ندوة في "اليوم العالمي 21 لمناهضة عقوبة الإعدام" اوصت بخطة استراتيجية تدرس الواقع وتنشط على اساس إلغائها

وطنية - نظّمّت "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية - LACR" بالشراكة مع المنظمة الفرنسية "معًا ضدّ عقوبة الإعدام - ECPM" ندوة وطنية حقوقية ليوم كامل بجزأين، الأول عن "الواقع المحلي والعالمي وآفاق التقدّم الحاصلة" والثاني عن "التعمّق في الجانب القانوني والبدائل، في إطار استعادة النقاش العلمي واللاعنفي حول عقوبة الإعدام وبمناسبة "اليوم العالمي 21 لمناهضة عقوبة الإعدام".

افتتح الندوة المحامي رفيق زخريا ممثّلاً "الهيئة" والمحامي ريشار سيديّو ممثِّلاً "المنظمة"، وتضمّنت كلمة زخريا تحية وفاء للراحل الدكتور وليد صلَيبي رائد مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان مع وقوف دقيقة صمت لذكراه.

الجلسة الاولى

وتضمنت الندوة خمس جلسات عمل متخصّصة في الجوانب التي تفيد الآن في لبنان من أجل التطوير والعدالة، وادارت الجلسة الأولى الصحافية ديانا سكيني من جريدة النهار، وكانت مخصّصة مع الدكتورة أوغاريت يونان مؤسِّسة الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان منذ العام 1997، حول هذه المسيرة: إنجازات وآفاق. حيث عرضت يونان للإنجازات الاستراتيجية للحملة، وقالت: "نحن أسّسنا ثقافة مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان، بعمل إبداعي وشامل، ولا عودة إلى الوراء، وهذه الإنجازات باتت في صميم الواقع".

ثمّ تحدّثت عن أنّ "الكلام الذي يتكرّر في كلّ فترة عن الإعدام، يتطلّب منّا أن نعود ونفهم لماذا نقول لا لعقوبة الإعدام، وفي الأساس نقول لا للجريمة. تمّ تزويد المشاركين بوثيقة "20 حجّة لرفض الإعدام"، تشمل معطيات علمية وإحصائية وقانونية وتاريخية وفكرية ودينية وشهادات للأهالي وإنجازات محلية وعالمية".

ورأت يونان ان "عقوبة الإعدام هي شراكة في العنف، فعقوبة الإعدام تقتل. ومسؤوليتنا ألاّ نكون مع العنف، مع القتل. فنحن نرفض القتل الأول أي الجريمة الأولى، والقانون يعاقب على القتل، فكيف نعود ونطالب بالقتل، بالإعدام؟ وعندها، كيف يعالج القانون القتل بالقتل، ومن يعاقب القانون إذن؟ وهل نحن ببّغاوات نقلّد الجريمة بجريمة؟ نحن نعلن الخداد على ضحايا الجريمة الأولى وعلى ضحايا الإعدام، كما يقول وليد صلَيبي".

وكانت مداخلة للمحامية لينا العيّا من جمعية "عدل ورحمة"، تناولت فيها "واقع المحكومين بالإعدام القابعين في السجون، وعددهم الحالي 78 شخصًا، وهم لبنانيون ومن جنسيّات أخرى"، مع توضيحات حول "الفئات الاجتماعية والعائلية والأعمار وأيضًا زيارات ذويهم إليهم إلخ"، وشرحت عن "ظروف السجن، خصوصا التدهور الكبير داخل السجون في ظروف الغذاء والصحة جرّاء الأزمة الحالية في البلاد"، وتطرّقت إلى "بعض الجوانب القانونية في ملفات هؤلاء المحكومين"، وختمت مذكرة أن "حكم الإعدام يصدر عن المحكمة باسم الشعب، فهل الشعب قاتل؟".

الجلسة الثانية

وخصصت الجلسة الثانية "لواقع إلغاء عقوبة الإعدام في العالم" أدارها الدكتور مكرم عويس، وتحدّثت فيها رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "ECPM" الحقوقية جوليا بوربون فرنانديز، فعرضت للإحصاءات العالمية والتطورات الإيجابية المؤثرة، وقالت: "الاتجاه العالمي بات محسومًا: 147 بلدًا في العالم ألغت الإعدام من مختلف القارات. وحتّى دول "منظمة التعاون الإسلامية" (عددها 57 بينها لبنان)، 19 دولة منها ألغت الإعدام، و14 في حالة تجميد تنفيذ أحكام الإعدام، وهذه معطيات محفِّزة جدًا لنا"، وهنأت لبنان "لتجميده تنفيذ أحكام الإعدام حوالى 20 سنة"، وأعربت عن قلقها من "احتمال لجوء السلطة لسبب ما إلى استعادة التنفيذ في حين أنّ لبنان بلد متقدّم في هذه القضية".  

ثمّ تحدّث ممثلان عن وزارة العدل القاضي أيمن أحمد والقاضية أنجيلا داغر، فعرضا لـ"وضع الإعدام في لبنان في ظلّ التوصيات ذات الصلة الناتجة عن "الاستعراض الدوري الشامل UPR" في الأمم المتحدة"، وتطرّقا إلى دور القاضي الملزم تطبيق النصّ"، متطلّعين إلى "تطوير القانون وتعديل التشريع في المجلس النيابي"، وأكدا "دور وزارة العدل الأساسي في تصويت لبنان الرسمي في الجمعيّة العامة للأمم المتحدة لصالح القرار الخاص بوقف تنفيذ حكم الإعدام moratorium، المرّة الأولى عام 2020 والمرّة الثانية عام 2022. وهذا إنجاز للبنان".

أمّا مداخلة ممثّل "المفوضية السامية لحقوق الإنسان - OHCHR" الخبير علاء قعود، فتمحورت حول "الصكوك النافذة في الأمم المتحدة حول إلغاء عقوبة الإعدام"، حيث أكدّ "ضرورة التزام لبنان بالتوصيات الخاصة بهذه المسألة في "الاستعراض الدوري الشامل UPR" في الأمم المتحدة"، كذلك تحدّث عن "أهمية العمل على الضمانات والبدائل في إطار مناهضة عقوبة الإعدام، كي تتماشى مع واقع المجتمع".

الجلسة الثالثة

وتناولت الجلسة الثالثة "واقع واستراتيجيّات المناصرة البرلمانيّة"، أدارها الإعلامي رامز القاضي، تحدّثت فيها النائبة بولا يعقوبيان، فأعلنت عن موقفها "الرافض لهذه العقوبة"، وتقديرها "للدور الإنساني والريادي لمؤسّسي مسيرة مناهضة الإعدام في لبنان الدكتور صلَيبي والدكتور يونان"، واعربت عن تأثرها "أول مرة بموقف الرئيس سليم الحص الضميريّ المشرِّف، حين امتنع عن توقيع مرسومي إعدام بحقّ شابين في العام 2000"، ولفتت إلى "ضرورة إيلاء الاهتمام بآراء المطالبين بالإعدام، وما يكتبونه في وسائل التواصل الاجتماعي، كي تتمّ دراسة التوقيت للعمل على هذه القضية بدقّة".

وكانت مداخلة أساسية للدكتورة أوغاريت يونان عن "واقع المجلس النيابي إزاء قضية إلغاء عقوبة الإعدام"، وهي التي أجرت الأبحاث واستطلاعات الرأي الأولى في لبنان مع النواب منذ العام 2000 وعلى مدى أكثر من مجلس نيابي. وأتت النتائج الإحصائية الخطية بأنّ حوالى 70 بالمئة من النواب هم مع إلغاء الإعدام فورًا أو تدريجيًا"، وعرضت "لمشاريع واقتراحات القوانين التي جرى تقديمها في لبنان، يُضاف إليها أنّ "خطة العمل الوطني لحقوق الإنسان" التي أعدّها المجلس النيابي وأقرّها عام 2008 تضمّنت إلغاء عقوبة الإعدام".

الجلسة الرابعة

وتناولت الجلسة الرابعة "إمكانات التأثير في السِلسِلة العقابيّة لأحكام الإعدام" أدارها الدكتور عصام سباط، تحدثت فيها رئيسة لجنة تنفيذ العقوبات القاضية ماري ليوس، لصالح قانون تخفيض العقوبات، وشرحت أهميته مع "ضرورة تعديل البنود المفتقرة فيه للعدالة لا سيّما بما يخصّ المحكومين بالإعدام"، وأوردت أمثلة حيويّة من الواقع، وأعربت عن استعدادها "لشرح هذا القانون وتعميمه على المحامين والحقوقيّين"، حيث تأسّفت "كون العديد لا يعرفون عنه أو يطبّقونه بشكل غير سليم".

وقدم المحامي رفيق زخريا ثلاثة أمثلة من واقع تنفيذ أحكام الإعدام في لبنان، لإظهار البشاعة والأخطاء القضائية وكذلك الإجرائية أثناء تنفيذ الإعدام. وعرض فيديو مؤثّر عن تنفيذ الإعدام في ساحة طبرجا عام 1998.

وقدم المحامي ريشار سيديّو أمثلة عن الواقع القانوني وإمكانات التأثير في السلسلة العقابية، من تجربته في فرنسا، وخصوصا في بلدان عدة حيث شارك في الدفاع عن محكومين بالإعدام. وأشار إلى "ضرورة استفادة المحامين في لبنان من "المرصد الأوروبي" الذي يحمي المحامين المدافعين عن المحكومين بالإعدام"، وابدى إعجابه "بما لدى لبنان من خبرات ومثقفين وحضارة ونضال مدني"، معربًا عن تعجّبه في الوقت عينه من "الاستمرار في الحفاظ على عقوبة الإعدام".

الجلسة الخامسة

وتناولت الجلسة الخامسة والأخيرة "قانون العقوبات"، أدارتها الحقوقية ريما ابراهيم، وتحدّث فيها المحامي والدكتور في القانون عصام سباط، فاختار أن يبدأ كلمته بالاعتراف بأنّه كان "من أشدّ المؤيدين لعقوبة الإعدام وبات من أشدّ المناهضين لها"، وعرض "لمواد قانون العقوبات المدني والعسكري، وبينها غرائب في أحكام الإعدام"، وقدّم بعض الأمثلة من تجربته في السجون واقتراحات وبدائل.

واكد المحامي والناشط في مناهضة الإعدام الدكتور زياد عاشور، موقفه الجذري "الرافض للإعدام"، وقال: "لا يجوز أن يخضع لأيّ اعتبارات أو ضمانات"، وعرض لتجربة مرافعة نموذجية في قضية متّهم يواجه حكم الإعدام، تمّت بالشراكة بين محامين من جمعية "عدل ورحمة" مع نقابة المحامين في باريس ممثّلة بالنقيب شخصيًا.

وختتمت الندوة بخلاصات شدّدت على أنّ "الحقوق كلّها أولويّة، ولا مفاضلة بين حقّ وآخر، وما نستطيع أن ننجزه في أيّ وقت يكون لصالح الجميع. أمّا التوقيت لإلغاء عقوبة الإعدام، فسيكون من خلال خطة استراتيجية تدرس الواقع وتنشط على هذا الأساس". كما شدّدت على "أولويّة نشر هذه المعرفة وهذا الوعي العلمي الدقيق حول موضوع الإعدام، كونها ثقافة مهمّشة وفيها الكثير من المغالطات".

وقد عبّر الحضور عن استعدادهم "لتفعيل مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان".

 

                                                            =========م.ع.ش.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب