي يشكلها لبنان وهو في قلب فرنسا: عشق غير مشروط للحرية وتعلق بالمساواة بين المواطنين، إضافة الى ارتباط بما نسميه تعددية، وهو يعني في العمق الاعتراف انه إذا ما قررنا ان نكون مواطنين في دولة واحدة، أيا كانت عائلتنا وايا كان ديننا وايا كانت مصالحنا، فإننا قبل أي شيء مواطنين في هذا البلد، وفق رابط يجمعنا بما هو كوني له الاعتبار الأول. وهذا ما يجعل، اليوم بشكل خاص، وتحديدا في هذه المنطقة بالذات، رسالة لبنان ترتدي أهمية اكثر مما كانت عليه قبل مئة عام، لأنكم، من دون أي شك، آخر من يحمل هذا الإرث. وأن ينجح ذلك اليوم من قبلكم، في وقت ربما لم ينجح من قبل آخرين قبلكم وفي ظروف اسهل، فسببه انتم لأنكم انتم تحققون ذلك وفي ظروف اشد قسوة تبلغ حد المستحيل.

نحن سنكون هنا، وفق الصداقة عينها وروح الأمانة وحدها: امانة في هذا التاريخ وما يجمعنا من خلاله، وفق التزام بالسيادة والعشق غير المشروط للحرية.
هذا ما رغبت في قوله لكم في هذا اليوم، الذي هو بمثابة احتفال، ولكن ارجو من كل قلبي ان يشكل بداية لعصر جديد. عاش لبنان الكبير! عاش لبنان! عاشت الصداقة بين فرنسا ولبنان".

وبعد الغداء، غادر الرئيس الفرنسي قصر بعبدا وودعه الرئيس عون عند المدخل الخارجي للقصر.


========================

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب