الأنباء : بدعة" بعبدا لم تأتِ بنتيجة..
سيناريوهات الفشل تتقدم والحكومة "بحاجة لمعجزة‎"‎

وطنية - كتبت صحيفة " الأنباء " الالكترونية تقول : طوال يوم الثلاثاء لم يتحقق أي خرق فعلي في عملية تشكيل الحكومة. واصل الأفرقاء مواقفهم المتصلبة والتصعيدية، ‏وكأن البلاد بألف خير. الثنائي الشيعي يتمسك بوزارة المال، وهو أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون أنه يريد أن ‏يختار بنفسه الوزراء الشيعة في الحكومة، ومستعد أن يقدّم عدداً من الأسماء للاختيار من بينها، لتكون هذه هي الليونة ‏الوحيدة التي أظهرها الثنائي. هذا في حين تركت رئاسة الجمهورية عملها في اللقاءات "البدعة" التي أجرتها مع الكتل ‏النيابية والتي تقفز فيها فوق صلاحيات رئيس الحكومة المكلّف، لتخصص جزءا كبيراً من وقتها "الثمين" في حياكة ‏بيان منمّق الشكل فارغ المضمون لمهاجمة كتلة اللقاء الديمقراطي التي عرّت استشارات بعبدا باعتذارها عن المشاركة ‏في ما هو خارج الأصول الدستورية، وقد حَمَد الحزب التقدمي الإشتراكي الله على نعمة الاعتذار عن المشاركة في هذا ‏المسار‎.‎


وما حاول فعله رئيس الجمهورية لم يكن موفّقاً لا شكلاً ولا نتيجة، فقد اصطدم بتصلب مواقف كل القوى. رؤساء ‏الحكومات السابقون أصروا على موقفهم حول المداورة وضرورة تثبيتها بما فيها وزارة المال، حيث أكدت مصادرهم ‏عبر "الأنباء" أن الموقف الفرنسي لن يتغير، ولا يمكن للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يفرغ مبادرته من ‏مضمونها بالتنازل والقبول بما يفرضه حزب الله، لأن ذلك سيعيد إنتاج حكومة مشابهة لحكومة حسان دياب‎.‎


ويشير رؤساء الحكومة السابقون إلى أنهم ينسقون ويتلاقون في مواقفهم، ولا مجال للإختلاف في ما بينهم حول المبدأ، ‏وهو عدم التنازل، وبحال عدم القبول فلا بد من التوجه إلى الإعتذار من قبل الرئيس المكلف مصطفى أديب، كما ‏أفادت المصادر. لكن يبقى الإختلاف حول طريقة الإعتذار، فهل يقدم أديب حكومته ويتم رفضها من قبل رئيس ‏الجمهورية أو من قبل مجلس النواب؟ أم يعتذر بدون تقديمها كي لا يستفز الثنائي الشيعي أكثر، وكي لا يحرج رئيس ‏الجمهورية؟ وحسم هذه المسألة بقي بحاجة إلى تشاور. ويؤكد رؤساء الحكومة السابقون أنهم لن يتنازلوا عن شروطهم ‏حتى ولو وافقت فرنسا على تقديم تنازلات لصالح حزب الله، "فحتى لو زلّت القدم الفرنسية فهم لن يوافقوا ولن ‏يخضعوا‎". ‎


كل هذه الأجواء تشير إلى أن المبادرة الفرنسية وصلت إلى حافة نهايتها، وباتت بحاجة الى معجزة لإنجازها من غير ‏المعروف إذا كانت ستأتي. لكن المعروف أن لبنان يدخل في مرحلة جديدة من الخطورة العالية على كل الأصعدة‎.‎


وحول كل هذه الأجواء، أشار عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة الذي زار والنائب علي حسن خليل ‏رئيس الجمهورية أمس ضمن الإستشارات الذي إبتدعها الأخير، إلى أنهم أبلغوا عون موقف الكتلة، "خصوصا المتعلّق ‏بمطلب حقيبة المال‎".‎


وفي إتصال مع "الأنباء"، اعتبر خواجة أن "الثنائي الشيعي لديه حيثياته التمثيلية، والناس ليسوا رُمم، بالتالي على ‏رئيس الحكومة المكلّف التواصل والتشاور مع الكتل النيابية من أجل تسهيل عملية التأليف لأخذ الثقة، خصوصا ان ‏المسار طويل برفقة مجلس النواب الذي لا يمكن تجاهله، كما عليه العمل مستقبلا مع المجلس بعد تشكيل الحكومة ‏لإقرار مجموعة من القوانين"، منتقداً "عدم مبادرة أديب للتواصل مع الكتل النيابية رغم وجود النوايا عند الجميع من ‏أجل تسهيل عملية الولادة، ما أدى إلى حالة الإرباك التي لاحظناها‎".‎


وردا على سؤال، عاد خواجة إلى "موقف الكتلة الكامن بعدم المشاركة في حال لم تُسند وزارة المال إلى الكتلة، وهو ‏الموقف الذي أبلغه الرئيس نبيه بري للرئيس سعد الحريري والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكن يُفضّل اليوم عدم ‏الغوص في هذا الموضوع، إذ ان الأولوية لتشكيل حكومة فاعلة ومنتجة تنهض بالبلاد، ومن الضروري أن نشهد ‏ولادة لهذه الحكومة في الايام المقبلة"، مشدداً على "وجوب وضع معايير معيّنة للتوزير، منها الكفاءة والسيرة الحسنة"، ‏سائلا: "من قال أن الإختصاصي لا يجب أن يكون لديه فكر سياسي؟‎".‎


في الوقت نفسه، أعرب عضو تكتل "لبنان القوي" النائب روجيه عازار عن تفاؤله بـ"إحتمال ولادة الحكومة الخميس ‏المقبل، مع تذليل عقبة المالية"، متوقّعا "إبقاء حقيبة المالية مع الطائفة الشيعية، على أن يكون الشخص المُعيّن ‏مُستقلاً"، مستبعدا "إمكانية السير بحكومة دون رضى الثنائي الشيعي، فهذا أمر يحرص عليه رئيس الجمهورية، اذ أنه ‏مستحيل لعدم قدرتها على نيل الثقة عند محطّة مجلس النواب‎".‎


وفي حديث مع "الأنباء"، لفت عازار إلى "عدم الممانعة في إستثناء وزارة المالية من المداورة"، منبّها من "حراجة ‏الوضع اللبناني، وكبر المسؤولية نسبةً لحجم المواقع الوزارية"، مشددّا على "وجوب إستغلال فرصة المبادرة الفرنسية ‏التي لن تتكرر، كما أن لبنان يقع اليوم تحت أنظار المجتمع الدولي، وبإنتظارنا مؤتمر سيدر وصندوق النقد، وبالتالي ‏من الضروري اليوم الذهاب إلى تشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات‎".‎


وجدّد عازار موقف الكتلة التي "طالبت سابقا بحكومة إختصاصيين مستقلين"، وقال: "لا نريد أي شيء، مستعدون ‏للسير بالحكومة، وإذا أرادوا مشاركتنا كقيمة مضافة، فنحن أيضا مستعدون‎". ‎


وفي ظل كل ذلك يرتفع منسوب القلق لدى المواطنين من طي صفحة المبادرة الفرنسية، وعدم تشكيل حكومة إصلاح، ‏وبالتالي تبدّد فرص الإنقاذ، وما لهذا المسار من تبعات ستكون كارثية على مختلف الأصعدة، منها الإقتصاد مع تراجع ‏مالية الدولة أكثر دون تأمين أي مدخول جديد. ويترافق هذا القلق أساسا مع هاجس رفع الدعم الذي إقترب‎.‎


في هذا السياق، رأى مدير أنظمة الدفع سابقا في مصرف لبنان رمزي حمادة "سيناريو كارثياً ينتظر لبنان بحال عدم ‏تشكيل حكومة إنقاذ، محوره الفوضى، الذي سيضرب على مختلف الأصعد، من الإقتصاد إلى الأمن والسياسية"، ‏محذّرا من "نسب الفقر التي ترتفع بشكل ملحوظ، والتي ستؤدّي إلى مشاكل إضافية، مع إحتمال إرتفاع نسب الجريمة ‏والسرقة، خصوصا مع رفع الدعم الذي ينتظره المواطن قريبا، وبالتالي المس بالأمن الغذائي والصحي‎".‎


في السياق، أشار حمادة إلى "فقدان الدولة مصادر التمويل، وبالتالي قد تتخلف أيضا عن دفع رواتب الموظفين، بعد ‏فترة لا تتعدى شهر شباط أو آذار، بحال إستمر الوضع على حاله‎".‎


أما في حال قررت الدولة التخلف عن دفع سندات الدين، كالتخلّف السابق عن دفع اليوروبوندز‎ "Eurobonds"‎، ‏فيتوقع حمادة "توجّه دائني لبنان إلى القضاء، لمقاضاة الدولة، ما يعني عزل لبنان أكثر، وإستحالة إمكانية الإستدانة ‏مرة أخرى، كما وفرض عقوبات، وبالتالي وقف مصادر تمويل الدولة، بحيث أن اللبنانيين نفسهم لن يرسلوا الأموال ‏بعدها‎".‎


أما في ما خص صندوق النقد الدولي، فقد لفت حمادة إلى أن "فرصة صندوق النقد سانحة دائما، إلّا أن تراجع الوضع ‏الإقتصادي أكثر سيفرض شروطا أصعب، كما أن الصندوق يراقب لبنان اليوم، وقد سجّل نظرة سيئة، ما سيصعّب ‏الأمور أكثر‎".‎


وختم حمادة مشدّدا على "ضرورة تغيير النهج الحالي والعقلية المتّبعة، وتشكيل حكومة إختصاصيين مستقلين، على أن ‏يُعتمد مبدأ المداورة بالنسبة للمقاعد الوزارية، والتوجّه فورا دون تأخير للإصلاحات ومحاولة الإستفادة من ‏المساعدات، لتفادي السيناريو المرعب بحال فات قطار لبنان محطّة النهوض‎".‎

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب