طاولة مستديرة لكاريتاس أوصت بحل النزاعات بين اصحاب العمل والعاملات الاجنبيات سلميا من دون اللجوء الى القضاء عبود: فلنشبك الأيادي بتواضع وتسامح لصنع خيرالفرد

وطنية - عقدت رابطة "كاريتاس" - لبنان، ضمن مشروع "ميرا" الممول من الاتحاد الأوروبي والمنفذ بالشراكة مع "كاريتاس" - النمسا، "مؤسسة عامل الدولية" ومنظمة "كفى"، طاولة مستديرة حول "حل النزاعات: الحق في التمثيل القانوني والمحاكمات العادلة"، في فندق بادوفا - سن الفيل، حيث تناولت طرق حل النزاعات بين أصحاب العمل والعاملات الأجنبيات، سواء القضائية منها أم غير القضائية، لضمان حقوق الطرفين وعدالة المحاكمة،  بحضور ومشاركة رئيس الرابطة الأب ميشال عبود، ممثلين عن الوزارات والأمن العام وقوى الأمن الداخلي، ممثلين عن السفارات والقنصليات، ممثلين عن الجمعيات وممثلين عن الجاليات الأجنبية.
 
عبود 
وبعد كلمة الافتتاح، التي ألقتها مسؤولة قسم الأجانب في الرابطة حُسن صياح، والنشيد الوطني، كانت كلمة لرئيس الرابطة الاب ميشال عبود استهلها بحوار دار بين الفيلسوف فولتيرVoltaire ونظيره الإلماني ليبنتزLeibniz، وقال: "في أحد الأيام سأل فولتير ليبنتز: "لم الحياة مليئة بالمعانات؟ هناك المجاعات والحروب والأمراض والمشردين والمعوزين، لم كل هذا"؟ أجابه ليبنتز قائلا: "إذهب واعمل في حقلك"، وأوضح الأب عبود أن ليبنتز "أراد أن يقول له بذلك أن يلجأ الى العمل، لأنه الحل الوحيد ليطرح عنه جانبًا العوز والرذيلة والملل".
 
أضاف: "العمل هو الوظيفة والمهنة التي يقوم بها كل واحدٍ منا من أجل العيش الكريم لنا ولعائلاتنا، حيث نحقق به ذواتنا وأهدافنا. ويقوم على مرتكزات أساسية، منها المساواة وتكافؤ الفرص والحياة الكريمة، وتأمين الاحتياجات الأساسية لكل فرد"، مشيرا الى أن "العمل يحتاج الى العدالة ليكون إنسانيًا".
 
واذ سأل عما اذا كانت هذه العدالة في العمل موجودة فعلا، استدرك قائلا: "لو أن العدالة حاصلة، لما كنا مجتمعين اليوم هنا نطالب بها. لما كانت المجتمعات تعاني الأمرين. لو أن العدالة موجودة، لما كان هناك فقير يتوسل لقمة عيشٍ ولا مريض يموت أمام باب المستشفى ولا مشرد ينام على قارعة الطريق. لو أن العدالة موجودة لما كان هناك جمعيات خيرية تعتمد على الهبات من الجهات المانحة، لو أن العدالة موجودة لما كانت كاريتاس ولما كنا هنا اليوم".
 
وأكد الأب عبود أنه "رغم تطور العلوم والمعرفة في زمن التكنولوجيا والاختراعات المبهرة، إلا أننا ما زلنا نعيش في زمن من البربرية، متخفي وراء شعارات حرية الانسان والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الطفل والمرأة والعامل والمهاجر، خصوصا في ظل ما افضت اليه العولمة، من تعميق الفجوة بين الاغنياء والفقراء، والانتباه الى التناقض بين ادعاء تحقيق الرَفاه le bien etre والعيش الكريم للجميع، وما تعيشه البشرية فعلاً من فقر يطال ملايين البشر". 
 
واذ لفت الى أنه "بالرغم من ابتكارات علماء وعظماء هذا العالم الفكرية لتنظيم المجتمعات وتحقيق المساواة بين الافراد، ما برحت العدالة الانسانية للأسف مفقودة"، شدد على أن "القوانين وحدها لن تنجح في تحقيق العدالة"، موضحاً أننا "لم نختَر من نكون، لكن من خلال حريتنا نستطيع أن نختار أن نبني بعضنا البعض، بالرغم من اختلافاتنا في اللون والعرق والتقاليد والثقافة".
 
وأضاف: " إن البعد الانساني للعمل العادل يقوم على تحرير الانسان من الحاجة وحفظ كرامته وعدم تشييئه (جعله شيئاً)، بل التعامل معه على أنه عنصر فاعل وغاية بحد ذاته، لا مجرد أداة، واعتباره شريكا في العملية الانتاجية، له الحق في التمتع بما انتجه، او بالنظر الى العمل كمجال لتحقيق انسانيته او تحرره"، معتبرا أنه "ليس علينا ان ننتظر العدالة ليصبح العمل انسانيًا، بل على الانسانية والضمير الانساني أن يحتوي العدالة فيصبح العمل إنسانياً، وبالتالي تكون النتيجة عادلة". ودعا الأب عبود الى "السعي معًا كلٌ من موقعه، الطبيب من عيادته والمهندس من مكتبه والمشرع من قوانينه والمدرس من صفه والعامل من عمله والأم من منزلها والكاهن من رعيته الى شبك الأيادي بكل تواضع وتسامح ومحبة من أجل صنع خير الفرد خاصة وبنيان الانسانية عامة، وإلا فعلى الدنيا السلام". 
 
وختم: "الوصية الالهية في بدء التكوين تقول:" من عرق جبينك تأكل خبزك"، لا من انحناء جبينك. فالإنحناء لله وحده، هو الذي قال: "لا ادعوكم عبيداً بعد اليوم، بل دعوتكم أحبائي".
 
وبعدها، جرى عرض توصيات الطاولة المستديرة الخاصة بالحق في الأجر ومعالجة النزاعات الحاصلة بين أصحاب العمل والعاملات في الخدمة المنزلية، وأبرزها إنشاء مراكز وساطة لحل كافة النزاعات المتعلقة بالمعنيين بمتابعة المشاكل الناشئة حول الخدمة المنزلية سواء أصحاب العمل أو العاملات في الخدمة المنزلية أو مكاتب الاستقدام أو أي طرف كان.
 
الجلسة الأولى
وتمحورت الجلسة الأولى حول الحق في التمثيل القانوني والمحاكمات العادلة، وشارك فيها كلٌ من: رئيسة قسم العلاقات الخارجية  بالانابة في وزارة العمل دينيز دحروج، عضو مجلس القضاء الأعلى القاضي ميراي حداد، رئيس مكتب مكافحة جريمة الاتجار بالبشر- المديرية العامة لقوى الامن الداخلي المقدم شربل عزيز، رئيس مجلس الكتاب بالعدل الاستاذ ناجي الخازن، والمحامي ايلي رزق من YAZCONSULT.
 
الجلسة الثانية
وأدار الجلسة الثانية المحامي رفيق زخريا، وجرى خلالها التطرق الى موضوع حل النزاعات بالطرق اللاعنفية البديلة (السلمية)، وتبادل المشاركون آراءهم المختلفة حوله.
 
التوصيات 
وتوافق المشاركون خلال الجلسة على توصيات عدة أبرزها:
"- تفعيل دور المساعدات الاجتماعيات اللواتي ينتَمِينَ الى وزارة العمل، والاستعانة بهن، وإعلام العاملة بأنه بوسعها في حال تعرضت لأي تعنيف أو سوء معاملة، أن تلجأ الى اقرب مركز للشؤون الاجتماعية، حيث يمكن توجيهها الى من تلجأ في حال ارادت تقديم دعوى او شكوى.
 
-  خلق "وحدة مساعدين اجتماعيين" لحضور الجلسات مع العمال في الخدمة المنزلية تماما كما هو الحال مع مندوبي الأحداث الذين يحضرون الجلسات مع الأحداث.
 
- توعية العاملات على أنه يمكنهن تقديم دعوى امام مجلس العمل التحكيمي من دون الحاجة الى توكيل محام، اضافة الى وجود ممثل عن اصحاب العمل وممثل عن العمال، علما أن هذه الدعاوى معفاة من الرسوم.
 
- التأكيد على ان مجلس العمل التحكيمي متخصص في كافة قضايا العمل بما فيها قضايا العمال الاجانب، أما في حال كانت العاملة الاجنبية مستثناة من قانون العمل، فإن المجلس لا يطبق عليها قانون العمل بل قانون الموجبات والعقود.
 
- حل النزاعات بطرق سلمية وودية من دون اللجوء الى القضاء، من منطلق ان افضل السبل لحل النزاعات يكون عبر الوساطة.
 
- التأكيد على ان القانون يفرض على كتاب العدل صدور اوراق رسمية من قبلهم باللغة العربية الا ان ذلك لا يمنع ان يرفق معها نص باللغة الاجنبية، فعقد العمل يمكن ان يصدر باي لغة اخرى بالاضافة الى اللغة العربية الملزمة، ويصدق عليه كاتب العدل.
 
- التأكيد على ان القانون يفرض على كاتب العدل ان يتأكد من كون العاملة الاجنبية او اي طرف آخر قد فهم مضمون المستندات قبل التوقيع عليها.
 
- تأكيد على اهمية توقيع الطرفين (اي العاملة الاجنبية و صاحب العمل) على عقد العمل امام كاتب العدل.
 
- لا يمكن لكاتب العدل ان يصدر اي مستند رسمي من دون اوراق ثبوتية، لذلك يتوجب على القنصليات او السفارات ان تحتفظ بنسخة طبق الاصل عن اوراق العاملة الثبوتية لتمكينها في المستقبل من القيام باي عمل قانوني بالاستناد إليها.
 
- الاطلاع وتفعيل المذكرة العامة التي صدرت بالتنسيق مع الجمعيات وحددت اصول التقاضي وواجبات المحقق، والتي تتضمن مبادئ من بينها احترام الضحية، عدم التمييز على اساس الجنس وعدم توجيه عبارات نابية والتحقيق مع الاشخاص بكل تجرد، وغيرها".
 
                          ==================

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب