نداء الوطن : الحزب" و"التيار" يتربّصان بالحريري على مفرق التأليف

وطنية - كتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : ما لم يكن في جيْب "الرجل الذي لا يُتوقَّع" الرئيس ميشال عون مفاجأة جديدة في الدقائق ‏الخمس الأخيرة، فإن الرئيس سعد الحريري سيعود في خميس الاستشارات النيابية المُلْزِمة ‏رئيساً مكلّفاً بنصابٍ ميثاقي لا تعْتريه شائبة وعَدَدي تحت المعاينة، إيذاناً بانطلاق مسار ‏التأليف الشائك الذي يشي بأن رئيس "تيار المستقبل" لن يكون طليقاً فيه مع رسْمِ جناحيْ 8 ‏آذار الأساسيّيْن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" خطوط اشتباكٍ مبكّرة معه‎.

وتَقاسَمَ المشهد السياسي أمس رصْدٌ مزدوج، الأوّل للرافعة الداخلية التي تُعطي الحريري قوّةَ ‏دفْعٍ تَعَزَّزتْ مع نزْع "القوات اللبنانية" فتيلَ اللعبِ بمعيارِ الميثاقية واستعماله غطاءً محتملاً، ‏إما لإرجاءٍ جديدٍ للاستشارات وإما لـ "الطعن" بتكليف الحريري، مماشاةً لمحاولة الوزير ‏السابق جبران باسيل عرقلة عودة زعيم "المستقبل" إلى رئاسة الحكومة من خارج "بروتوكول ‏التسوية الرئاسية" ومعادلته "نكون معاً". والثاني لحجم المظلّة الخارجية لمهمّة الحريري، ‏الذي "يمتطي" المبادرة الفرنسية وجدول أعمالها الإصلاحي، في ظل سلوكٍ من الرئيس ‏المكلف "مع وقف التنفيذ" يوحي بأنّ اندفاعتَه تتقدّمها كاسحةُ ألغام من الاليزيه، و"ضوء ‏أصفر" أميركي لا يمانِع في إمرار حكومةٍ "منزوعة الدسم الحزبي"، ولو مع "أصابع" للقوى ‏السياسية فيها عن بُعد، فالأهمّ بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يريد "الإصلاحات أولا" ... "أكل ‏العنب وليس قتْل الناطور‎".

والمجتمع الدولي هذا أعلن أنه على أهبة الاستعداد لمساندة لبنان وتجلّى ذلك باتصالٍ تلقاه ‏رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أعرب فيه الأخير ‏عن ارتياحه لأجواء مفاوضات الترسيم مؤكداً جهوزية بلاده لإرسال مساعدات لإعادة إعمار ‏أحياء بيروت المتضرّرة، جراء انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، مع تطلع الولايات المتحدة ‏إلى تشكيل حكومة لبنانية قادرة على تطبيق الإصلاحات ووضع حد للفساد. يضاف الى ذلك ‏استعداد لدى صندوق النقد الدولي لمناقشة مساعدة لبنان مع الحكومة العتيدة حسب مدير إدارة ‏الشرق الاوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور‎.

الأم الحنون فرنسا بدت الأكثر توقاً الى إنهاء "جلجلة" اللبنانيين مبديةً مرة أخرى عدم توانيها ‏عن مواكبة لبنان في الاصلاحات، "السبيل الوحيد لحشد جهود المجتمع الدولي"، وفق ما جاء ‏في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية. وكمن يؤنب ولده المشاغب لمعصيةٍ يرتكبها من دون ‏هوادة رفعت فرنسا صوتها عالياً مرةً أخرى، شاجبةً مماطلة السياسيين اللبنانيين في تشكيل ‏حكومةٍ بمهام محدّدة قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ومحملةً هؤلاء تبعات "العرقلة المطوّلة" ‏التي تحول دون تلبية تطلعات الشعب، في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ‏والمعيشية التي ترهق كاهل اللبنانيين‎.

وعلى بُعد يومين من الخميس المُنتظر الذي لم تعكس أجواء القصر الجمهوري اتجاهاً لإرجاء ‏الاستشارات "إذا لم يطرأ عامِلٌ مستجدّ"، بدت الأنظار على سيناريوات هذا الاستحقاق في ‏ضوء التلميح إلى أن "أرنب" تجيير "التيار الوطني الحر" أصوات نوابه لرئيس الجمهورية ‏ليقرّر لمَن سيصوّت بها لم يُسحب من التداول، وهو ما قد يُراد منه بحال اللجوء إليه محاولة ‏إحراج الحريري لإخراجه تكراراً لتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس اميل ‏لحود العام 1998، إلى جانب "البوانتاج" المستمرّ لعدد الأصوات التي سينالها زعيم ‏‏"المستقبل" وسط الغموض المتعمّد الذي يمارسه "حزب الله"، في حسْم موقفه من منْح أصوات ‏كتلته للحريري أم لا، رغم تقديراتٍ بأنه سيشكّل قوة إسنادٍ لعملية التكليف تفادياً لأي إشكاليات ‏دستورية قد تثار بحال لم يمرّ التكليف بأكثرية النصف زائد واحد (من الـ 120 نائباً)، وفق ما ‏كان جرى التلويح به من فريق عون إبان محاولة تكليف الحريري بعد استقالته في تشرين ‏الأول 2019‏‎.

وإذا صحّ أن "حزب الله" سيمدّ يده للحريري بالتصويت له فإنه بالتأكيد لن يقطعها مع حليفه ‏الطبيعي باسيل في المشوار الوعر نحو التأليف، الذي رَفع "الحزب" بوجهه مسبقاً بطاقة ‏صفراء عبر "موقف تذكيري"، من أنه لن يعطي الرئيس المكلف "كارت بلانش" في التشكيل ‏وخصوصاً في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وشروط التفاهم معه، وهو ما كان ‏زعيم "المستقبل" خاض جولة "استكشاف النيات" بهدف استشراف أن جميع القوى على ‏‏"موجة واحدة" في ما خص الورقة الفرنسية، ليتّضح أن العشرة بالمئة التي تحفّظ عنها "حزب ‏الله" حاضرة "كلما اقتضت الحاجة" وفي أكثر من اتجاه. وعلمت "نداء الوطن" أنّ الحريري ‏استمر امس على رفضه لقاء باسيل متسلّحاً بالصمت‎.

وهذا "الشَبْك" المسبق مع مرحلة التأليف يزيد من واقعيةِ التوقعات بأن الولادة الوشيكة ‏للحكومة صعبة المنال وخصوصاً أن الحريري سيكون بحال تكليفه الخميس وجهاً لوجه مع ‏عون الذي يحمل ورقة التوقيع الثمينة على تشكيل الحكومة، ومع شروط باسيل الذي جاهر ‏بأن أي حكومة برئاسة زعيم "المستقبل" تفقد حكماً صفة الاختصاصيين وتفتح الباب أمام ‏تفاوض على حكومة إما سياسية أو تكنو- سياسية ولكل منهما معاييره، إضافة إلى الشهية التي ‏سيصعب كبْحها لسائر القوى السياسية التي ستستفيد من أي تسليم للثنائي الشيعي بتسمية ‏وزرائه غير الحزبيين والاختصاصيين للمطالبة بالمعاملة بالمثل‎.‎

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب