أمسية موسيقية لطاقات شبابية أحيتها مهرجانات بعلبك في معبد باخوس

تحقيق - محمد أبو إسبر 



وطنية - فرضت الأوضاع الصحية الناجمة عن مخاطر Covid_19 ومتحوراته على لجنة مهرجانات بعلبك الدولية أن تقيم للسنة الثانية على التوالي، حفلا يتيما غاب عنه رواد وجمهور المهرجان، واقتصر نشاط اللجنة هذا الموسم على إحياء حفل موسيقي غنائي شبابي لمواهب واعدة، عرضته عبر شاشة ضخمة عند مدرجات معبد باخوس في قلعة بعلبك الأثرية، بعنوان: ShineOLebanon، تم تصوير لوحاته الموسيقية والغنائية والفنية ضمن مواقع أثرية رومانية بقاعية امتدت من بعلبك إلى معبد عين حرشة في قضاء راشيا، مرورا بنيحا وقصرنبا ومجدل عنجر.

رسالتان أرادتهما اللجنة من خلال عملها الفني الذي نقل مباشرة عبر محطات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، الأولى التأكيد بأن الإبداع الفني والثقافي اللبناني لن تغيبه قساوة الظروف الاقتصادية والصحية، فلطالما كان الطائر الفينيق تدب فيه إرادة الحياة بين الرماد، لذا ستبقى رسالة الفن تشع من لبنان كالشمس التي تشرق بعد بزوغ الفجر، وتعدنا بالنور والضياء مع بداية كل يوم على الدوام.

ورسالتها الثانية، هي بث الأمل بين صفوف الأجيال الشابة الصاعدة، ودعمها والوقوف إلى جانبها، والإيمان بطاقاتها الإبداعية، وبالتالي كل فنانينا الكبار كانت خطواتهم الأولى وبداياتهم على مدرجات بعلبك التي منحتهم فرصة النجومية، وتركوا في خوابي الفن المعتقة أروع القصائد المغناة وأجمل المقطوعات الموسيقية والألحان واللوحات الفولكلورية والتراثية والفنية الراقصة، إضافة إلى الليالي اللبنانية بأعمالها المسرحية الخالدة.

وتمكنت الأمسية البعلبكية، من تسليط الضوء على مواهب شبابية موسيقية وغنائية، شرقية وغربية، في مجالات وفنون شتى كلاسيكية، فولكلورية، روك، بوب، إلكترو، هيب هوب، جاز، ورقصات تعبيرية، ساهم في إبرازها وتقديمها للجمهور فريق من المخرجين وطواقمهم الذين جندوا وقتهم وإمكانياتهم وأفكارهم الخلاقة لتحقيق حدث موسيقي مميز، فترك كل من: إيلي رزق، سامر دادانيان، ميرنا خياط، إميل سليلاتي، باسم كريستو، شادي حنا، ميشال صليبا، أنغريد بواب، وروجيه غنطوس، بصماتهم في توليفة الأعمال الموسيقية والفنية.

البداية مع عازف العود زياد سحاب، الذي أطل من معبد "عين حورشة" الروماني في البقاع الغربي، ضمن موقع أثري يعود بناؤه إلى بدايات القرن الثاني الميلادي، وأثبت بأدائه وعزفه الممتع أن رشاقة أنامله وعذب ألحانه، كفيلة بإيقاظ سيلين آلهة القمر وهيليوس إله الشمس من سباتهما العميق، وأن التألق سيبقى سمة اللبنانيين. في حين عزف الملحن اللبناني الأرمني فلاديميركو رومليان مقطوعاته في معبد مجدل عنجر بين تيجان أعمدته المزخرفة التي تعود إلى نهاية القرن الميلادي الأول.

وأدت فرقة Taxi 404 وصلتها الفنية ومقطوعاتها المختارة من موسيقى الراب الفرنسية، من موقع حجر الحبلى عند مدخل بعلبك الجنوبي، الذي يضم أكبر حجر منحوت في العالم ويبلغ وزنه حوالي 1000 طن، والذي يعد من أبرز مقالع الصخر الذي بنيت من مواده معابد بعلبك.

وقدمت فرقة "آ كابيلا"، Beirut Vocal Point، عرضها الموسيقي الممتع بالتناوب بين أعضائها، ما بين معبد كبير الآلهة "جوبيتر" الذي تعتبر أعمدته الستة من أهم رموز لبنان والدالة على إرثه الثقافي والحضاري والتاريخي، إضافة إلى مشهديات أخرى في معبد إله الخمر "باخوس"، الذي يعود تاريخ بنائه إلى ما يزيد عن 1800 سنة، والصامد عبر الزمن بوجه أهوال الزلازل المدمرة، بسبب حجارته الضخمة ودقة هندسته المعمارية، والذي لطالما رويت حوله العديد من الحكايا والأساطير، ربما لكثرة ما يحتوي من نقوش ورموز تعود إلى آلهة الكنعانيين والرومان.

وكان لموسيقى "الجاز" مع خماسي مكرم أبو الحسن نكهة خاصة، زادت من روعتها جمالية معبد نيحا الفينيقي الروماني، في قضاء زحلة، الذي شيد لعبادة إلهة الجمال والخصوبة، والمتميز بحجارته الضخمة وأعمدته السبعة التي تحيط بالمذبح.

ومن بين معالم نيحا الأثرية أطلت فرقة "بوستكاردز" بأغانيها على أنغام موسيقى البوب، وأطلقت العنان لأحلامها المستقبلية.

وبالعودة إلى بعلبك عزفت الفنانة جنى سمعان على "التشيلو" مقطوعات ساحرة، ورافقها بلوحاته الراقصة والمعبرة مصمم الرقصات الفنان بيار جعجع، في ربوع معبد آلهة الحب والجمال "فينوس" الدائري، المنفرد في الجهة الجنوبية الشرقية من القلعة، والذي كان مخصصا لتكريم الآلهة التي تمثل بعلبك، وقد وسم في ما بعد باسم شفيعة المدينة القديسة الشهيدة بربارة.

ومن ثم مشهدية لفيديو من موسيقى الراب والبوب ضمن أسلوب خاص بالفنان سيرج، من موقع "حجر الحبلى".

وأدت فنانة ال "هيب هوب" "Blo Fiefer" موسيقى مختارة من ألبومها الأول المرتقب، في معبد قصرنبا الروماني، المعروف باسم "قصر البنات"، أو "قلعة العذارى"، المشيد على سفوح جبل صنين الشرقية، والذي يمتاز بأسلوبه الهندسي الذي زاوج بين الفن الهندسي الروماني والإبداع الفني المحلي. في حين عزفت غنوة نمنم، في معبد نيحا، مجموعة من مقطوعات كلاسيكية، ترافقت مع إيقاع دي جي. وعزف الفنان زيف على الغيتار وغنى، بين أعمدة وقناطر الطريق الرومانية أو ما يعرف باسم "البازيليك المدني"، قبل أن يختم الحفل على أدراج معبد باخوس بعزف حي على البيانو، ويغني من كلمات أنطوني أدونيس، وألحانه أغنية "ليش بدي إبقى". 


الحفل الموسيقي ShineOnLebanon، الذي قدم على مدى 80 دقيقة، أيقظ فينا الحنين لعودة المهرجان إلى حيويته السابقة ليستقطب سنويا عشرات الآلاف من عشاق الفن بألوانه المختلفة، وبلغته الإنسانية الجامعة. 



===========ر.إ

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب