الديار : ارتياح عام بعد عودة "الثنائي" الى اجتماعات الحكومة...
ما هي ‏الأسباب؟
أسعار السلع لم تنخفض رغم تحسن الليرة... "فتش عن المحتكرين"
الدولار إلى ما دون الـ 18 ألف ليرة وهذا السيناريو المُتوقّع

وطنية - كتبت صحيفة " الديار " تقول : شكّل البيان الذي صدر عن الثنائي الشيعي (حزب الله - حركة أمل) مفاجأة في الوسط السياسي ‏والرأي العام اللبناني عامّة مع إعلانه القبول بالمشاركة بجلسات مجلس الوزراء لدراسة الموازنة ‏وخطة التعافي الإقتصادي وإقرارهما. المفاجأة تأتي من باب أن الثنائي كان قد ربط عودته إلى مجلس ‏الوزراء بحلّ مُشكلة التحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت قبل العودة إلى المشاركة في جلسات ‏مجلس الوزراء، وبالتالي وبغياب الحلّ لهذه المُشكلة، يُطرح السؤال عن الأسباب التي دفعت الثنائي ‏إلى تعديل قراره؟
البيان الذي صدر عن الثنائي علّل هذا الأمر بالتردّي الحاصل على المستوى الإقتصادي والمعيشي ‏وضرورة أخذ قرارات في إتجاه حلّ هذه الأزمة. وبالتالي وحرصًا منه على معيشة المواطنين ولكي لا يتمّ ‏تحميل الثنائي "باطلًا" مسؤولية تعطيل الحلّ، قرر المُشاركة في إجتماعات المجلس على أن تقتصر هذه ‏المشاركة على بحث وإقرار الموازنة وخطة التعافي.‏
العديد من السيناريوهات مطروحة حول دوافع هذه المشاركة نذكر منها إثنين:‏
السيناريو الأول هو إمتداد للتبرير الذي قدمه الثنائي الشيعي في بيانه وينصّ على أن الهدف الأساسي من ‏التراجع عن عدم المشاركة في جلسات الحكومة هو تفادي تحميل الثنائي مسؤولية التعطيل، ويبقى السؤال ‏هل يقبل التيار الوطني الحرّ بعدم طرح ملف التعيينات وعلى رأسها إستبدال حاكم المصرف المركزي ‏رياض سلامة أم يصر على طرحه؟ وهذا الأمر إن حصل - أي طرح ملف التعينات على طاولة مجلس ‏الوزراء - فإنه سيُفجّر الحكومة من الداخل خصوصًا أن هناك تباعد عميق بين الأفرقاء على الأسماء التي ‏سيتمّ طرحها بدءًا من سلامة الذي يحظى بدعم كلٍ من رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي ورئيس ‏الحكومة الأستاذ نجيب ميقاتي وتيار المُستقبل والحزب الإشتراكي في وجه الهجمة القوية التي يشنّها التيار ‏الوطني الحرّ الذي يُريد بشدّة السيطرة على مصرف لبنان نظرًا إلى الدور الجوهري الذي يُشكّله هذا ‏المنصب في المرحلة الحالية ونظرًا إلى الضغط الذي يُمكن ممارسته على الخصوم السياسيين وبالتحديد ‏على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يعتقد التيار البرتقالي أنه يُنسّق بشكل كامل مع رئيس تيار ‏المُستقبل سعد الحريري.‏
أيضًا يُريد التيار الوطني الحرّ إستبدال المُدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس ‏القضاء الأعلى سُهيل عبود ومُدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ومُدير عام شركة الميديل ‏إيست محمد الحوت... وغيرهم، وكلها مناصب ستُفجّر الخلاف بين الأطراف نظرًا إلى أن أيًا من خصوم ‏التيار البرتقالي لن يقبل بإعطاء هدية لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي في نهاية عهده.‏
عمليًا، إذا أصرّ التيار على طرح التعيينات، من شبه المؤكّد أن الحكومة ستنفجر من الداخل، وهنا سيتمّ ‏تحميل التيار البرتقالي مسؤولية هذا الخلاف وهو ما سيؤدّي إلى زيادة الرأي العام المُناهض للتيار، وهو ‏ما يعتبره البعض فخًا نصبه الرئيس برّي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي تعتبر بعض ‏الأوساط أنه يتعاطى مع ملف سلامة من منطلق خصومة شخصية وهو الشق الذي يعوّل عليه الرئيس برّي ‏للإيقاع بباسيل أمام الرأي العام.‏
السيناريو الثاني له أبعاد إقليمية مع التقدّم الحاصل في ملف المفاوضات على البرنامج النووي الإيراني ‏في فيينا وإقتراح وقف إطلاق النار في اليمن، وملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، ‏والتقارب العربي - السوري (الإمارات والأردن مثلًا)، وهو ما إنسحب تلقائيًا على الوضع السياسي في ‏لبنان حيث أن هناك مؤشرات تُوحي بأن هناك حلّ إقليمي أصبح جاهزًا ستظهر تداعياته سريعًا في لبنان.‏
هذا السيناريو - إذا صحَّ - يُمكن أن يُبرّر الإنخفاض في سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان ‏وتدخّل مصرف لبنان من خلال التعميم 161 والذي كان له وقع كبير على السوق السوداء حيث تهاوى ‏السعر إلى ما دون سعر منصة صيرفة، وبالتالي إذا تمّ إقرار الموازنة (حجر زاوية في الخروج من ‏الأزمة) وخطة التعافي، فمن المتوقّع أن ينخفض الدولار بشكل دراماتيكي إلى ما دون الـ 18 ألف ليرة ‏في الأيام والأسابيع المُقبلة. الجدير ذكره أن صيارفة السوق الموازية كان يشترون الدولار على سعر الـ ‏‏23 ألف ليرة البارحة (الأحد) بحسب ما أورد لنا أحد صيارفة السوق الموازية وهو ما يؤكّد (حتى ‏الساعة) التوجّه الإنحداري للدولار في السوق السوداء.‏
الدولار الذي إنخفض بشكل دراماتيكي لم يؤثر على أسعار السلع والبضائع التي يحتكرها التجّار، ففاتورة ‏السوبرماركت لم تنخفض على الرغم من هبوط الدولار أكثر من ثمانية ألاف ليرة لبنانية، وتتخطّى في ‏أحسن الأحوال الحد الأدنى للأجور لسلّة متواضعة جدًا. وعند السؤال عن سبب عدم إنخفاض أسعار ‏السوبرماركات، يقول المعنيون أنهم إشتروا مخزونهم على سعر دولار مُرتفع. وهنا تبرز عملية الإحتكار ‏من خلال بقاء هذا المخزون (بإدعائاتهم) عدة أسابيع في حين أن إرتفاع الدولار في السوق السوداء يُترجم ‏إرتفاعًا في أسعار السلع بشكل تلقائي وهو إن دلّ على شيء يدلّ على أن التجّار يُمارسون أبشع أنواع ‏الإحتكار وهم الذين يتهرّبون من دفع الضرائب عبر التلاعب بسعر صرف الدولار عند الشراء في ‏الكتابات المحاسبية الرسمية!‏
يبقى أن هناك تعقيدات جوهرية فيما يخصّ الموازنة وخطة التعافي:‏
أولًا - من ناحية سعر الصرف المُعتمد في الموازنة: هل يكون هناك سعر صرف موحّد في الموازنة؟ وإذا ‏كان كذلك، كيف سيتمّ التعاطي مع التداعيات الإقتصادية والإجتماعية لهذا الإجراء؟ وإذ لم يكن هناك من ‏سعر موحّد، هل سيتم رفع السعر الجمركي وسعر الضريبة على القيمة المضافة فقط؟ وما دور هذا السعر ‏في عملية تحويل الودائع الدولارية إلى ودائع بالليرة اللبنانية؟
ثانيًا - من ناحية الإنفاق: هل سيتمّ وقف تقديم سِلَف إلى شركة كهرباء لبنان في هذه الموازنة، أم سيكون ‏هناك إستمرارية في إعطاء السلف حتى إنشاء المعامل؟ كذلك يُطرح السؤال عن القطاع العام وكيفية ‏التعاطي مع خفض حجم القطاع العام والذي يعني بكل بساطة بحسب الطروحات التقليدية التخلّص من ‏أكثر من نصف موظفي القطاع العام في الفترة التي تُطبّق فيها الإصلاحات؟ ولا يُمكن تناسي طرح إقفال ‏العديد من المؤسسات غير المجدية والتي قدّرتها لجنة المال والموازنة بأكثر من 90 مؤسسة. ويبقى ‏السؤال الجوهري عن دين الدولة وكيفية تعاطي الحكومة مع هذا الدين وهي التي لم تبدأ أي مفاوضات مع ‏المقرضين!‏
ثالثًا - من ناحية الإيرادات: هل سيتمّ إقفال الحدود مع سوريا ويتم التشدّد في التهريب الجمركي عبر ‏المرافئ والمطار؟ هل سيكون هناك من خطّة لتحسين الجباية الضريبية وكيف سيتمّ التعامل مع الضرائب ‏والتي من المفروض أن تكون موضوع إصلاحي بإمتياز؟ وماذا عن الخصخصة، هل سيكون هناك ‏خصخصة أم شراكة مع القطاع الخاص؟
رابعًا - من الناحية الإجتماعية: كيف سيتم تمويل شبكة الأمان الإجتماعي، هل من خلال قروض من البنك ‏الدولي أو من خلال مصرف لبنان؟ وماذا عن الأسعار، هل سيتم محاربة الإحتكار أم أن الإبقاء على ‏الأسعار سيؤدّي إلى مداخيل إضافية للخزينة؟ وماذا عن القطاع الصحي والتربوي؟
خامسًا - من ناحية الودائع: هل تمّ إعتماد مبدأ تحويل الودائع بالدولار الأميركي إلى ودائع بالليرة اللبنانية ‏وعلى أي سعر صرف؟ وما هي الصيغة القانونية؟
كلها أسئلة مُعقّدة فيها المئات من المطبات التي ستُشعل الخلافات بين الأفرقاء (- الخصوم) وستفرض ‏أقلّه عشر جلسات لمجلس الوزراء للإتفاق على صيغة قد لا يقبل فيها صندوق النقد الدولي وهو ما قد ‏يؤخر عملية الإقرار إلى ما بعد الإنتخابات مع مجلس نواب جديد سيكون من مسؤوليته إقرار هذه الموازنة ‏وخطة التعافي المواكبة.‏
في هذا الوقت، يُطرح سؤال جوهري عن تأثير الإنتخابات النيابية على الوضعين الإقتصادي والسياسي؟ ‏في الحقيقة مُعظم توقعات الخبراء تُشير إلى أن القوى التغييرية (أي القوى غير الموجودة في المجلس ‏النيابي) ستحصل على 25 مقعدًا في أحسن الأحوال وهو إن حصل، لن يُغير شيئًا في المعادلة القائمة ‏نظرًا إلى أن هذا الحجم لن يكفي لفرض معادلة جديدة سواء كانت سياسية أو إقتصادية. من هذا المُنطلق، ‏يُمكن الجزم أن التغيير إذا أتى لن يكون إلا من داخل الأحزاب التقليدية وهو الشيء الإيجابي الوحيد ‏للأزمة الحالية حيث من المتوقّع أن يكون هناك ضغط من قبل الشارع الحزبي على الأحزاب لإيجاد حلول ‏تُخرجه من الأزمة الحالية التي تعصف بالحجر والبشر.‏
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب