مغاور أنفه: بعضها قيد الاكتشاف وأخرى ناشطة سياحيا

تحقيق فاديا دعبول

وطنية - تتكشف في أنفه، من بين أمواج البحر، عند "شاطئ تحت الريح"، مغارة "بئر السيدة"، وقد برز سقفها فوق سطح المياه بشكل جزئي مع مغاور بحرية أخرى مجاورة. ما يشير الى وجود تغيرات طبيعية، وانحسار مياه البحر، قد يؤدي في فترات جيولوجية مقبلة الى ابراز كامل المغارة اسوة بما سبق وجرى بسائر المغاور المنتشرة حاليا في البلدة.

اذ انه تاريخيا، وفق علم الجيومورفولوجيا أو ما يسمى بعلم القشرة الارضية، ظهرت بشكل طبيعي على الشاطئ الانفاوي، اواخر العصر الجيولوجي الرابع، سلسلة من التلال الرسوبية، نتيجة التغيرات المناخية المتقلبة بين الحارة والباردة. وقد كانت تغطيها مياه البحر نتيجة ذوبان الجليد على القطبين. حتى ان مستوى مياه البحر، وفق الباحثين، كان يجتاز انفه ليصل الى تلال زكرون وبرغون. الا ان المياه كانت تتراجع مع عودة الطقس المثلج في العصور الجليدية اللاحقة.

ونتيجة ترسبات رملية بحرية، تشكلت عند منحدرات الجهة الغربية في أنفه سلسلة تلال تمتد لجهة الشرق، أهمها تلة مار انطونيوس، منخفض مار يوحنا، تلة البركة، منخفض شق الحمة، تلة العين وتلة الغير. وقد ساهمت فترة تراجع البحر في تكوين سلسلة مغاور، بفعل تضارب امواج البحر بتلك التلال الصخرية. ومن ابرز هذه المغاور" مغارة الشق" المرتفعة حاليا عن سطح البحر بمستوى 20 م. منذ ما يزيد عن 80 الف سنة تقريبا. اضافة الى مغاور تلة الغير وأهمها مغارة نبع الغير، مغارة العامود، مغاور شق الحمة، مغارة نبع البركة، مغاور مار يوحنا، مغاور تلة مار انطونيوس، مغارة البزيزات، مغارة الحمام مقابل منتجع اللاس ساليناس، مغارة الجنية عند مجرى النهيرة ومغارة الدرزية مقابل منتجع المارينا دل سول. وجميع هذه المغاور منتشرة بخط مواز لشاطئ انفه على إمتداد مسافة تقدر بكيلومترين تقريبا. وهناك ما يتجاوز ال25 مغارة و"كافية" وهي المغارة الصغيرة أو الملجأ تحت الصخور وفق الانفاويين.

الا ان مغارة الشق، تعد الاهم من بين مغاور أنفه، كونها شاهدة على الحياة البشرية في العصر الحجري، حينما كان الانسان الاول يتابع حركة مياه البحر في مده وجزره ويتنقل في سكنه من مكان لاخر. وتعود ملكية العقار الكائنة عليه المغارة لعائلة مخائيل ساسين. وقد استعملت قديما حظيرة للحيوانات من قبل عائلات عدة، الى ان عملت عائلة ساسين منذ العام 2004 على تنظيفها، وتأهيلها وجمعها بقسميها، وتحويلها الى معرض تراثي يضم نماذج من الادوات التقليدية كافة التي كان يستعملها الانسان عبر التاريخ.

وحفاظا على الاجواء التراثية، تحتل المتحجرات زاوية اساسية في المغارة لتشكل دليلا علميا بحتا على ان البحر كان يغمر المكان بما بقي على الصخور من آثار أنواع الأصداف والعظام والشظايا الصوانية.

وهكذا حولت عائلة ساسين بفضل جهود ابنيها المهندسين جرجي وحاتم "مغارة الشق" الى شبه متحف تراثي إتنوغرافي مفتوح للزيارات التربوية والثقافية والسياحية والعلمية والبيئية، بهدف ابراز تاريخ المغاور والمنطقة في فترات ما قبل التاريخ. إذ ان الاخوين ساسين قاما باستصلاح المغارة والمحافظة عليها دون المس بمعالمها الطبيعية التاريخية. وهما يسعيان في كل مناسبة، لتسليط الضوء امام الزوار على المغاور ودورها في تاريخ الحضارات والأديان، وعلى اسلوب عيش الانسان الاول فيها، بشكل ملموس من خلال المعروضات والصور والنماذج مثل وسائل اشعال النيران بحجارة الصوان وصناعة الادوات الحجرية وغير ذلك.
وفي حين تمكنت "مغارة الشق" من جذب السياح اليها، ولا سيما انها تشكل محطة سنوية في الجولات السياحية التي تقام على هامش مهرجانات انفه، ويتم الاحتفال داخلها في ذكرى شفعائها الفتية السبع (أهل الكهف) في 22 تشرين الأول من كل عام. تتوجه انظار الانفاويين الى مغارة "بئر السيدة" المغمورة بالمياه، والمغاور الاخرى المجاورة لها، في اطار الكشف عنها وتنشيط السياحة البحرية.


================= و.خ

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب