فضل الله دعا للاسراع بالاصلاحات: لإخراج موضوع الحياد من التداول الإعلامي والاصطفاف السياسي والطائفي ولنجدد الدعوة إلى الحوار الموضوعي الداخلي

وطنية - ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بأن نغتنم العشر الأولى من شهر ذي الحجة بالعبادة والصيام والقيام والذكر، وأن لا تفوتنا فيها إحياء ليلته ويوم عرفة، وهو اليوم الذي ورد أنه يبسط الله فيه لعباده موائد إحسانه وجوده للداعين والذاكرين والمستغفرين، والشيطان فيه ذليل طريد غضبان أكثر من أي وقت سواه..وقد ورد عن الإمام زين العابدين أنه سمع في يوم عرفة سائلا يسأل الناس، فقال له: ويلك أتسأل غير الله في هذا اليوم وهو يوم يرجى فيه للأجنة في الأرحام أن يعمها فضل الله تعالى فتسعد.. وقد ورد أنه في هذا اليوم تغفر فيه الذنوب العظام التي لا تغفر في أي زمن آخر سوى ليلة القدر.. فلنملأ هذا اليوم وكل الأيام العشر بصلواتنا وأذكارنا ونجاوانا كي نحظى ببركات الله وفضله وإحسانه في هذه الأيام التي يغفر فيها الذنوب وتستجاب فيها الدعوات وتفتح فيها أبواب الجنان وتغلق فيها أبواب النيران. إننا أحوج ما نكون إلى تمتين علاقاتنا بالله الذي بيده وبيده وحده تغيير حالنا وإخراجنا من أزماتنا وصعوبات الحياة التي نواجهها لنكون بذلك أقوى وأقدر على مواجهة التحديات".

وتابع: "البداية من فيروس كورونا الذي يزداد عدد الإصابات به وقد وصلت إلى أعداد قياسية وإلى أماكن لم تكن قد وصلتها سابقا. ونخشى أن تتفاقم هذه الأعداد إن لم يتقيد المواطنون بالإجراءات المطلوبة ولم تقم الدولة بالتشدد في تطبيقها وأخذ القرارات التي تتناسب مع هذه المرحلة".

اضاف: "إننا لا ندعو إلى الهلع، ولكننا نعيد تذكير دميع المواطنين المقيمين والوافدين بأننا قادرون على الانتصار عليه ومنع أي تداعيات قد تحصل فيه إن تم التقيد بالتعليمات الصحية من لبس الكمامات والتقليل ما أمكن من المناسبات العامة، وأن يتم الحفاظ على التباعد، وأن يكون التعامل دائما مع الآخرين على قاعدة أنهم محتملو الإصابة.. ونشدد في هذا المجال على دور الدولة والرقابة المجتمعية لمواجهة من تدعوه نفسه إلى التهاون بسبل السلامة".

وقال: "في هذا الوقت يستمر تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين رغم الإجراءات التي أعلنت الحكومة أنها اتخذتها إن على صعيد ارتفاع أسعار السلع الغذائية حيث لم يشعر المواطنون بآثار جدية لدعم السلة الغذائية أو زيادة التقنين في الكهرباء والنقص في المحروقات لا سميا المازوت والتلاعب بسره في السوق السوداء، إلى التسريح المستمر لأعداد الموظفين والعاملين في المؤسسات والذي وصل أخيرا إلى الطواقم الطبية وبأعداد كثيرة كالذي حدث في مستشفى الجامعة الأميركية، والذي لا بد من أن يترك تأثيره على أداء عمل هذه المستشفيات والقيام بدورها في وقت هي أحوج ما تكون إلى استنفار أقصى جهودها لمواجهة وباء كورونا..
وقد لامس أخيرا سلامة غذاء المواطنين، بعد اكتشاف بعض المستودعات التي تحوي لحوما فاسدة كانت تعد للتسويق".

اضاف: "إننا أمام ما يجري نعيد دعوة الحكومة إلى القيام بدورها في معالجة كل هذه الأزمات، فلا تقتصر على المسكنات أو المعالجات الموضعية وتقوم بدراسة كل السبل وتوفير كل الإمكانات والمتطلبات المعيشية للناس بمواجهة جادة للمحتكرين الذين يستأثرون بالقسم الأكبر من السلع المدعومة في مخازنهم ومحاسبة التجار الجشعين المتلاعبين بغذاء الناس وصحتهم، والتحرك الجاد للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار وضخ السيولة النقدية في السوق والإسراع بالخطة الإنقاذية التي أقرتها وإيقاف نزف الخزينة. وقد أصبح واضحا أن بلوغ ذلك يدعو للاسراع بالإصلاحات التي تعيد فتح الأبواب لمساعدة لبنان من الدول الصديقة أو من صندوق النقد الدولي.. وهي قبل ذلك مطلب اللبنانيين الذين من حقهم أن يعيشوا في دولة تجعل الإصلاح مسارا لها".

وفي هذا المجال، لفت فضل الله إلى "أهمية الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة في البدء بإجراءات التدقيق الجنائي المالي عبر تكليف شركة تتولى هذا الأمر رغم الملاحظات التي أبديت حول الشركة وقدراتها بما قد يساهم في كشف مكامن الخلل التي أدت إلى وصول البلد إلى ما وصل.. ولكن يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونا بتوافر الإرادة السياسية الحازمة المصرة على إزالة كل العوائق التي قد تقف أمام وصوله إلى النتائج المرجوة.. فلا تتوقف عند أبواب المجلس النيابي أو تتوقف بفعل فيتوات سياسية أو طائفية".

وقال: "في هذا الوقت، لم يتوقف الجدل في الداخل اللبناني حول موضوع الحياد والذي لم تقف تداعياته عند ردود الفعل حوله على البعد السياسي بل تعدت ذلك إلى البعد الطائفي، بعدما أثار هذا الطرح هواجس لدى طوائف أخرى، ما ولد سجالا حادا بتنا يخشى من تداعياته على هذا المستوى.. ومن هنا فإننا نجدد الدعوة إلى إخراج هذا الأمر من التداول الإعلامي ومن الاصطفاف السياسي والطائفي، لنجدد الدعوة إلى الحوار الموضوعي الداخلي حول هذه القضية ليكون بديلا عن ردود الفعل التي تزيد في انقسام البلد وإحداث شرخ فيه في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى الوحدة.. ويأخذ في الحسبان الهواجس المشروعة للقوى التي اعترضت أو تحفظت إن لاعتبارات طائفية أو سياسية أو وطنية، أو التي شككت بإمكان تحقيق الحياد في ظل عالم هو غير حيادي عندما يقتضي ذلك جشعه ومصالحه وفي ظل تربص الكيان الصهيوني بأطماعه والذي تقف معه أغلب الدول الكبرى، وتحدي الإرهاب الذي لا يزال ماثلا والذي تحول إلى أداة لقوى إقليمية ودولية، وينتظر الظروف المناسبة للتحرك من جديد".

وأكد "ان البلد في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى الخطاب الوطني المتوازن، والحوار العقلاني، وإلى كل موقف وحركة تساهم في تعزيز وحدة الوطن وقوته ومنعته أمام التحديات التي تواجهه من الداخل والخارج، وإلى تضافر جهود المواطنين وجميع القيادات لإنقاذ البلد...
ووسط كل هذه الأزمات لا ينبغي أن يغيب عن بال اللبنانيين ما يجري على الحدود اللبنانية مع الكيان الصهيوني والذي يستمر في عدوانه على سوريا وتداعيات ذلك على البلد، الأمر الذي يتطلب من اللبنانيين الحذر من مخططات هذا العدو وما قد يقدم عليه مستغلا الانقسام الداخلي والضغوط الخارجية".

وختم: "نقف أخيرا عند بدء موسم الحج الذي يتم هذه السنة بعدد محدود، آملين أن يستعيد المسلمون وحدتهم عندما يطوفون ويسعون معا ويقفون معا وأن يعززوا بذلك قوتهم، ويوئدوا كل الفتن التي لا تزال تعبث بواقعهم والتي تسببت بأن يصبحوا على هامش الأمم وفي مهب رياح الآخرين".


============= ن.م

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب