وطنية - ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي قداس الأحد الثالث من زمن الصليب في كنيسة المقر البطريركي الصيفي في الديمان وعاونه المطران جوزيف النفاع، الاب فادي تابت،القيم البطريركي الخوري طوني الآغا،امين الديوان الخوري خليل عرب،الاب سام وهبة والاب هادي ضو. بحضور رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والنواب ندى البستاني، جورج عطالله وسيزار ابي خليل ونواب الرئيس مارتين نجم كتيلي،غسان خوري،ناجي حايك وربيع عواد والمستشار السياسي انطوان قسطنطين ومقرر المجلس السياسي مالك ابي نادر. الامين العام للجنة اصدقاء غابة الارز بيار كيروز وحشد من المؤمنين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "وتظهر في السماء علامة إبن الإنسان" (متى 24: 30) قال فيها: "يتناول إنجيل اليوم النهايات والواقعات الجديدة التي تحصل في آخر الأزمنة، ويظهر معها مجيء المسيح إبن الإنسان في مجده: "فتظهر في السماء علامة إبن الإنسان وترى الشعوب المرتعدة والنائحة إبن الإنسان آتيًا بقدرة ومجد عظيم"(متى 24: 30). النصّ الإنجيليّ مؤلّف من أربعة أقسام. في القسم الأوّل، ينبّهنا الربّ يسوع من محنة التضليل التي يواجهها المؤمنون والمؤمنات على يد مضلّلين يسميّهم الربّ "المسحاء الكذبة" و"الأنبياء الكذبة" (متى 24: 23-26). في القسم الثاني، يستعرض ربّنا يسوع علامات نهاية الأزمنة: "الشمس والقمر يظلمان، والنجوم تتساقط، والفلك يتزعزع"(متى 24: 29). في القسم الثالث، يصف ربّنا مجيئه الثاني بالمجد: "تظهر علامة إبن الإنسان، حاملًا صليب الفداء، آتيًا على السحب بقوّة ومجدٍ عظيم"(متى 24: 30). في القسم الرابع، يتكلّم الربّ عن قيامة الموتى، وجمع كلّ الجنس البشريّ، وحشده أمامه بواسطة ملائكته الذين يدعون المختارين بصوت البوق"(متى 24: 31)".
وتابع:."يسعدني أن أرحبّ بكم جميعًا، وأن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، لراحة نفوس ضحايا الحرب الدائرة على أرضنا، ولشفاء الجرحى، ولعزاء عائلات الضحايا. ونسأل الله أن يمنحنا هبة السلام، وأن يضع حدًّا للحرب بالمفاوضات والطرق الديبلوماسيّة، فالحرب تدمّر المنازل وتهجّر أهلها وتقتل. إنّ كلّ الأطراف خاسرون ومغلوبون وجنى الأعمار في حالة خراب ودمار بلحظة أمّا إعادة البناء فتقتضي أموالًا ووقتًا طويلًا".
وأردف: "نحن نعلن في قانون الإيمان مجيء الربّ يسوع بالمجد: "وأيضًا يأتي بمجدٍ عظيم، ليدين الأحياء والأموات". ونضيف: "ونترجّى قيامة الموتى والحياة الجديدة". انتظار مجيء الربّ بالمجد قائم منذ صعوده إلى السماء، كما وعد الملاك التلاميذ الأحد عشر (راجع أعمال 1: 11). ولكن لا أحد يعلم موعد مجيئه الذي حدّده الآب(أعمال 1: 7). غير أنّ المسيح الربّ ظلّ على أرضنا من خلال كنيسته. ويواصل عمل الفداء فيها بقوّة الروح القدس. وهكذا ملكوت المسيح حاضرٌ سريًّا في الكنيسة، التي هي زرعه وبدايته على الأرض (نور الأمم، 5). ويكتمل الملكوت بانتصار الله النهائيّ على الشرّ بمجيء المسيح بالمجد في نهاية الأزمنة. فيكون انتصار الخير النهائيّ على الشرّ، كما جاء في مثل القمح والزؤان (متى 13: 37-40)".
وقال: "إيماننا بمجيء الربّ بالمجد للدينونة، يضعنا في موعد دائم معه كلّ يوم، لأنّه يأتي لكي ينتصر من خلالنا وبواسطتنا على الشرّ الذي نواجهه ويجرّبنا. يأتي إلينا كلّ يوم بكلامه الإنجيليّ، وبإلهامات الروح القدس، وبنعمة الأسرار التي تقوّينا وتعطينا المناعة بوجه تجارب الحياة. مجيئه بالمجد هو خاتمة مجيئه اليوميّ المتكرّر عبر جميع الناس. وهكذا ينتصر على الشرّ، ويعمّ الخير. المسيحيّون مدعوّون لخلق هيكليّة خير في وجه هيكليّة الشرّ".
واشار الى ان "إيماننا بالنهايات والواقعات الجديدة بعد الموت ونهاية العالم، يتّخذ حالة الانتظار والرجاء، ونعني بها حالة الالتزام. الإيمان بالمسيح، مع تمييزه من "المسحاء الكذبة"، ينير دربنا ودرب كلّ الذين يبحثون عن الله، وينير حوارنا مع أتباع الديانات الأخرى. هذا الإيمان المنير يعلّمنا أيضًأ أنّ الله يكافئ كلّ من يبحث عنه، إذ يأتي لملاقاته على طريقه ويحاوره. ما يعني أنّ الله ليس عقيدة أو شيئًا أو مبادئ ومعارف، بل هو قبل كلّ شيء شخص له أحاسيسه ومشاعره، وله علاقاته مع البشر".
ورأى الراعي ان "إغتيال السيّد حسن نصرالله جاء ليفتح جرحًا في قلب اللبنانيّين. إنّ الشهادة المتوالية لقادة مسيحيّين ومسلمين آمنوا بقضايا الحقّ والعدالة ونصرة الضعفاء هي حصن الوحدة بين اللبنانيّين، ووحدة الدم والإنتماء والمصير. إنّها الشهادة التي اختارها مؤمنون من كلّ المكوّنات اللبنانيّة فتساووا معها، وتركوا لنا دعوة الأمانة والوفاء لشهادتهم في سبيل وطن أحبّوه، وإن اختلفت رؤيتهم إلى إدارته والممارسة السياسيّة فيه. لذلك كانت دعوتهم الراسخة في شهادة الدم التي أدّوها لكي نتساوى جميعًا في مشروع دولة لبنان المنشودة، التي نستبدل فيها أسباب الفشل والسقوط بأسباب النجاح معًا. إنّ دم الشهداء يصرخ إلينا للدفاع عن لبنان بوجه كلّ إعتداء، وإلى انتخاب رئيس للجمهوريّة يعيد للبنان مكانه وسط الدول. إنّ المجتمع الدوليّ مطالب بالعمل الجدّي لإيقاف دورة الحرب والقتل والدمار عندنا، تمهيدًا لإحلال السلام العادل الذي يضمن حقوق كلّ شعوب المنطقة ومكوّناتها. لقد آن الأوان ليدرك جميع اللبنانيّين أن ليس لهم من معين ومساند سوى أنفسهم متضامنين متّحدين في ما بينهم، ملتزمين إدارة شؤون البيت اللبنانيّ بروح الميثاق الوطنيّ في دولة القانون والمؤسّسات. لقد دفع اللبنانيّون أثمانًا باهظة نتيجة الخروج على هذا الإلتزام، فتزعزت الثقة الداخليّة والخارجيّة، واهتزّ بناء الدولة. فلتكن هذه الحلقة من الشهادة المتوالية بابًا نستفيد منه لتعميق وحدتنا، وتعزيز دور لبنان الوطن الرسالة. ولكنّه لن يستطيع أن يؤدّي رسالته إلّا بحياده الإيجابي الناشط. إنّنا فيما نبدي مشاعر التعزية الشخصيّة لعائلة ولبيئة السيّد حسن نصرالله، نسأل الله لها الصبر والعزاء".
وختم:"فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء لراحة نفوس جميع الضحايا وشفاء المرضى وعزاء عائلاتهم، ومن أجل انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة يعمل على إيقاف النار والذهاب إلى المفاوضات السلميّة والديبلوماسيّة. ونرفع المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
وبعد القداس، استقبل البطريرك الراعي المشاركين في الذبيحة الالهية في الصالون الكبير. ثم استقبل وفد "التيار الوطني الحر" على شرفة الجناح البطريركي، بحضور المطران نفاع. وكان عرض لمجمل الاوضاع الراهنة على مدى نحو الساعة قال بعدها النائب باسيل: "شاركنا اليوم غبطة البطريرك في القداس الذي رفع فيه الصلاة لراحة نفس الشهيد السيد حسن نصرالله وكل الشهداء الذين سقطوا معه وكل شهداء لبنان. صلينا للرب كي يحمي لبنان ولنعطي معنى لمعنى الشهادة والدم الذي يجمعنا مسيحيين ومسلمين، الدم الذي سقط لحماية لبنان والدفاع عنه وهذه الشهادة يجب ان توحدنا لأن الوحدة بالدم وحدها تحفظ لنا وطننا" .
وتابع: "تحدثنا عن الضرورات الثلاث، وغبطته شدد اليوم على الوحدة الوطنية، الوحدة التي تترافق مع الامن واذا لم يكن هناك وحدة فلا يوجد امن واذا لم يكن هناك امن وسلام داخلي "بتنضرب" الوحدة الوطنية، هذه هي الضرورة الاولى، اما الضرورة الثانية فهي وقف الحرب التي لا تجلب الا الويلات والخسائر واستمرارها يجلب لنا المزيد من الخسائر، لأجل هذا نصلي ونعمل لوقف الحرب . والضرورة الوطنية الثالثة لكي تتمكن الدولة من مواجهة ما يصيب لبنان هي انتخاب رئيس جمهورية وتكوين سلطة لبنانية وطنية تعمل للدفاع عن لبنان بالمواجهة والتفاوض" .
وختم: "هذه هي الضرورات الثلاث التي تشكل شغلنا الشاغل، والتي من اجلها سنواصل اتصالاتنا وتحركنا الذي وضعنا فيه اليوم غبطة البطريرك، ونأمل ان يوفقنا الله لنلتقي جميعا ونفتح قلوبنا وبيوتنا لبعضنا البعض كلبنانيين، لأنه لا يمكننا الكلام هنا الا بفتح القلوب وهنا معنى المسيحية بفتح قلوبنا لبعضنا البعض، ومهما اختلفنا في السياسة يجب ان نحب ونحمي بعضنا البعض".
============