ندوة في دار الندوة شارك فيها مرهج وسيف وصباحي والسفياني وفانوس: الاستقلال لا يكون كاملا إلا اذا نجح في إبعاد كل اشكال الهيمنة عن بلادنا

وطنية - أقيمت ندوة في الذكرى الـ 78 للاستقلال والذكرى 33 لتأسيس "دار الندوة" عبر تطبيق "زوم" بعنوان "دار الندوة وثقافة الاستقلال" تحدث فيها رئيس مجلس إدارة الدار الوزير السابق بشارة مرهج، الامين العام للحركة الثقافية - انطلياس الدكتور أنطوان سيف، حمدين صباحي من القاهرة، رئيس مؤسسة محمد عابد الجابري الثقافية المحامي خالد السفياني - الدار البيضاء، المغرب، ورئيس "ندوة العمل الوطني" - بيروت الدكتور وجيه فانوس، وشاركت فيها شخصيات سياسية وثقافية واجتماعية من لبنان والوطن العربي.
 
مرهج
وألقى مرهج كلمة افتتاحية قال فيها: "تتشرف دار الندوة التي تأسست في 22 تشرين الثاني عام 1987 أن تحتضن هذا اللقاء الوطني المتحلق حول ذكرى استقلال لبنان وما يمثله من قيم ديموقراطية تقدمية نتمسك بها ونحرص على تكريسها في حياتنا اللبنانية المعاصرة التي لوثها الفساد وأثخنتها الفئة الضالة بالجراح. فالاستقلال إنجاز كما هو أمانة، وأسوأ ما يقوم به الحاكم أن يتغنى بالاستقلال ورموزه وانجازاته، ويتنكر له في أفكاره وممارساته وقراراته. فالاستقلال في حاجة الى رعاية وحماية وتضحية كي يضرب جذوره في الأرض ويتحول الى قلعة حصينة تقوى على الحصانة المفتعلة، والفتنة المتنقلة. قلعة تحصن القرار الوطني المستقل وتدافع عن الحرية والمسؤولية والكفاية، وتتصدى للاحتكار والاستغلال والفساد. فاللبناني لم يتحرر من الاستعمار واستبداده ليقبل بالتسلط على يد من تسلم السلطات من الأجنبي فتمثل به وقلده وبزه في بعض الأحيان عندما أطلق العنان لغرائزه وأطماعه، وأستغل كل نقيصة في مجتمعه وتاريخه لترسيخ نفوذه على حساب الاستقلال، ولقمة عيش المواطن، ودواء المسن، ومقعد المدرسة، وحليب الطفل".
 
وأضاف: "عقد اللبناني الآمال على الانتفاضة المباركة التي انبثقت في تشرين عام 2019 من قلب المعاناة الشعبية، وردا على تسلط الطبقة الحاكمة وفقرها الروحي ونهمها المادي، فانخرط فيها حتى تحولت الى حركة جارفة تسعى الى وقف الانهيار وإصلاح الأوضاع ومحاسبة لصوص الهيكل وحراسه الذين ائتمنوا على المال العام فنهبوه، وعلى مصير المجتمع فخانوه، وعلى مستقبل الدولة فتقاسموا خيراتها،  وعلى الشهادة الجامعية فزوروها وباعوها وباعوا معها شرف لبنان ورايته وسمعته. لقد استخدمت القوى المستفيدة من الواقع الراهن كل ما لديها من أسلحة قمعية ومذهبية وإعلامية لإضعاف الانتفاضة وتفكيكها الى مجموعات تختلف في تشخيص وتحديد الأولويات".
 
وتابع: "أما الفساد الذي استوطن عقل التحالف الحاكم فهو في طليعة العوامل التي تهدد الاستقلال وقيمه السامية، ولذلك فإن محاربة الفساد اليوم تعني أولا استعادة للأموال المنهوبة والمهربة مثلما هي استعادة للكرامة الوطنية، ولا سيما الاستقلال الذي يعني حق الشعب في وطن حر مستقل ودولة فاعلة خاضعة للقانون والمحاسبة. وفي ظل الكوارث التي حلت بلبنان، وجلها من صنع الحكام، قام هؤلاء بأمر واحد: رعاية مصالحهم وزيادة ثرواتهم على حساب لبنان وأهله وموارده دونما اكتراث لواجباتهم تجاه الدولة وآلة الحكم".
 
وختم: "لكل ذلك حان الوقت للفئات الشعبية والطبقات المتوسطة الدخل والتجمعات الديموقراطية والقوى التقدمية والشخصيات النزيهة أن تتقدم الصفوف وتملأ الفراغ وتتصدى للفاسدين، وتعيد بناء الدولة على أسس ديموقراطية عصرية يتساوى فيها اللبنانيون نساء ورجالا في الحقوق والواجبات. دولة مدنية لا مكان فيها للطائفية والمحاصصة والمذهبية".
 
سيف
وألقى الدكتور سيف كلمة قال فيها: "عندما كانت بيروت منشطرة الى شطرين متقاتلين عسكريين، نحن كنا جريئين  و"دار الندوة" وهي نشأت بعد 10 اعوام من انطلاق الحركة الثقافية في انطلياس".
 
وتحدث عن "3 أمور كان مؤسس الدار المرحوم منح الصلح قد شدد عليها وهي: 
 
- التصميم على انطلاق "دار الندوة" في عيد الاستقلال وهو القومي العربي، الذي كان من أوائل الذين قالوا ان الاستقلالات الوطنية والمستقلين هم أساس ممر اجباري لكل النهضة التي نحن نطمح اليها في العالم العربي النهضة الثقافية والنهضة السياسية والنهضة الاجتماعية.
ومعروف اليوم ان في لبنان وضع صعب منذ عامين لم تشهده دولة منذ 1860. ونحن في هذا الوضع نؤكد ما نبه اليه منح الصلح، عندما أسست دار الندوة  كانت هذه الدار تجمع المشتت في لبنان، وعندما توقفت الحرب عام 1990، فتحت الحركة والدار على بعضهما، فتم انشاء "اللقاء اللبناني الوحدوي". هناك وحدة كنا نطمح لها في ذلك الوقت وكان هذا اللقاء يجتمع شهريا في "دار الندوة". وكان منح الصلح لا يصدر بيانا الا اذا وافق عليه كل الأطراف".
 
وختم: "نحن في فترة استقلال، وعندنا مرحلة نضال مشترك، ونحن وزملاؤنا في "دار الندوة" نوجه لهم التحية في هذه الذكرى وكثرة المنابر الثقافية دليل خير وعافية، فالتعددية هي غنى ورأسمال ثقافي بيدنا".

صباحي
وتلاه مؤسس "تيار الكرامة" في مصر صباحي الذي وجه "تحية من مصر الى شعب لبنان و"دار الندوة" الذي نحبه ونقدره ونعرف قدره ونوقن ان استقلال لبنان هو شرط لا بد منه، كما استقلال أي قطر عربي قبل ان تتحقق أي خطوة في اتجاه وحدة عربية".
 
وقال: "نحن حين نحتفي اليوم باستقلال لبنان و"دار الندوة"، فانما لنعيد تأكيد  القيم والمقاصد الأساسية التي استهدفها الذين ناضلوا من اجل استقلال لبنان حتى تحقق".
 
وأضاف: "ادرك ان  استقلال لبنان اكثر عسرا من أي قطر عربي اخر اذ ان  لبنان بطبعه وتكوينه وتنوعه هو محط انظار قوى عديدة كثير منها يريد ان يوظف لبنان، او بعض مكوناته لمصلحته، ما املنا فيه دائما وسعينا من اجله هو ان يستقل لبنان لكننا ندرك ان كل استقلال يحتاج الى وحدة وطنية".
 
وحيا "روح الراحل منح الصلح الذي ما زالت سيرته تلهمنا الى الان والمسعى العظيم الذي  تأسست من اجله والعمل المشرف الذي عملت "دار الندوة" من اجل تحقيقه كان يفتح افقا جادة لحوار وطني لبناني لا يقصي ولا يمنع ولا يستصدر احكاما تؤدي الى الانقسام والاحتراب والاقتتال، وانما يعمل على القواسم المشتركة والقيم الموحدة  من اجل وحدة اللبنانيين".
 
ولفت الى انه "في وقت استعرت أصوات الحرب في لبنان كانت هناك أصوات واعية  لحقائق التكوين اللبناني ولافق الوحدة اللبنانية ترى في هذا ضمانا لوحدة هذا  الاستقلال".
 
ورأى ان "دار الندوة" هي نموذج مشرف وناجح لفتح افق يثري التنوع، ويفيد من التعدد ويكتشف بالشراكة والاقتناع بان القواسم التي توحد هي اقوى بكثير مما يفرق او يشتت".
 
وحيا "هذه التجربة وهي تستحق الذكر والثناء لانها تشكل نموذجا للمجتمع المدني"، وقال: "في الحقيقة ان أي تقدم لامتنا العربية مرهون بشروط أخرى ببناء مجتمع مدني صحي علمي، و"دار الندوة" نموذج للمجتمع المدني التي وفرت لنفسها هذه الشروط وأدت هذا الدور على نحو تستحق معه التحية في يوم تأسيسها".
 
السفياني
وقال السفياني: "عندما اقترح علي اخي العزيز والمناضل الكبير الأخ معن بشور الاشتراك في هذه الندوة رجع بي العمر الى زمن بعيد الى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، الى هذا الزمن  الذي كنا في المغرب قد اسسنا "منتدى الفكر والحوار" وهذا المنتدى وضع هدفا له العمل على لقاء اقطاب وزعامات العمل الوطني والقومي على مدى الوطن العربي".
 
وأضاف: "اذكره اليوم لأنه كان من بينهم العزيز الراحل منح الصلح، تعرفنا الى لبنان عبره قبل ان نزوره في هذه الملتقيات التي كنا ننظمها سنويا، والتي جمعت للمرة الأولى اقطاب الامة والقيادات الفلسطينية. وكان منح الصلح حقيقة الرجل المميز أحيانا تشعر امامه بالهيبة لأنه كان يصغي كثيرا ولكنه كان يحكي وكان مهووسا بهذا الموضوع الذي تتناوله هذه الندوة، مهووسا بموضوع أي استقلال حققنا واي استقلال نريد، كان هذا الموضوع يتحدث فيه كثيرا وكان يؤكد ان الاستقلال الذي حققه لبنان والاستقلال الذي حققته غالبية الأقطار العربية ليس استقلالا كاملا هو استقلال عسكري لكن يبقى هناك دور كبير للهيمنة الغربية، وهيمنة الدول المستعمرة على الأقطار التي حازت استقلالها بحيث كان فعلا يرى ان الاستقلال يجب ان يكون استقلالا كاملا استقلالا ثقافيا يحافظ على الهوية والثوابت في مختلف المجالات".
 
وأضاف: "تمر السنين ونلتقي بالراحل منح الصلح في بيروت ونتحدث في الاستقلال والوحدة العربية واي استقلال يبقى منقوصا ونعيش لحظات في "دار الندوة" التي لمسنا فيها دائما تلك الدار الحاضنة لأبناء الامة ولفكرهم، التي تعمل فعلا على ان توحد وعلى ان تضع بعض الخلافات جانبا. فدار الندوة كانت دائما من الفضاءات التي تبحث عن سبل استقلال لبنان الحقيقي، وايضا حين استدعيت الى هذا اللقاء كأمين عام لمؤسسة محمد عابد الجابري الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بمنح الصلح، كما مع العديد من مثقفي هذه الامة". 
 
فانوس
وقال الدكتور فانوس: "ينبثق اسم "دار الندوة" من عمق أصالة ثقافية عربٍ، ممعنة في وعي عراقتها الحضارية، وسامية في دلالاتها المجتمعية، وغنية في احترامها للشراكة مع الآخر والاعتراف بحقه في إبداء الرأي الفردي، واحترام فاعليته في توجيه صناعة القرار الجمعي. إنها، بداية، تلك الدار، التي أسسها في "مكة"، عام 460 للميلاد، قصي بن كلاب، بعدما تولى إمارة البلدة. وكانت "دار الندوة"، هذه، تضم وجهاء "مكة"، من القبائل القاطنة فيها، وكان أهل الرأي والفكر، من قريش، يجتمعون فيها ليقرروا، ما يرونه مناسبا من أمور معاشهم وعلاقاتهم. 
وبقراءة عملانية معاصرة، بعيدة عن أي إبهام أو مبالغة، فإن "دار الندوة"، تلك، ما كانت، إلا نابعة من مفهوم للديموقراطية، إذ لا يمكن استيعاب فاعليتها سوى أنها مجلس نيابي، يدير ناسه شؤون الجماعة ولمصلحة هذه الجماعة بالذات". 
 
وأضاف: "لقد حصل في لبنان، عام 1988 في مدينة بيروت، أن تداعت، كذلك، مجموعة من أهل الرأي والفكر، كان قيدومها، هذه المرة، المفكر العروبي الكبير، الأستاذ منح الصلح إلى إنشاء "دار الندوة"، التي نحتفل اليوم بعيد تأسيسها الثالث والثلاثين. وكما كان قصي بن كلاب، قياديا رؤيويا، في إنشائه مؤسسة تمثيلية للرأي والعمل، ينهض بها لمصلحة قومه في مكة، فإنه يبدو لي، أن منح الصلح، ورفاقه، من مؤسسي "دار الندوة" في بيروت، قد ساروا على نهج قصي بن كلاب، عاملين على أن تكون هذه الدار، في بيروت، مؤسسة تسعى إلى تحديد الرأي وتوضيحه والتزامه، والعمل لمصلحة لبنان والعروبة، في وقت واحد. ولعلي لا اصطنع استنتاجا خاطئا، في هذا المجال، إذا ما زعمت أن منح الصلح، وأخوانه، اختاروا متعمدين يوم الاحتفال باستقلال لبنان، رمزا ليوم الإعلان عن إنشاء "دار الندوة"، والانطلاق بأعمالها. ويبدو، أن لبنان، وبكل خصوصياته الثقافية والمجتمعية وعلاقاته السياسية، كان يعني لهم، في يوم إعلان استقلاله، تأكيد تمكين القدرة الوطنية في أبنائه، والعروبة في انتماء شعبه، لتحقيق مزيد من التفاعل الفكري والعطاءات العروبية والانفتاح الحضاري. وهكذا، أشرق شمس "دار الندوة" من بيروت، في خضم ما يعاينه العالم العربي ويعانيه، منذ ذلك الحين وقبله، من تشوقٍ إلى الاستقلال الوطني السياسي، ومقاومة للغصب الصهيوني الفاجر لأرضه العربية على تراب فلسطين المقدس، واندفاعٍ في ساحات النضال والحرية الإنساني"ة.
 
وتابع: "من هنا، فإن "دار الندوة" هذه، ما كانت مجرد ناد ثقافي محليٍ، ولم تكن أبدا مجرد مجمعٍ علميٍ يعني بحفظ معارف حصلها، ليقوم بتدوينها على وثائق يخضعها لأرشفة وحفظ: كما لم تكن ملتقى سياسيا محصور التوجهات ومحدود الآفاق. "دار الندوة"، ساحة نضال وطني لبناني، عروبي بامتياز هو التجسيد التنظيري والعملي لرؤية مؤسسيها من أهل الفكر العروبي الوطني، بريادة واعية ملتزمة من منح الصلح، وبفاعلية معطاء من رؤاه الوطنية والعروبية". 
 
وذكر بأن "من "دار الندوة" انطلقت عام 1990، فكرة "مخيمات الشباب القومي العربي" وقد تجاوز عددها، حتى الآن، 32 مخيما، وانطلق منها ايضا عام 1992، "المنتدى القومي العربي"، ومن رحاب قاعتها، كانت نشاطات وندوات وفعاليات متعددة ومتكاثرة ومتنامية، لهيئات متصلة بالهم الفلسطيني القومي العربي، وكذلك بالمؤسسات العاملة بإخلاص في سبيل القضية، ولا يمكن التغافل، على الإطلاق، أنه من مكاتب "دار الندوة" جرى عام 2002، التحضير الوطني العروبي، لانطلاق "الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة". ولا يمكن المرء أن ينسى أن برنامج "شباب لبنان الواحد"، الذي كان يطمح الى ان  يوفر لشباب لبنان، في مرحلة ما بعد سنوات الاقتتال الدامي الذي عاشه اللبنانيون إنطلاقا من حوادث 1974، منصة يتعارف عبرها بعضهم إلى بعضهم الآخر، ويتفاعلون لتكوين رؤى وطنية جامعة".
 
المتحدثون
ثم تحدث المحامي عمر زين، والدكاترة: محمد حسب الرسول (السودان)، ساسين عساف،  زياد حافظ، بسام الهاشم، هاني سليمان والنقيب امين صالح.
 
بشور
وختم اللقاء احد مؤسسي الدار معن بشور فشكر المتحدثين والمشاركين، قائلا: "ان ما هو أغلى عندنا من الجاه والمال والنفوذ هو هذه الكلمات الطيبة التي تشكل تعويضا لكل جهد بذلناه في هذه الدار وسنبقى نبذله حتى تنتصر القيم والاهداف التي نؤمن بها جميعا".


                                 ======= م.ع.    

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب