حرفوش ممثلا المكاري في إعلان رسالة البابا في اليوم العالمي للاعلام: ما احوجنا الى وقفة إصغاء ومساحة قلب وعقل نستعيض بها عن خطاب الكراهية
العنداري: الإعلام الشريف يبرز شعلة الحقيقة كمن يضيء السراج ويضعه على المنارة

وطنية - المتن - تلا رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران انطوان نبيل العنداري رسالة البابا فرنسيس في اليوم العالمي للإعلام ال56 بعنوان "الإصغاء بأذن القلب"، في مؤتمر صحافي عقد في المركز الكاثوليكي للاعلام في جل الديب شارك فيه مدير "الوكالة الوطنية للإعلام" زياد حرفوش ممثلا وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، ومدير المركز الاب عبده أبو كسم، في حضور نقيب الصحافة عوني الكعكي، عضو مجلس نقابة المحررين يمنى شكر غريب ممثلة النقيب جوزف القصيفي، اعضاء اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام وعدد من الاعلاميين. 

 العنداري 

بداية تحدث المطران العنداري فقال: "نود أن نشكر الله أولا الذي قيض لنا أن نحتفل باليوم العالمي لوسائل الإعلام، بعد جائحة الكورونا ورغم الإنهيار الإقتصادي والأوضاع المعيشية الصعبة. ونشكر رعية ما تقلا- جل الديب- التي ستستضيفنا الأحد المقبل في الثاني عشر من حزيران، عبر خادمها الخوري فالنتين الغول وأبناء وبنات الرعية على اختلاف مواقعهم". 

اضاف: "يدعونا قداسة البابا فرنسيس، هذه السنة، وفي هذا اليوم العالمي السادس والخمسين، إلى " الإصغاء بأذن القلب ". لماذا؟ لأننا بدأنا نفقد القدرة على الإصغاء إلى الشخص الذي أمامنا، سواء في النسيج الطبيعي للعلاقات اليومية، أو، في المناقشات حول أهم قضايا الحياة المدنية. ومعلوم أننا بتنا نشهد في الإصغاء تطورا جديدا مهما في مجال الإتصالات والمعلومات".

وتابع: "لقد أصابت جائحة الكورونا العالم بأسره، واضطر الإنسان إلى الحجر المنزلي والصحي، وشعر بضرورة التواصل مع من يصغي إليه لتشجيعه ومؤاساته. فالإصغاء أمر اساسي من أجل خبر وإعلام جيد. وهذا أمر مسلم به من أجل الشهادة عبر وسائل الإعلام والإتصال. فكل حوار يبدأ بالإصغاء. ولذلك، بهدف التطور الإعلامي، يجب تعلم الإصغاء جيدا من جديد. لقد طلب منا الرب يسوع الإنتباه إلى طريقة إصغائنا بقوله حسب إنجيل القديس لوقا: " تنبهوا كيف تسمعون "(لو8: 18). وهذا ما يتطلب منا شجاعة وقلبا حرا ومنفتحا دون أحكام مسبقة، خاصة في هذه الأيام حيث الكنيسة مدعوة إلى التدرب على الإصغاء من أجل كنيسة سينودسية. نحن مدعوون، إذا، إلى إعادة اكتشاف الإصغاء كأمر أساسي لتواصل وإعلام جيد".

وقال: "سئل طبيب مشهور يوما إعتاد مداواة جراح الروح، عن أعظم حاجة للإنسان، فأجاب: " الرغبة اللامحدودة في أن يتم الإصغاء إليه ". إنها رغبة تسائل أي شخص مدعو ليكون مربيا أو يلعب دورا في التواصل والعاملين في مجال الإعلام. نتعلم من صفحات الكتاب المقدس أن الإصغاء لا يملك معنى الإدراك الصوتي، ولكنه يرتبط بشكل أساسي بعلاقة الحوار بين الله والبشرية. إن المبادرة في الحقيقة هي من الله الذي يخاطبنا، فنجيب عليه بإصغائنا إليه. ويأتي هذا الإصغاء أولا وآخرا من نعمته. إن الإصغاء في حقيقته  بعد من أبعاد الحب. فإذا انتبهنا إلى من نصغي إليه، وكيف نصغي إليه، يمكننا أن نتقدم في فن التواصل وهو في جوهره ليس نظرية ولا طريقة تقنية، بل بحسب تعبير فرح الإنجيل: " قدرة القلب التي تجعل القرب بين الناس ممكنا ". فالإصغاء في الواقع لا يتعلق فقط بحاسة السمع، وإنما بالشخص بأكمله. إن مركز الإصغاء الحقيقي هو القلب. من أقوال القديس أغوسطينس: "لا تكن قلوبكم في آذانكم بل لتكن آذانكم في قلوبكم "، ويحث القديس فرنسيس الأسيزي إخوته لكي: يصغوا بآذان القلب ".

أضاف :" اجل، إن الإصغاء شرط للتواصل الجيد. لا يوجد، في العديد من الحوارات بيننا، تواصل جيد. إننا ننتظر أن ينتهي الآخر من الكلام كي نفرض وجهة نظرنا. يقول أحد الفلاسفة في هذا المجال: يصبح الحوار خطابين منفردين ". في التواصل الحقيقي يكون " الأنا " وال "أنت " منفتحين نحو الآخر. لا يمكن أن نتواصل مع الآخرين إن لم نصغ أولا. ولا يمكن أن يمارس العمل الصحفي الجيد بدون القدرة على الإصغاء كي ننقل حدثا ما أو نصف واقعا  في تقرير ما. ينبغي أن نعرف كيف نصغي وأن نكون مستعدين لتغيير فكرنا ولتعديل الفرضيات المكونة مسبقا فينا".

وقال :" يذكرنا احد اللاهوتيين الكبار " بأن الخدمة الأولى التي ينبغي أن نقدمها للآخرين في إطار الشركة هي الإصغاء. ومن لا يعرف ان يصغي إلى أخيه، سيفقد سريعا المقدرة على الإصغاء إلى الله ".

وتوجه الى الاعلاميين والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي قائلا :" إذا ما انحدر الخطاب السياسي عندنا كثيرا، وأصبحت الشتيمة أمرا مألوفا، وتبادل التهم لا يثير حفيظة، فهذا من معالم الإنحطاط في المجتمعات والأوطان. وهذا جنوح  يجب لجمه، والعودة عنه، لسلوك طريق الحكمة والإحترام. ألم يقل بولس الرسول: "ليكن فيكم من الأفكار والأخلاق ما هو في المسيح يسوع ؟ "

اضاف :"لا بد من التذكير بالثوابت الإنسانية والوطنية والكنسية مثل الحفاظ على الإيمان بالله، والحرية، والدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه، واحترام الآخر، وسيادة الوطن، والإبتعاد عن التضليل والتزوير والكذب. من أقوال قداسة البابا بيوس الثاني عشر: " إن العالم في حاجة إلى الحقيقة التي هي العدالة، وإلى هذه العدالة التي هي الحقيقة ". أجل، لا بد للضمير أن يظهر الحق ولا يسلك الخداع. ومن ليس صادقا مع الله، لا يمكنه أن يكون صادقا مع نفسه ومع الناس. وعندما يرتدي الإنسان قناعا ليظهر للناس حقيقة غير حقيقته، فهذا يعتبر خداعا لا يلبس أن يظهر ليجلب على صاحبه الخزي والعار".

واعتبر العنداري ان" الصدق في القول، بعد الإصغاء بأذن القلب، هو القاعدة المرجوة والمألوفة. والخروج عن هذه القاعدة إفساد للمجتمع، وزرع للبلبلة. الوطن الذي يفتقد إلى الصدق والحقيقة يسير في طريق التفتت والإنحلال. إن رسالة الإعلام الشريفة هي في الإضاءة بصدق على هذه الأمور وإبراز شعلة الحقيقة كمن يضيء السراج ويضعه على المنارة ليرى الداخلون نوره".

وختم :" إننا ننتهز هذه المناسبة لنوجه تحية التقدير إلى الإعلاميين والإعلاميات والمؤسسات الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي الذين يسهرون، عبر رسالتهم، على الإصغاء السليم بأذن القلب، وعلى أمانتهم في خدمة الحقيقة. آلا بارككم الله وحفظكم من كل قمع ومكروه ". 

حرفوش 

ثم ألقى ممثل وزير الاعلام كلمة، وقال: "شرفني معالي وزير الاعلام زياد المكاري فكلفني تمثيله في هذا الاحتفال الكريم. ما اصعب الكلام بعد رسالة قداسة البابا لما تكتنزه من معان عميقة، لذلك اكتفي بالإضاءة على نقطتين جوهريتين: دينية، ومهنية، والجامع المشترك بينهما هو الاصغاء". 

اضاف: "دينيا، الاصغاء هو فعل محبة اساسه القلب لا الأذن، والمحبة اعظم الفضائل المسيحية الثلاث. أولم يقل القديس اغسطينوس: "أحبب وافعل ما تشاء؟" إن من يحب لا يمكنه ان يتصرف الا بوحي من المحبة. فمن لا يحب لا قدرة له على الاصغاء، ولا قلب له اصلا كي يصغي بأذنه. اذا، ليس الإصغاء الا وليد المحبة التي هي أصل كل النعم. وهو الى ذلك، من ثمار حلول الروح القدس، ونحن اليوم في زمن العنصرة الذي يدعونا الى الاصغاء لإلهامات الروح، بالقلب والعقل والضمير".

وتابع: "مهنيا، ليت الإصغاء يتحول الى شرعة عمل وميثاق شرف للاعلام والاعلاميين، عوض إطلاق الأحكام غيابيا والمسارعة الى ابداء الرأي من دون إعطاء الآخر فرصة التواصل والحوار. فالاصغاء هو اول الحوار، فيما الكلام المتسرع هو اول الحرب. الكلمة بعد الاصغاء غير الكلمة قبله، ولو ان كل وسائل التواصل الاجتماعي تؤمن بجدوى الاصغاء وتعمل أذن القلب بدل تسرع القلم، لوفرنا على مجتمعنا الكثير الكثير من المتاعب".
 
وقال: "ما احوجنا اليوم، في زمن الضوضاء الاعلامية، الى وقفة إصغاء ومساحة قلب وعقل معا نستعيض بها عن خطاب الكراهية والشحن المتواصل".

وختم حرفوش: "الاعلامي هو مؤرخ اللحظة، والمؤرخ لا يمكن ان يدون ويكتب ما لم يصغ أولا. فهلا أصغينا جميعا وتمهلنا قبل الكلام وبناء الرأي؟"

ابو كسم 
وفي الختام كانت كلمة لابو كسم قال فيها :" يطل علينا عيد الإعلام هذه السنة، ونحن نصغي الى كلمات قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس، يدعونا فيها الى الاستماع بانتباه الى بعضنا، متلمسين الكلمات بشغف القلب، لتنبت في قلوبنا افكارا" بناءة تكسر جدار الجهل واللامبالاة تجاه من نلتقيهم ونتحاور معهم في سبيل نسج علاقات إنسانية تليق بحياتنا" . 

اضاف :"لكن وللأسف نحن في لبنان وفي ظل الظروف الصعبة التي تطبق علينا جميعا"، وتشد الخناق على رقابنا، والتي دفعت بخيرة شبابنا إلى الهجرة للتفتيش عن مستقبل زاهر تاقوا أن يحققوه في بلدهم الطيب الجميل - لبنان.
وأمام مشهدية الذل أمام المستشفيات بحثا" عن شفاء لداء، أو الإستحصال على الدواء بخاصة" للأمراض المستعصية، وأمام جوع الأطفال، والنظر إلى الكثير منهم، يتسلقون ويتحلقون حول حاويات النفايات بحثا" عن صيد يسد جوعهم، وأمام دموع الآباء والأمهات الذين لا يستطيعون تأمين ربطة الخبز لعائلاتهم، وأمام عيون الأهل القلقين على كيفية تأمين الأقساط المدرسية لأولادهم، وأمام اللهث وراء لقمة العيش، حيث أصبح الهدف لرب العائلة الحصول على صندوقة إعاشة بدل الحصول على حقوقه كمواطن له كرامته في وطنه، وأمام، وأمام، وأمام... من يتناتشون ما تبقى من أموال الدولة ويمعنون في فسادهم حتى وصل بهم الامر الى محاولة نهب أموال المودعين وجنى عمرهم وتعبهم".

وتابع :" امام هذه الصورة السوداوية من المشاهد، ترانا بدل من أن نصغي إلى بعضنا البعض بأذن القلب كما يدعونا قداسة البابا فرنسيس، نراشق بعضنا البعض على وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي بالكلام البزيء، وبلغة التخوين والتهديد والوعيد والشتم، ونمعن في جلد بعضنا وكأنه لا يكفينا ما فعله فينا الجلادون أمام الواقع المرير الذي نعيشه أمام اليأس المطبق علينا، لا يبقى أمامنا سوى *الإصغاء*، كيف؟ ولمن؟"

وقال :" أتوجه أولا إلى المسؤولين على مختلف تنوعهم ومسؤولياتهم، أصغوا إلى صوت الضمير، فإن فعلتم سينتفض ضميركم عليكم فتتخلصوا من فسادكم فيستقيم الوطن.
ثانيا": إلى المؤمنين، أصغوا إلى صوت الله في أعماقكم، فيبعث فيكم هذا الصوت الرجاء بقيامة هذا الوطن.
ثالثا": إلى زملائي الإعلاميين، أستحلفكم، لتكن أقلامكم مصابيح هداية تدعو إلى التخاطب بلغة المحبة، وقول الحقيقة دون تجريح.
وأخيرا"، إلى رواد وسائل التواصل الإجتماعي أقول، أصغوا إلى بعضكم البعض بأذن القلب، ولتكن الكلمة الطيبة مرتكزا" للتخاطب تنبع من القلب والعقل، عندها نستطيع أن نواجه ونعيد بناء وطن يليق بنا جميعا".

 

   ===============
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب