تابت خلال الإعلان عن الفائزين في مسابقة أبعد من الإسمنت: للانتقال من لبنان يؤمن أرباحا للمنتفعين الى لبنان التنمية المستدامة

وطنية - عقدت نقابة المهندسين في بيروت و"استديو أشغال عامة" مؤتمرا صحافيا مشتركا، تم فيه الإعلان عن نتائج مسابقة "أبعد من الإسمنت: نحو رؤية تنموية لشكا وبلدات الطوق" التي نظمها الاستديو بالتعاون مع نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، وبرعاية اتحاد بلديات الكورة.
شارك في المؤتمر الصحافي نقيب المهندسين في لبنان المعمار جاد تابت، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، الناشطة البيئية سمر نجار، المعمارية والمخططة المدينية عبير سقسوق ممثلة "استديو أشغال عامة"، فضلا عن عدد من المشاركين في المسابقة والمهتمين. كما شاركت الدكتورة جالا مخزومي ممثلة لجنة التحكيم عبر اتصال الفيديو.

تابت
إفتتح النقيب تابت المؤتمر بكلمة جاء فيها: "تسعة أشهر مضت منذ أن أطلقنا هذه المسابقة وكأنها دهر كامل. فبعد اندلاع الانتفاضة التشرينية التي شارك فيها مئات الألوف من الشابات والشبان لتعبر عن رفض الاستمرار في السياسات والخيارات التي أوصلت البلاد إلى شفير الهاوية، أتت جائحة "كورونا" لتطرح أسئلة جوهرية حول نظام العولمة الذي حول العالم إلى ساحة مفتوحة تنتقل فيها الجراثيم كما الرساميل والخدمات والسلع دون أية قيود.
قد يتساءل المرء ما علاقة هذان الحدثان بموضوع المسابقة التي نحن بصدد الإعلان عن نتائجها سوى ربما الصعوبات التي واجهها المتبارون والتي فرضت تأجيل موعد التسليم والتحكيم عدة مرات.
لكن، إذا تمعنا قليلا في الإشكاليات التي طرحتها المسابقة، يتبين لنا أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالتحديات التي طرحتها الانتفاضة التشرينية على المجتمع اللبناني والأسئلة التي أثارها انتشار جائحة "كورونا" التي قلبت العالم رأسا على عقب".

أضاف: "أتت الانتفاضة التشرينية كردة فعل لفشل نهج اقتصادي اجتماعي متكامل أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية وتفشي البطالة بين اللبنانيين وتردي الأوضاع البيئية والصحية في كافة المناطق وتدهور الخدمات العامة. ويندرج هذا النهج ضمن سياسة عامة تنظر إلى المجال الوطني (national territory) كمجرد ساحة لحركة الأسواق المتحررة من كافة القيود بفعل سيطرة رأس المال المعولم وهيمنة شبكات التبادل الاقتصادية على المستوى الكوني.
وتشكل تجربة شكا وبلدات الطوق مع معامل الإسمنت مثالا صارخا لنتائج هذا النهج وآثاره على الحياة الاقتصادية المحلية وعلى الواقع الاجتماعي والصحي لسكان المنطقة".

واعتبر أن "تمركز معامل الاسمنت في ساحل شكا أحدث تحولا جذريا في بنية المنطقة عبر انتشار المعامل والشركات والمقالع بشكل غير منظم". وقال: "قد طال هذا التحول النشاطات الاقتصادية في المنطقة فتآكلت الأراضي الزراعية وسهول الزيتون وكروم العنب والتين واضمحلت النشاطات البحرية من صيد الأسماك واستخراج الملح مما كان له آثار سلبية خطيرة على الاقتصاد المحلي وعلى الواقع الاجتماعي في المنطقة.
كما أدى هذا التحول إلى كوارث بيئية حقيقية إن بسبب انتشار المقالع المرخصة وغير المرخصة التي تقضم الهضبات المطلة أو بسبب تلوث الهواء والمياه الجوفية والبحر والتربة وما يتتبع ذلك من أضرار على صحة الإنسان والنبات".

وأشار الى أن "التحديات التي طرحتها الانتفاضة التشرينية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعيشها لبنان وانسداد الأفق في ظل تقلب الأوضاع في العالم بسبب جائحة الكورونا، كل ذلك يتطلب إعادة نظر جذرية في النهج الذي تم إتباعه منذ عقود من الزمن والانتقال بلبنان من نموذج يؤمن أرباحا طائلة لقلة من المنتفعين على حساب الإنسان والبيئة إلى نموذج آخر يرتكز على التنمية المستدامة ويسمح بإيجاد حلول بديلة ترسم آفاق التطور المستقبلي".

وختم: "لقد شكلت هذه المسابقة التي أطلقها استوديو أشغال عامة بالتعاون مع نقابتي بيروت وطرابلس وتحت رعاية اتحاد بلديات الكورة، فرصة مميزة لطرح مجموعة من الأسئلة حول كيفية تخطي الواقع الحالي وفتح أفق جديد لمعالجة قضايا استخدام الأراضي والتنظيم المدني والتنمية المحلية واستعادة التوازن البيئي إن في سهل الكورة أو في المنطقة الساحلية في شكا والهري".

سقسوق
أما سقسوق فتحدثت عن سياق وأسباب إطلاق المسابقة، وقالت: "في شهر تشرين الأول 2018، تلقى استوديو أشغال عامة دعوة للتوقيع على عريضة تطالب بمحاسبة المسؤولين عن التدمير الحاصل في قضاء الكورة نتيجة استخراج وصناعة الإسمنت. كانت تلك العريضة جزءا من تاريخ نضالي طويل قاده السكان والناشطون، لمقاومة ظلم متعدد الأوجه يرزحون تحته منذ أكثر من نصف قرن. فعلى الرغم من الجهود الحثيثة المبذولة عبر التنظيم على المستوى المحلي والمناصرة، إلا أن الغلبة لطالما كانت لشركتي الإسمنت اللتين تتمتعان بنفوذ سياسي واقتصادي مسلم به، على حساب كل المطالب الداعية إلى مساءلتهما. ولعل الدليل الأبرز على ذلك هو توسع مقالع الشركتين من دون رادع بالرغم من عدم قانونية ذلك".

ولفتت الى أن "الشركتين تقدمان الدعم للبلديات وبعض المبادرات المحلية"، مشيرة الى أن "تلك "الهبات" لا تقارن بالأموال الطائلة التي جنتاها عبر احتكار صناعة الإسمنت في لبنان، وقرار الحكومة منع استيراد الإسمنت. وتجدر الإشارة إلى أن الشركتين تصدران طن الإسمنت بنصف سعر الطن الذي تبيعه في السوق المحلي".

وقالت: "في ضوء هذا الوضع، كان من المهم إطلاق نقاش بشأن بدائل مجدية تتحدى الحجة السائدة لصالح قطاع الإسمنت: دوره في التنمية الاقتصادية المحلية وحجمه في الاقتصاد الوطني. ففي نهاية المطاف، إحدى السمات الأساسية للنظام السياسي اللبناني في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية هي هيمنته على مخيلتنا وقدرتنا على تصور آفاق مستقبلية مغايرة لواقعنا القائم. لذا، كان ذلك أحد أهداف مسابقة "أبعد من الإسمنت".
وأوضحت أن "المسابقة دعت إلى مساءلة الأنماط المهيمنة على مجالي التنمية واستخدام الأراضي، وإعادة التفكير في إطار العمل المؤسسي للتنظيم المديني".

وقالت: "اليوم، وبعد إعلان نتائج المسابقة، نأمل في أن تشكل المشاريع الرابحة نقطة انطلاق لتشكيل وتمتين تحالفات واسعة النطاق للمناصرة من أجل بيئة ملائمة للعيش ورؤية تنموية تحكمها مبادئ العدالة الاجتماعية بدلا من المصالح الاقتصادية المحدودة".
وختمت: "نؤكد أننا سنعمل لتصبح المشاريع المشاركة في المسابقة بمثابة أدوات ضغط لرفع الضرر عن الكورة وإعادة الاعتبار للمتضررين والراحلين، من أجل مستقبل أكثر إنصافا، أبعد من الإسمنت".
نجار
أما نجار فقالت: "منذ سنوات طويلة، يناضل أهل الكورة لرفع الضرر عنهم صحيا وبيئيا واقتصاديا في وجه مقالع شركات الإسمنت السبع وهولسيم التي تحاصر أراضيهم ومحاصيلهم وأنفاسهم. هم بصدد توقيع عرائض شعبية ترفض المقالع في المنطقة، ويدعون لاعتصام شعبي نهار السبت 27 حزيران الساعة الخامسة بعد الظهر في كفرحزير، أمام المقلع الأكبر المطل على اوتوستراد الأرز، بدعوة من "الإئتلاف الشعبي ضد المقالع والكسارات".
وسألت: "هل ستكافئ هذه الحكومة جرائم القلع العشوائي؟ أم أنها ستجد حلا نهائيا لملف المقالع العشوائية في لبنان؟".
واعتبرت أن "الحكومة شكلت مؤخرا لجنة تجمع فيها ممثلين عن اتحاد بلديات الكورة وممثلين عن الشركات، لتصوير الأمر وكأنه نزاع بين طرفين"، وقالت: "المطلوب منها أن تفرض القانون وتقفل المقالع بشكل نهائي وتطبق مبدأ "الملوث يدفع".

وأوضحت أن المسابقة "تأتي لتضع إسفينا في نعش المقالع العشوائية وتطرح للرأي العام بديل له صفة الاستدامة... تأتي لتنصف المنطقة وسكانها ولتقترح حلولا علمية تفتح للسكان آفاق حياة".

صاغية
أما صاغية فاعتبر أن المسابقة "مشروع طموح جدا لأنه يعطي بديلا عن الاقتصاد والأمور النمطية السائدة ويطرح إمكانية وجود أنماط أخرى".
وقال: "في كل مرة كانت تجري مسابقة كانت تطرح أسئلة: هل الطروحات واقعية؟ هل يمكن تنفيذها؟ هل هي مربحة اقتصاديا؟ هل أن يأتي مشارك ويطرح توقيف المقالع والكسارات أمر واقعي؟ هل من الواقعي أن يطرح مشروع ضرورة إخضاع شركات الإسمنت الملوثة لشروط بيئية معينة؟ هل من الممكن أن نتخيل شاطئ شكا- الهري شاطئا عاما للجميع بدل أن يكون بمعظمه خاصا أو مليئا بالتعديات؟".

أضاف: "أسئلة كبيرة تطرح مسألة القانون في مواجهة قوى الأمر الواقع. فالقانون يمنع إقامة المقالع والكسارات في الكورة إلا أنها قائمة من دون رخص.
السؤال الثاني الذي يطرح أيضا متعلق بالربحية الاقتصادية للمشاريع المطروحة. هذا الأمر لا ينفصل كذلك عن قوى الأمر الواقع، في بلد نموذجه الاقتصادي قائم على الاحتكارات، ومن بينها احتكار شركات الاسمنت.
من المهم طرح البدائل الأكثر ديمقراطية. المسابقة جرت في زمن التحولات، في زمن يطالب المواطنون فيه بقانون وقضاء مستقل قادر على توقيف قوى الأمر الواقع والحد من هيمنتها واحتكارها للاتجاه نحو اقتصاد منتج بديل".

مخزومي
وتلت الدكتورة مخزومي أسماء أعضاء لجنة التحكيم وهم: النقيب المعمار جاد تابت، رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم، الدكتورة جالا مخزومي، الدكتور أديب كفوري، الدكتور كنج حمادة، الدكتورة كارلا خاطر، لان شاطري، بسام قوماطي، المحامي نزار صاغية، غابي خرياطي (كمستشار وعضو غير مصوت).

وبعد جولتين من المداولات، أعلنت اللجنة أنها توصلت إلى "إجماع على عدم مطابقة أي من المشاريع لمعايير الجائزة الأولى. وفي حين أبدى أعضاء اللجنة الحكم تقديرا لجهود الفرق ونوعية المشاريع المقدمة، ولحظوا درجة تعقيد المسائل المطروحة، اتفقوا على أن المشاركات ظلت قاصرة عن تلبية التوقعات المطلوبة لاختيار فائز أول".
وقالت: "يعود ذلك إلى عوامل عدة:
أولا، درجة التعقيد التي تشوب المسألة ككل والمواقع المعنية بالمسابقة.
لقد أثبت شاطئ شكا - الهري نفسه كأحد أصعب المواقع، إذ لم يفلح أي من المشاريع السبعة في معالجة تعقيدات الموقع بالمستوى المطلوب. وظلت الطروحات جزئية تتجاهل علاقة الموقع بالمناطق الداخلية، كما بقيت قاصرة عن طرح نماذج صالحة للتنمية الاقتصادية، تستغل السمات التنافسية للموقع وتفيد المجتمعات المحلية في آن معا. كذلك لم تكن المشاريع المطروحة وافية نسبة لحجم الموقع، وهي صعوبة واجهتها أيضا مشاريع سهل الكورة الأوسط.

ثانيا، المعايير المتعددة والصعبة لاختيار فائز أول.
استنادا إلى المعايير التي اقترحتها اللجنة التوجيهية ثم اعتمدتها لجنة التحكيم، لحظت لجنة التحكيم أن الجمع بين عناصر من مشاريع مختلفة قد يخلق مشروعا متكاملا، لكن أيا من المشاريع المقدمة لا يتسم في حد ذاته بالشمول والتكامل. وشكلت بعض المعايير على وجه الخصوص تحديا للمشاركين والمشاركات، لاسيما: قابلية التكرار، والجدوى التقنية، وقبول أصحاب المصلحة والمعقولية البيئية. وأهملت معظم المشاريع مسألة الجدوى القانونية، وافتقرت إلى التخطيط قريب وبعيد المدى الذي يسمح بالتدرج المنطقي في تنفيذ التدخل المطروح.

ثالثا، إهمال الشقين التخطيطي والترويجي.
قدمت قلة من المشاريع نماذج صالحة وشاملة ومبتكرة للتنمية الاقتصادية، وافتقرت معظمها الى عملية مساءلة للأنماط المهيمنة في التنمية واستخدام الأراضي وإلى إعادة التفكير في إطار العمل المؤسسي للتنظيم المديني. كان أساسيا طرح تصاميم وأنظمة للمواقع أو مراجعتها ضمن أهداف ومبادئ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، بما يتيح تحرير الإمكانات الاقتصادية لهذه المناطق وتحسين جودة حياة سكانها.
من جهة أخرى، أهملت معظم المشاريع مسألة المناصرة، في وقت ينبغي أن تكون أساسية في تصور المشروع وتصميمه من البداية، إذ طلب من المجموعات المشاركة أن تضع خطة إعلانية أو تصميم حملة ترويجية للمشروع المقترح لتغدو بحد ذاتها مادة بصرية ذات قدرة تأثيرية على المدى القصير.

رابعا، تزامن المسابقة مع أحداث محلية وعالمية هامة.
في الأساس، كان الموعد النهائي لتسليم المشاريع نهاية عام 2019، لكن انطلاق الانتفاضة الشعبية في لبنان يوم 17 تشرين الأول عرقل إلى حد كبير قدرة المشاركين والمشاركات المسجلين على استكمال مشاريعهم وتسليمها، لاسيما الطلاب والطالبات منهم. وعلى الرغم من أن منظمي ومنظمات المسابقة أجلوا الموعد النهائي للتسليم، فإن تدهور الأوضاع بفعل الجائحة العالمية أثر في مشاركة الفرق من دول أخرى".

وجاءت نتائج المسابقة كالآتي:
الجائزة الثانية (مناصفة) - 6 ملايين ليرة لبنانية
عنوان المشروع Re-: (الموقع ب: مقلع بدبهون).
أعضاء الفريق: مها عيسى؛ ليا رمضان؛ سهى بو مطر (أتولييه حمرا)؛ مروان زوين (casaleganitos architects)؛ حسين نخال، دافيد حبشي، كريستينا سكاف (استوديو كواكب)؛ خالد سليم.
البلد: لبنان.

الجائزة الثانية (مناصفة) - 6 ملايين ليرة لبنانية
عنوان المشروع: التألم والشفاء (الموقع ب: مقلع بدبهون).
أعضاء الفريق: سلمى مرغيش؛ مروة دغوغي؛ حسناء حنصل؛ حاتم لهلو؛ ندى السلاك.
البلد: المغرب.

الجائزة الثالثة - 3 ملايين ليرة لبنانية
عنوان المشروع: تصميم الموقع أ وفق مقاربة صناعية وإيكولوجية (الموقع أ: شاطئ شكا - الهري).
أعضاء المشروع: لادان مصطفى زاده؛ محدثه صادقي صفات؛ مهسا أميري؛ فايزه طورابي نجاد.
البلد: إيران.

وقد نوهت لجنة التحكيم بمشروعين أعطيا جوائز تقديرية:

عنوان المشروع: تحول 2030 (الموقع أ: شاطئ شكا - الهري).
أعضاء الفريق: إليش س.د؛ ماري جو مالك؛ سيسيل كرم؛ ربى عازار افرام.
البلد: لبنان.

عنوان المشروع: تصور الاستدامة في لبنان: الكورة الخضراء (الموقع ت: سهل الكورة الأوسط الزراعي).
أعضاء الفريق: سوراف شرستا؛ آراتي داكال؛ براكريتي بانداري.
البلد: نيبال.

============إ.غ.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب