سلوى بعاصيري: إقامة معرض بيروت العربي والدولي للكتاب هي
عملية استنهاض ثقافي لبيروت كعاصمة لا تنكسر ولا تنهزم

تحقيق كاتيا شمعون

وطنية - لم يمر خبر إعلان "النادي الثقافي العربي" عن بدء التحضيرات لتنظيم "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والستين"، من 3 الى 13 آذار 2022 في قاعة "سي سايد" للمعارض، مرور الكرام على اللبنانيين بشكل عام والمثقفين والناشرين بشكل خاص. اذ لاقى عند البعض استحسانا وترحيبا وعند البعض الاخر استهجانا واستغرابا!! والسبب، انه كيف يمكننا الحديث عن الثقافة والكتب في ظل اوضاع خانقة وضاغطة على كل المستويات لا سيما السياسية والاقتصادية منها حيث الاولوية هي لتأمين الطعام والخبز. اما ابتهاج البعض الاخر فمرده الى فسحة الامل التي يبثها المعرض في ضيق "فسحة" حياتنا في انتظار ان ينبعث طائر الفينيق مجددا.

فبعد انقطاع قسري لثلاث سنوات متتالية (من العام 2019 ) بداعي الازمات المتلاحقة على لبنان وصولا الى جائحة كورونا  وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الذي هدم المركز حيث كان ينظم،  يعود "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" الى الساحة الثقافية التي كان اول مؤسسيها في 23 نيسان من العام 1956 حين قام "النادي الثقافي العربي" بتنظيم "أَوَّل معرض عربي للكتاب فِي الشرق العربِي فِي القاعة الغربية لِلجامعة الأَمرِيكية فِي بيروت واِستمر لِمدة ثلاثة أَيام". وحقق يومها نتائج كبيرة كانت الدافع لِأَعضاء النادي "للمضيّ قُدُماً فِي إقامة هذا المعرِض سنَويا ؤبصورة دائمة، لِيغدُو مع الزَّمن أَحد الرَّكائز والمعالم الثقافية لمدينة بيروت ولبنان والعالم العربي". وفي العام 1992 تغير اسم المعرض ليتحول من : "معرض بيروت العربي للكتاب" إلى "معرض بيروت العربي والدولي للكتاب".

يشغل المعرض في دورته 63  (الاستثنائية)،  مساحة حوالى 4 الاف متر بعد ان كان يحتل مجالا اكبر (10الاف) وذلك بسبب الدمار الذي لحق بالموقع نتيجة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، على ان يتم الانتهاء من بناء القاعة الرئيسية في الموعد الرسمي السنوي لانعقاد المعرض اي في شهر كانون الاول المقبل في دورته 64، وهكذا تكون دورتان قد عقدتا في عام واحد، عن هذا الموضوع تقول رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري:" لو لم نقم هذا المعرض الان في اذار ٢٠٢٢ وتأخرنا الى كانون الاول المقبل، كنا فعلا تغيبنا لثلاث سنوات. ونحن أردنا ان نخسر فقط سنتين". 

وعما اذا كان الوقت ملائما لإقامة معرض للكتاب، تجيب بعاصيري:" لماذا نقوم بذلك على الرغم من كل الصعوبات؟ لاننا ندرك ان الواقع الصعب الذي يمر به لبنان والعاصمة بيروت لا يستوجب منا الاستسلام. والقول ان هناك أولويات كثيرة تتقدم على الهم الثقافي هو مفهوم قابل للتساؤل. فالثقافة تعني تغذية الفكر والمعرفة. واذا كان هناك فكر ومعرفة يعني ان هناك قدرة على استنباط الحلول لكل المشاكل الاخرى. اما الانغماس في الهم اليومي والمعيشي فلا يولد افكارا للحلول. من ضمن هذا الامر، ان معرض الكتاب هو تظاهرة ثقافية والتقاء لافكار منتجي الرأي عبر الكتب والانشطة المرافقة. كل هذا الامر يولد طاقة معرفية تستطيع ان تقدم للفرد اللبناني الرؤى والأفق الجديدة للتفكير قد تساعده في ايجاد المخارج لكل المشاكل التي يمر بها"عن هذا الموضوع تقول رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري: "لو لم نقم هذا المعرض الان في اذار 2022 وتأخرنا الى كانون الاول المقبل، كنا فعلا تغيبنا 3 سنوات. ونحن أردنا ان نخسر فقط سنتين". 
 
وهل الوقت ملائم لإقامة معرض للكتاب؟ 
أجابت: "لماذا نقوم بذلك على رغم كل الصعوبات؟ لاننا ندرك ان الواقع الصعب الذي يمر به لبنان والعاصمة بيروت لا يستوجب منا الاستسلام. والقول ان هناك أولويات كثيرة تتقدم الهم الثقافي هو مفهوم قابل للتساؤل. فالثقافة تعني تغذية الفكر والمعرفة. واذا كان هناك فكر ومعرفة يعني ان هناك قدرة على استنباط الحلول لكل المشاكل الاخرى. اما الانغماس في الهم اليومي والمعيشي فلا يولد افكارا للحلول. من ضمن هذا الامر، ان معرض الكتاب هو تظاهرة ثقافية والتقاء لافكار منتجي الرأي عبر الكتب والانشطة المرافقة. كل هذا الامر يولد طاقة معرفية تستطيع ان تقدم للفرد اللبناني الرؤى والأفق الجديدة للتفكير قد تساعده في ايجاد المخارج لكل المشاكل التي يمر بها".
وتوضح بعاصيري" ما أخر "النادي الثقافي العربي" عن اقامة هذا المعرض سابقا ليس التخاذل، انما تعرض الموقع الذي يقام به المعرض سنويا قي وسط بيروت، الى دمار شبه كامل اثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب.  وكنا بإنتظار عمليات الترميم التي ما زالت مستمرة حتى الساعة، ونحن نحتل الان جزءا من المساحة الكلية التي اعتدنا عليها. هذا هو المتوفر فيما نامل ان تكون عملية الترميم اكتملت في شهر كانون الاول المقبل وبالتالي نعود الى المساحة الكاملة".
 
ولدى السؤال عن المنافسة بين الكتاب الورقي والرقمي، تؤكد بعاصيري انها "تفضل قراءة الكتاب الورقي" وتضيف: "لا خوف على الكتاب، لان هناك أمزجة للقراء، بعضهم يستمتع بالقراءة واستنشاق رائحة الحبر وتلمس اوراق الكتاب بين أصابعه، وهذه سعادة إضافية عن المعرفة في ذاتها. وهناك من تعود على وسائط اخرى وهذا يكفيه. لذلك كل ما اتسعت مروحة الخيارات كان هذا الامر بديلا لمحدودية الوصول الى القمة. 
 
قد يقال ان دور النشر تجد صعوبة هذه الايام في تسويق الكتب لاعتبارات عدة منها المالية والوسيط الرقمي الذي يأخذ مكان الكتاب الورقي. ان الكتاب الرقمي هو وسيلة انتشار واسعة من اجل الوصول الى المعرفة. وكلما تنوعت وتقدمت مروحة الوسائط يكون امرا جيدا اذ ان المهم ان تصل المعرفة الى القارئ وتعمم على الجميع، وهذا هدف المنظمات الدولية سيما الاونيسكو التي تحرص ان تكون المعرفة في متناول الجميع اكانت ورقية او عبر وسائط اخرى".
 
وعن تأثير القدرة الشرائية للبنانيين التي انخفضت الى أدنى المستويات على شراء الكتب، تقول: "نحن ندرك ان الهموم تكاثرت في لبنان وتعاظمت، والهم المعيشي اصبح يتقدم سائر الهموم، ولكن علينا دائما الا ننسى ان المخرج من المأزق يجب ان يكون حبر الفكر الانساني المتطور والمستنير، وليس من فكر انساني مستنير من دون قراءة وبلا اطلاع ومعرفة. وكي نخرج من مأزقنا علينا ان نعرف اكثر ونستطلع الموضوعية وصدق المعلومة اكثر، وهذا لا يكون الا بالكتب الموثقة والمعروفة والمصادق عليها. بالتالي ان اللبناني ذكي، يستطيع ان يميز اين الاولويات ولو كان هناك من قرار مسبق بإغراقه بكل الهموم لإبعاد نظره عن الاساس، لكن مع الوقت دائما يمكنه ان يلحظ ويميز الباطل من الحق". 
 
واعتبرت "ان معرض الكتاب هو مدخل ووسيط للوصول الى قلب الانسان وفكره في آن، ليقول ان المعرفة هي سلاح أقوى للفرد وتحصنه. في كل الحالات هناك فئات مختلفة من الناس، بعضهم لا يستطيع الحصول مباشرة على الكتاب، في حين ان هذا الامر في متناول اخرين، لذلك يمكننا، مثلا، ان نشتري كتابا وبعد الانتهاء من قراءته نعطيه لمن لا يستطيع الشراء او يمكن ان نتبرع به لمكتبات عامة ونتشارك به مع الآخرين. اذ ان كل شي نتقاسمه ينقص الا المعرفة فإنها تكبر مع تقاسمها وتشاركها". 
 
وأضافت: "نشهد حاليا على التطور الرائع لمعارض الكتب في العالم العربي، ومنها معرض الشارقة الذي صنف من أوائل المعارض في العالم من حيث حقوق النشر وجمالية العرض وما يتبع من تسهيلات مشرقة، ويسعد لبنان ان يرى في العالم العربي هذا التقدم، اذ انه كان رائدا في المعارض العربية ونحن في مجال معرض الكتاب منذ العام 1956 حين نظم النادي الثقافي العربي المعرض  الاول في بيروت وكان رائدا وملهما للدول العربية الاخرى. وعندما نرى هذا الجهد الكبير الذي يبذل في سائر الدول، فهذا مصدر سعادة للبنان انه استطاع ان يكون ملهما ورائدا للآخرين، وهو حتما سيستعيد مكانته. طبعا انه يمر في ظرف قاس وهو سينهض. وإقامة المعرض اليوم، هي عملية استنهاض ثقافي لبيروت العاصمة التي تنكسر ولا تنهزم. وردا على مقولة "ان الظروف لا تسمح " اقول ان الانسان هو من يوفر الظروف وهو من يستطيع ان ينهزم امام القاسي منها او يتغلب عليها. اذا كان عنده الإرادة فحتما سيقف مجددا. وهذا ما عرف عن اللبناني انه قد يصاب بكثير من الازمات، ولكنه قادر على ان ينهض من جديد".
 
واوضحت ان " 90 ناشرا لبنانيا يشاركون في المعرض، كما يتضمن 30 فعالية تتوزع بين ندوات ثقافية فكرية عن لبنان النهضة والحديث عن الرؤية الثقافية للبنان الغد وايضا حول اللغة الام تحت عنوان "البوح " وهي نوع من تعزيز لمكانة اللغة الام واللغة العربية عامة، اضافة الى أمسيات شعرية وتواقيع لإصدارات جديدة اضافة الى حفلات موسيقية والعديد من الأنشطة التي ستكون مسار اهتمام اللبنانيين جميعا".
 
ويشار الى ان "النادي الثقافي العربي هو نادي ثقافي لبناني. تأسس في مدينة بيروت  عام 1944على يد نخبة فكرية من اللبنانيين هم: نديم دمشقية وفؤاد سليم سعد ورامز شحادة، بهدف الإسهام في الحياة الثقافية اللبنانية والعربية وتنشيطها. ومن أهم منجزاته تأسيس معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، أول معرض للكتاب في العالم العربي، بالإضافة إلى العديد من الإصدارات". ويهدف المعرض الى "تعزيز الثقافة ورفع الشأن الثقافي العام".

              =============م.ع

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب