لبنان ضمن فريق العمل على "المعجم التاريخي للغة العربية"
ضاهر للوطنية: اللغويون اللبنانيون أغنوا المكتبات بالمؤلفات والمعاجم 
نسعى الى اكمال دور الذين سبقونا ورفع اسم بلدنا عاليا

تحقيق كاتيا شمعون

وطنية - "المعجم التاريخي للغة العربية" مشروع وصل عدد مجلداته الى 36 مجلدا، تؤرخ لـ 9 أحرف من حروف اللغة العربية، يؤرخُ مفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً منذ عصر ما قبل الإسلام إلى العصر الحاضر.

يشارك في إنجاز المعجم، الذي يشرف عليه اتحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة، عشرة مجامع عربية، ويتولى مجمع اللغة العربية في الشارقة إدارة لجنته التنفيذية. يستند المعجم في إنجازه على "قاعدة بيانات تم جمعها وأتمتتها ووضع منهجيات وأنظمة الرجوع إليها خلال الأعوام الثلاثة الماضية لتضم اليوم قرابة 20 ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخية باللغة العربية منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام".
 

يشكل المعجم، إلى جانب أنه يبحث ويوثق لمفردات اللغة العربية، مكتبة إلكترونية ضخمة "مكونة من أمهات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة تمكن الباحثين والقراء بعد الانتهاء من مراحل إعداده كاملة، الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق يُعرض بعضها إلكترونياً للمرة الأولى في تاريخ المحتوى المعرفي العربي".
 

يختص المعجم بتوضيح عدد من المعلومات الرئيسة "هي تاريخ الألفاظ العربية؛ حيث يبحث عن تاريخ الكلمة من حيث جذرها، ويبحث عن جميع الألفاظ المشتقة منها وتقلباتها الصوتية، ويقوم بتتبع تاريخ الكلمة الواحدة ورصد المستعمل الأول لها منذ الجاهلية إلى العصر الحديث مركزا على الاستعمال الحي للغة"، أي أنه يختلف عن سائر المعاجم السابقة أنه "يستشهد بالنصوص الحية قرآنا وحديثا وشعرا وخطبا ورسائل وغيرها". كما خُصص تطبيق إلكتروني للمعجم التاريخي، بحيث يكون في مُتناول أصحاب الهواتف الذكية واللوحات الرقمية، وعبر الموقع الرسمي على الشبكة العنكبوتية العالمية: (www.almojam.org). 

البداية
بعد ان أنجزت عدد من اللغات العالمية معاجمها التاريخية، مثل الفرنسية والإنجليزية والسويدية والألمانية وغيرها،  تعددت المحاولات للعمل على معجم للغة العربية، ومن أبرزها تجربة مجمع القاهرة سنة 1936 التي انطلقت تحت إشراف المستعرب الألماني فيشر، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة آنذاك، وتوقفت بعد أن تم إعداد البطاقات الأولى من حرف الهمزة. الى ان كانت مبادرة حاكم إمارة الشارقة الدكتور سلطان القاسمي الذي قدم كل الدعم اللازم وعلى كل الاصعدة لإنجاز "المعجم التاريخي للغة العربية"، وأطلق الحاكم في العام 2021، 17 مجلّداً تضمّنت ما يزيد على 2000 جذر، وهي حصيلة عمل عامين، وبعد عام واحد فقط اي في العام 2022 ، تم اطلاق 19 مجلداً جديداً تشتمل على أكثر من 4200 جذر .


الجديد في الموضوع، انضمام لبنان في العام 2022، إلى عدد من الدول العربية التي تعمل على تنفيذ مشروع "المعجم التاريخي للغة العربية" وتمثله السيدة الوحيدة، بصفتها رئيسة مجمع اللغة العربية في لبنان، الدكتورة ساره ضاهر.
في غياب "مجمع للغة العربية" في لبنان على غرار  سائر الدول العربية، اختيرت جمعية «بالعربية» لتمثله، التي تأسست بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية اللبنانية الرقم 1373 كمنظمة غير حكومية لا تتوخى الربح. هدفها الأساسي الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانتها وتطوير الأدوات اللازمة لنشرها في المجتمع عموما وبين الشباب خصوصا والعمل على محو الأمية وخفض معدلاتها في لبنان إلى الصفر، وذلك من خلال تقديمها الخدمات التربوية والثقافية والاجتماعية.
وفي حديث الى "الوكالة الوطنية للاعلام" تشرح الدكتورة ضاهر اسباب هذا الاختيار، وتقول :"انتقاؤنا أتى اثر مشاركتنا الفعالة في مؤتمرات عدة  حول اللغة العربية، في واشنطن والإمارات وكندا وفي جامعة الدول العربية وفي الاونيسكو حيث تعارفنا خلال "اليوم العالمي للغة العربية". في العام 2021 وقعنا مع المجمع اتفاقية شراكة، وفي العام 2022 قدموا الرعاية لاختبار الكفاءة في اللغة العربية الذي نظمناه، كما مولوا المشروع. بعدها طٰلب منا تشكيل فريق عمل للمشاركة في تأليف المعجم التاريخي القومي العربي، الذي يدعمه ويموله صاحب السمو الشيخ محمد بن سلطان القاسمي حاكم امارة الشارقة،  تحت إشراف الامين العام للمجمع الدكتور محمد المستغانمي. واليوم اصبح اسم جمعيتنا "مجمع اللغة العربية في لبنان".
ورأت أن "لبنان مشهود له في دوره في مجال المعاجم سواء مع ابراهيم اليازجي او منير البعلبكي او غيرهم،  فاللغويون اللبنانيون الذين أغنوا المكتبات بالمؤلفات والمعاجم كثر، ويسعى هذا الفريق الشاب الى طرح وجهة نظر جديدة في هذا المجال واكمال دور الذين سبقوه ورفع اسم بلدنا عاليا، وتسجيل مشاركته في هذا المشروع القومي الذي يهم كل العرب وليس فقط دولة الامارات المشكورة على دعمها لإنجازه،  مما يشكل ركنا أساسيا للاجيال الشابة التي تريد ان تعرف عن تاريخ لغتها وتحول دلالاتها واشتقاقاتها". 
وأوضحت أن "انضمام لبنان الى الفريق الذي يعمل على انجاز المعجم امر مهم للبنان"، كما أملت ان "تنضم مختلف الدول العربية الى هذا المشروع". مشيرة الى ان  "فريق العمل يتألف من عدد من الاختصاصيين/ات في اللغة العربية من حملة شهادة الدكتوراه عموما، تم اختيارهم بعد ان خضعوا لدورات تدريبية من مجمع اللغة العربية في الشارقة، ونود ان نشكر لهم  دعمهم وتشجيعهم، والتدريب الذي خضع له الفريق حتى تمكنا من معرفة آلية العمل".

واشارت ضاهر الى ان "الفريق يتألف من: البروفسور جرجورة حردان، والدكاترة: نورا مرعي، دورين نصر، احمد نزال، فاطمة مطر، يسرا البيطار وجيهان قاسم. والأساتذة: اكرام عبد الفتاح، جان توما، نزيهة الحسن، وغلاديس حرب".
كما ثمّنت ضاهر جدا " انفتاح الأمناء العامين على مجامع اللغة العربية في الدول العربية"، لقبولها ضمن فريق عملهم، وقالت :"هذا شرف كبير اعتز به واشكرهم على منحي هذه الفرصة المهمة بالنسبة إلي، سواء على الصعيد الشخصي او لجمعية " بالعربية" وسواء للبنان".
ولفتت  الى انه "حاليا يتم العمل على اعداد مشاريع عدة بالتعاون مع مجمع اللغة العربية في الشارقة، بهدف تعزيز اللغة العربية في لبنان وتمتين علاقة المجتمع معها عموما، مما يَصْب في الهدف من فكرة انشاء الجمعية، وذلك بعد ان اجرينا العديد من الإحصاءات والدراسات والابحاث والاستفتاءات سواء في الشركات والجامعات والمدارس والمؤسسات الاعلامية لنجد مكامن الخلل. ووصلنا الى خلاصة مفادها انه على صعيد المدارس مثلا، ينفر  بعض الطلاب من اللغة العربية بسبب  مللهم خلال الحصة، فاللغة الفصحى موجودة في الكتب فقط، وهم يدرسونها ليمتحنوا فيها  وليس لاستخدامها في حياتهم اليومية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.  من هنا أتت فكرة تحضير اختبار كفاءة  باللغة العربية محدد لنهاية كل مرحلة من المراحل التعليمية الأربعة، لنتأكد ان التلميذ اكتسب المهارات اللازمة لتحضير الدراسات للبناء على الشيء مقتضاه".

اضافت:"وجدنا ان جزءا أساسيا من مشكلة اللغة العربية، تكمن في اساتذة هذه المادة، اذ ان بعضهم يختار تدريسها  كمهنة فقط وليس حبا بها. وبالتالي من لا يحب هذه المادة لا يستطيع ان ينقل حبه وشغفه بها الى تلاميذه، ويكون يؤدي واجبا فقط، وهو هنا لا يشعر بالانتماء الى هذه المادة ولا بواجب تحديثها وتطويرها وترغيب التلاميذ بها. كما لاحظنا وجود مشاكل عدة تواجه الموظفين الذين يستخدمون لغتين في وظائفهم، ابرزها الأخطاء اللغوية، لانهم لا يتقنون اللغة العربية وابتعدوا عنها مع ابتعادهم عن مقاعد الدراسة، والمشكلة الثانية انهم ينقلون الصياغة الغربية الى اللغة العربية مما يحدث خللا في تركيب الجمل". 

=====ج.س

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب