سمير منصور وكارولين ماضي برعا في فن النحت بالطين: وسيلة فضلى لاكتشاف منجم النفس البشرية

تحقيق باسل ابو حمدان

وطنية - حول طاولة مربعة، جمعت الكثير من المعدات اليدوية الصغيرة الحجم، يمضي الزوجان الفنانان سمير منصور وكارولين ماضي الساعات، يعالجان خلالها الطين بحرفية وإتقان، ليغدو تحفا فنية ناطقة تحاكي شخصيات البيئة القروية اللبنانية ووجوها تقليدية، بالاضافة الى عظماء ومشاهير من العالمين العربي والأجنبي ".

مواهب الزوجان متعددة، تبدأ بالموسيقى والطرب والشعر والرسم والمسرح والقصص الصغيرة، لتنتهي بإنجاز عشرات المنحوتات بأنواع مختلفة من الطين المتواجد في مناطق محددة في جنوب لبنان .

وخلال وضع اللمسات الأخيرة على منحوته عائدة لوالدته الثمانينية، اوضح الفنان الخمسيني منصور إنه لم يخطرعلى باله يوما ولوج هذا الفن، وهو الذي بدأ حياته في كتابة الدواوين الشعرية والمسرحيات والقصص، لكن الصدفة وحدها دفعته الى هذه المسيره الفنية التي عشقها وباتت في مقدمة اهتماماته.

وقال: "أحبت زوجتي كارولين ماضي وهي فنانة تشكيلية ومطربة اردنية المولد، اقتناء الفخاريات كحاجة منزلية، فقصدنا معامل صناعة الفخار في العديد من المناطق اطلعنا خلالها على خفايا ومكنونات هذه الحرفة المتجهة نحو الاندثار. وقد اعجبتنا واستهوتنا مادة الطين المستخرجة من ارض بلدنا لبنان والمستخدمة في الصناعات الفخارية بشكل عام، لنتخذ عندها قرارا باستخدامها في عالمنا الجديد وهو فن النحت."

أضاف: "ولكي نتمكن من النجاح وتنمية مواهبنا، خضعنا لدورات تدريبة مكثفة حول كيفية معالجة وتحضير الطين المتعدد الأنواع واماكن وجوده في الطبيعة وكيفية استخراجه وعجنه، كما اجرينا بحوثا متعددة عبر الانترنت للتعمق بميزات كل نوع منه وتحديد الافضل لاستخدامه في النحت."

ورأى ان "فن النحت بشكل عام عالم فسيح ومتعدد الأوجه، لكن النحت بالطين استهوانا خاصة وان الحصول على هذه المادة متوفر في جنوب لبنان وبكلفة بسيطة تنافس اسعار المستورد منها والذي تجاوز سعر الكيلوغرام منها الثلاثة دولارات".

واوضح أنه وزوجته يتعاونان لجمع الطين بمختلف الوانه وانواعه من الحقول المحيطة ببلدتي راشيا الفخار والهبارية، ومن حفريات ورش البناء في جنوب لبنان، حيث "تركيزنا يبقى على النوع المميز بصلابته ولونه وقدرته على مقاومة الصدمات".

واعرب عن حرصه على تنظيف الطين من الشوائب عبر غسله بالماء ونقعه لايام عدة في احواض خاصة ومن ثم تخميره، بالاضافة الى توضيبه داخل اكياس من النايلون لحفظه لفترة اطول قبل استعماله .

وتابع: "نعمل على عجن الطين باليدين لتخليصه من فقاعات الهواء تجنبا لعدم تشقق المنحوتة او كسرها، من المفروض ان يكون الطين لزجا نظيفا ويتمتع بالمرونة وسرعة الجفاف والصلابة."

ماضي

من جهتها، وبينما كانت ترتب مجموعة من المنحوتات فوق طاولة معدة لتماسكها، اشارت زوجته الفنانة ماضي الى انها استقدمت من الأردن مختلف الادوات والمعدات المطلوبة للعمل في فن النحت بالطين، ومنها تلك الخاصة بالتشذيب والتنعيم والتي تسمح بالوصول الى اماكن ضيقة وحساسة.

واعتبرت ان "النحت بالطين يمكن وضعه في اطار السهل الممتنع والمعقد ويلزمه خبرة وصفاء ذهني وهدوء واحساس مرهف وطول اناة، ناهيك عن الدقة والذوق والحرفية."

وقالت: "نحرص على وضع صورة الشخص الذي يطلب منحوته امامنا لنتمكن من الوصول ومتابعة ادق التفاصيل، دون تجاوز اي تجعيدة او ميزة او علامة فارقة،" مشيرة الى ان انجاز المنحوتة يتطلب ما بين ساعتين الى 10ساعات.

وتابعت: "نعرض منحوتاتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد انجزنا منحوتات للكثير من شخصيات الريف اللبناني والبعض من قادة ورجال سياسة وعلماء وادباء مشهورين".

وشددت على رفضها المساومة على اسعار المنحوتات، "لأن الفن يجب ان يكون بعيدا كل البعد عن الكسب المالي كي لا يخسر قيمته وابداعه. وفي الكثير من الحالات تكون التحف مجانية في حين نترك لصاحب المنحوتة تقدير البدل المادي والذي يتراوح بين الـ 500 وال 1000دولارا اميركيا

وتابعت: "من خلال عملنا في النحت، اتضح لنا ان في كل وجه لمنحوتة، تبدو حكاية، والحكاية هي جزء من زمن يختزن في تجاعيد الوجوه وتكويناتها، حيث دقة التعبير عن النفس البشرية في حزنها و فرحها وطباعها وتصرفاتها ومختلف اشكال مكنوناتها" .

وقالت: "يمكن اعتبار النحت وسيلة فضلى لاكتشاف منجم النفس البشرية، وفيه محاولة لضبط الحقيقة بنسبيتها عبر تجسيد حالة موجودة في  لحظة جامدة تتحرك في ايحاءاتها و تعابيرها. وما يساعدنا في اكتشاف وتجسيد النفسية الخاصة واسرارها، انجازعملنا بشكل هادئ وبكل روية وبمعدات يدوية بدائية بعيدة عن التكنولوجبا الحديثة، مما يساهم في تحديد مكمن الخفايا والاسرار".

واعتبرت ان "الفن التشكيلي من أجمل الفنون فهو يؤخذ من أرض الواقع ثم يصاغ بتشكيل جديد يستوحى من فكرة جديدة والتي تعتبر من التجسيد لشيء معين. والفنان التشكيلي يأخذ الأفكار من الواقع الذي يعيش فيه لينقلها بطريقة رؤيته للأمور ثم يصغها بشكل جميل ومميز".

وأشارت الى ان "النحت على الطين من أكثر أنواع فن النحت شيوعا منذ القدم، واستخدم في اشادة القلاع والتماثيل والأعمدة والهياكل والكثير من المدن، بحيث اعتبر فخر الكثير من الحضارات القديمة ."

     ======= و.خ

 

 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب