الجمهورية : عوامل التوتير تتزايد .. والسلطة غائبة...
وعون ‏يوحّد "الأرقام"‏

وطنية - كتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : لم يبرد جرح "أحداث السبت" بعد، الجامع بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ‏هو الخوف من جريمة تُرتكب بحقهم، وتهدّد بقتل حاضرهم ومستقبلهم وبنَسف بلدهم.‏
‏ ‏
ولن يبرد هذا الجرح، أبداً، طالما أنّ في الغرف السوداء فئة، أو فئات كامنة للبنانيين، ‏تسخّر عن سابق تصوّر وتصميم، كل طاقاتها ومواردها وإمكاناتها الخبيثة لاستدعاء ‏الفتنة، وتحويلهم جميعاً الى مشاريع ضحايا. والأسوأ من ذلك انّ تلك الفئة لا تجد من ‏يردعها.‏
‏ ‏
خوف
لا يمكن أن يصدق اللبنانيون أنّ 6 حزيران 2020 تاريخ عابر، وانّ ما حصل فيه ما هو ‏إلّا محطة إشتباكية مُعتاد عليها، تُضاف إلى ما سبقتها من محطّات مثلها توالت في ‏السنوات والأشهر الأخيرة، فمجرد جولة على طول المشهد الداخلي وعرضه، وعلى ما ‏كانت تسمّى "خطوط تماس" بين اللبنانيين في نقاط شديدة الحساسية، ولها رمزيتها في ‏الحرب الاهلية، من الرينغ امتداداً الى عين الرمانة - الشياح، او ما صارت تسمّى ‏‏"خطوط تماس" بين السنة والشيعة في النقاط المشتركة او المتقابلة بينهما في بيروت ‏والمناطق، تظهر بما لا يقبل أدنى شك انّ حجم الاحتقان الطائفي والمذهبي الموجود، ليس ‏من النوع العابر على الاطلاق، بل انّ المخيف هو انه يوشك ان يبلغ حافّة الانفجار.‏
‏ ‏
خراطيم السمّ
ومن الطبيعي في غياب لغة العقل، وفي غياب الإرادة السياسية الجدية الرادعة والكابحة ‏لكل مسبّبات الفتنة وعناصرها، وفي غياب السلطة الحكيمة المُهابة القادرة على الردع ‏والإمساك بزمام الأمور، أن تبقى "خراطيم السمّ" تنفخ في النار، ولا من يحاسبها مع ‏أنها معروفة بالاسم وبمكان الاقامة على حدّ تأكيدات الاجهزة الامنية والعسكرية على ‏اختلافها، بل تتحيّن الفرصة المناسبة للانقضاض من جديد على السلم الاهلي وأخذ البلاد ‏الى شرّ مستطير يطيح بأخضرها ويابسها في آن معاً.‏
‏ ‏
الأرض مؤهّلة
ولعل أخطر ما يحيط بأحداث السبت، الخلاصات التي انتهت اليها التقارير الأمنيّة ‏والعسكريّة، التي تقاطعت عند تحذير من أنّ الأرض صارت مؤهلة أكثر من أيّ وقت ‏مضى لِما هو أكثر من شتائم سياسية او طائفية ومذهبية، وأبعد من اشتباك كلامي. ‏وبالتالي، كل عناصر التوتير ما زالت قائمة، وكل الظروف باتت ملائمة لإعادة نصب ‏المتاريس في مقابل بعضها البعض.‏
‏ ‏
وفي هذا السياق، قال مرجع أمني كبير لـ"الجمهورية": بصراحة أقول أنا خائف جداً، ‏ولا أضمن على الإطلاق ألّا يتكرر ما حصل يوم السبت في أيّ وقت، إذ على الرغم من ‏وجود جهوزية امنية لأي مُستجد، لا توجد ضوابط لا سياسية ولا طائفية ولا مذهبية ولا ‏حتى اخلاقية تمنع حدوث ذلك، بل انّ المعطيات المتوافرة تؤكد انّ هناك عوامل كثيرة ‏داخلية سياسية وطائفية ومذهبية، تضاف اليها عوامل خارجيّة تذكّي هذا الأمر وكلّها ‏تدفع في اتجاه وحيد وهو إسقاط البلد أمنياً بعدما تم إسقاطه اقتصادياً ومالياً.‏
‏ ‏
وبحسب المرجع نفسه "فإنّ الصورة واضحة تماماً أمام الاجهزة الامنية والعسكرية، وانّ ‏المعلومات المتوافرة لديها تؤشر الى تحضيرات تجري للقيام بتحركات مماثلة في الآتي ‏من الأيام. وكل الاجهزة تقوم بما عليها في هذا المجال".‏
‏ ‏
ويلفت المرجع نفسه الى انّ التحذيرات السياسية من الانزلاق الى الفتنة، او تلك التي ‏صدرت عن المرجعيات الدينية مهمة، ومطلوبة في هذا الوقت، خصوصاً انّ ما جرى ‏يذكّر بأسوأ مشاهد الحرب الاهلية التي عاشها لبنان، إلّا انّ الأهم هو مبادرة القوى ‏السياسية والمرجعيات على اختلافها الى تحمّل مسؤولياتها في رفع الغطاءات فوراً، ‏وبصورة جدية وليس كلامية، عن كل العابثين بالامن ومثيري النعرات الطائفية ‏والمذهبية، وقبل كل هؤلاء، رَفع الغطاء عن كلّ المحرّضين والمموّلين لمثل هذه ‏التحركات، وهؤلاء باتوا معروفين بالأسماء إلّا أنّهم يتظلّلون بعباءات طائفيّة.‏
‏ ‏
ولعل أخطر ما يشير اليه المرجع الأمني هو انّ الاجهزة الامنية والعسكرية على ‏جهوزيتها الميدانية لِتَدارك أي طارىء، وهي قد بادرت منذ السبت الماضي الى تعزيز ‏حضورها، وخصوصاً الجيش اللبناني، في أماكن التماس (عين الرمانة - الشياح، ‏والطريق الجديدة - بربور ومحيطهما) منعاً لأيّ احتكاك. إلّا اذا تدحرج البلد في اتجاه ‏الفتنة، ففي هذه الحالة تفلت الامور من أيدي الجميع وإمكانية الاحتواء تصبح شديدة ‏الصعوبة".‏
‏ ‏
أين السلطة؟
على أنّ الخوف الذي عبّر عنه المرجع الأمني المذكور، يتواكَب مع مآخذ سجّلتها أوساط ‏سياسيّة مختلفة على أداء السلطة الحاكمة حيال ما جرى السبت الماضي، مقرونة ‏بتساؤلات حول ما منعها من التعامل الفوري مع ما جرى بما يَستوجبه من استنفار ‏حكومي، وحول ما أوجب غيابها الفاقع عن الصورة في الوقت الذي كانت الأرض تَميد ‏بالاستفزازات والنعرات، وانتظارها الى ما بعد منتصف ليل السبت الأحد لتصدر تغريدة ‏بكلمتي استنكار عن رئيس الحكومة!‏
‏ ‏
واذا كانت السلطة قد بادرت الى عقد اجتماع في اليوم التالي للاحداث في السراي ‏الحكومي للقيادات الامنية، لعرض التقارير الامنية التي تمّ تجميعها، خَلص الى "انّ ‏الوضع اللبناني برمّته في دائرة الخطر الشديد"، فإنّ الأوساط السياسيّة تضع برسم ‏السلطة الحاكمة جملة تساؤلات:‏
‏ ‏
أولاً، تؤكد كل مفاصل السلطة، وكذلك القوى السياسية على اختلافها بأنّ أحداث السبت ‏كانت متوقعة. فطالما الامر كذلك، لماذا لم تتخذ الاجراءات الاستباقية لمنعها؟
‏ ‏
ثانياً، ألا يستدعي ما حصل يوم السبت، الدعوة الفوريّة الى جلسة طارئة لمجلس الوزراء ‏لدرس مفاعيل هذه الاحداث الخطيرة؟
‏ ‏
ثالثاً، ألا يستدعي ما حصل يوم السبت، مبادرة رئيس الجمهورية الى الدعوة الفورية الى ‏عقد اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع لتقييم مخاطر ما حصل واتخاذ الاجراءات الوقائية ‏اللازمة منها، علماً انّ المجلس سبق له أن اجتمع لأسباب أقل أهمية في أوقات سابقة؟
‏ ‏
رابعاً، أليس ما حصل يوم السبت جريمة موصوفة بحق البلد؟ وألا يستدعي ذلك مُسارعة ‏مجلس الوزراء الى الانعقاد الفوري، واتخاذ قرار بالاجماع على إحالة أحداث السبت الى ‏المجلس العدلي، باعتبارها من الجرائم الواقعة على أمن الدولة وتهدّد كيانها بالسقوط في ‏الفتنة؟
‏ ‏
خامساً، ألا يستدعي ما حصل السبت، مبادرة رئاسية الى الدعوة الى طاولة حوار سريعة ‏بين مختلف القوى السياسية في القصر الجمهوري، لوضع جميع الاطراف أمام ‏مسؤولياتهم السياسية والشعبية في ضبط بيئاتهم ونزع فتائل التوتير السياسي والطائفي ‏والمذهبي؟
‏ ‏
سادساً، لماذا لا تحدد الجهات الداخلية والخارجية التي تدفع البلاد الى الفتنة ولأي هدف؟ ‏وإذا كانت تقارير الاجهزة الامنية والعسكرية تؤكد أنّ أسماء كلّ المتورطين والمشاركين ‏والمحرّضين والممولين معلومة، فلماذا لا يتم عزل هؤلاء وإعلان أسمائهم امام كل ‏اللبنانيين، ووضعهم جميعاً، أيّاً كانوا، وعَلناً، وبالأدلة الثبوتية، على لائحة المطلوبين ‏للعدالة وملاحقتهم لمحاسبتهم، بجرم المَس بأمن الدولة وإثارة النعرات والانزلاق بالبلد ‏الى الفتنة؟
‏ ‏
سابعاً، الى جانب تلك الاسئلة الموضوعة برسم السلطة، ثمّة سؤال اضافي برسم ‏المرجعيات الدينية على اختلافها: ألا يستدعي ما حدث السبت، عقد قمة روحية إسلامية - ‏إسلامية، وإسلامية - مسيحية، تحت عنوان وحيد وهو نَبذ كل مثيري النعرات، وتأكيد ‏التماسك والوحدة والعيش الواحد بين اللبنانيين بكل انتماءاتهم وعلى اختلاف معتقداتهم ‏الدينية؟
‏ ‏
عين التينة
في هذا الوقت، تعكس اجواء عين التينة أجواء قلق مما حصل السبت الماضي، بالتوازي ‏من خشية من ان تكون احداث السبت الماضي "بروفة" لِما هو أخطر. وهذا أمر يضع ‏كل القيادات السياسية في لبنان امام مسؤولياتها في منع البلد من الانزلاق الى الفتنة ‏القاتلة".‏
‏ ‏
وتعكس هذه الاجواء تحذير رئيس المجلس النيابي نبيه بري من جرّ البلد الى هذا الدرك، ‏ودعوته الشديدة الى نبذ كل من يساهم في هذه الفتنة، مؤكداً في الوقت نفسه "اننا ‏سنتصدّى للفتنة ولن نسمح بها، سيفاجأ من يحاول أن يوقظها بمدى تَصدّينا لها".‏
‏ ‏
وبحسب هذه الاجواء فإنّ أوجَب الواجبات هو التنبّه للفتنة التي تُحاك، ولمن يحيكها، هناك ‏من ينسج خيوطها في غرف سوداء تحاول ان تجرّ البلد الى الفتنة العمياء، وهذا أمر يدفع ‏ثمنه كل اللبنانيين خصوصاً في هذا الظرف الاقتصادي والمالي والمعيشي الاليم ‏والموجع، علماً أنّ هَم اللبنانيين الاول في هذه المرحلة هو تجاوز محنتهم الاقتصادية ‏وتوفير لقمة عيشهم، ومن غير المسموح ابداً الانتقال بهم الى هَم اكبر واخطر يتعلق ‏بمصيرهم، ومصير البلد".‏
‏ ‏
السرايا
بدورها، عكست مصادر السرايا الحكومي لـ"الجمهورية" جهوزية الحكومة في مواكبة ‏ما يحصل، وما يتطلبه من إجراءات، الّا انّ المسؤولية تقع بالدرجة الاولى على القوى ‏السياسية، وتتخذ إجراءاتها مع "ناسها" لمَنع انزلاق البلد الى فتنة خطيرة ومميتة، وهذا ‏يتطلّب بالدرجة الاولى مبادرة هذه القوى الى رفع الغطاء عن كل من يحاول أن يثير ‏النعرات ويزرع بزور الفتنة، فهؤلاء يجب ان يحاسبوا ويوضعوا في السجون، وكل واحد ‏يجب ان يتحمّل مسؤولية عمله وما يقوم به".‏
‏ ‏
وأكدت المصادر انّ الاجتماع الامني الذي عقد في السرايا الاحد كان حازماً في التأكيد ‏على مواجهة الفتنة وملاحقة المُتسبّبين، وعدم السماح بالعودة الى الفوضى".‏
‏ ‏
وقالت المصادر: الوقت ليس للاستثمار السياسي من قبل ايّ كان، علماً انّ هذا الاستثمار ‏ليس في قاموس الحكومة او رئيسها، بل انّ الاستثمار الوحيد يجب ان يكون لمصلحة ‏البلد. ومن هنا، فإنّ الخطر كبير جداً، واذا وقعت الفتنة لا سمح الله، لن يبقى بلد، كما لن ‏يبقى اي شيء يمكن ان يتنافسوا عليه بالسياسة وغيرها، او لتسجيل نقاط على الآخر من ‏خلاله. ما يجري يتطلّب وعياً وطنياً ومسؤولية كبرى، وان تتحمّل كل القوى السياسية ‏مسؤوليتها الوطنية، لبنان لا يتحمّل أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية متراكمة وموروثة، ‏وفتنة طائفية ومذهبية تذهب بالبلد وبكل شيء".‏
‏ ‏
دياب
وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد أكد خلال لقاءاته في السرايا الحكومي أمس، انّ ما ‏حصل السبت هو جرس إنذار للتوقف عن شحن النفوس، مشدداً على أهمية حفظ السلم ‏الأهلي، ومعتبراً انّ ذلك مسؤولية وطنية لجميع القوى السياسية، وليس فقط الحكومة، ‏لافتاً الى انّ افتعال الفتن هو بمثابة خيانة وطنية يفترض بالحريصين على البلد والناس ‏مواجهتها وإسقاط جميع مشاريع الفتنة.‏
‏ ‏
متابعة ديبلوماسية
على انّ اللافت للانتباه، وبحسب معلومات "الجمهورية"، انّ أحداث السبت كانت محل ‏متابعة حثيثة من قبل البعثات الديبلوماسية العربية والغربية في لبنان. وقالت مصادر ‏سياسية انّ إشارات اوروبية، وتحديداً فرنسية وكذلك أممية، وردت الى مراجع مسؤولة ‏تؤكد انها "تنظر بقلق للأحداث التي شهدها لبنان السبت الماضي"، وتشدّد على اللبنانيين ‏‏"الحفاظ على الاستقرار في لبنان، والتخفيف من أجواء التشنّج والتوتر"، وتدعوهم في ‏الوقت نفسه الى "صَرف كلّ الجهد في سبيل معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية".‏
‏ ‏
والبارز في هذا السياق أيضاً، الدخول المصري المباشر، والذي بدأ امس الاول، مع ‏استنكار الأزهر للشعارات المسيئة للسيدة عائشة في لبنان، ودعوته الى "احترام الرموز ‏الدينية ووَأد الفتنة بين المسلمين، وتغليب المصلحة العامة"، والى "أن يحمي الله لبنان ‏ويحفظه ويؤلف بين قلوب شعبه وأبنائه جميعاً وينعم عليه بالوحدة والأمن والاستقرار". ‏واستكمل أمس بزيارة السفير المصري ياسر علوي الى الرئيس سعد الحريري ومفتي ‏الجمهورية، وإعلانه من دار الفتوى "انّ الاستقرار في لبنان خط أحمر، ومواجهة الفتنة ‏واجب كل اللبنانيين، وكل يد تحاول ان تزرع الفتنة لا تكون الّا مِن جاهل او موتور، ‏ويجب ان تقطع".‏
‏ ‏
يُشار الى أنّ التطورات التي شهدتها بيروت يوم السبت الماضي كانت محور تداول في ‏لقاء رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، ‏الذين التقوا في بيت الوسط أمس.‏
‏ ‏
توحيد الارقام مؤجّل
إقتصادياً، لم يحمل اليوم الاول من الاسبوع تطورات جديدة تُذكر على الصعيد المالي ‏والاقتصادي. وفيما كان يؤمل بأن يتمّ التوصّل الى توحيد المعايير والارقام على مستوى ‏الوفد الرسمي اللبناني الذي يتفاوَض مع صندوق النقد الدولي، تبيّن انه تمّ توحيد الأرقام ‏فقط وعلى زغل، بحيث تم الاتفاق على اعتماد الأرقام الواردة في الخطة الحكومية ‏كمنطلق لاستكمال التفاوض مع صندوق النقد، وذلك خلال اجتماع مالي عقد أمس في ‏القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حضور رئيس ‏الحكومة حسان دياب، ووزير المالية غازي وزني، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.‏
‏ ‏
وأوضحت مصادر مطّلعة على نتائج اللقاء لـ"الجمهورية" انّ الرقم الذي تمّ التوافق عليه ‏بشأن تحديد الخسائر المالية هو الذي ورد في خطة التعافي المالي التي وضعتها ‏الحكومة، والذي قدّر بـ 122 ألف مليار ليرة لبنانية.‏
‏ ‏
وفيما قالت المصادر انّ حاكم مصرف لبنان الذي يقدّرالخسائر بـ 80 الف مليار ليرة، ‏أشارت الى أنه كان متحفّظاً على رقم الخطة الحكومية.‏
‏ ‏
خطة نهب الودائع
وفيما تحيط تساؤلات تشكيكية بالطريقة التي يتم فيها توحيد ارقام الخسائر بعيداً عن ‏العلمية والتقنية، يبقى المواطن اللبناني عرضة للاستهداف من كل جانب. فمن ناحية ‏تهدده فتنة سياسية بأبعاد طائفية ومذهبية، ومن ناحية ثانية تهدده فتنة من نوع آخر لا تقل ‏خطورة، وتتواصل فصولها، ألا وهي الفتنة المالية المتمثّلة بالسطو على اموال ‏المودعين، وفق خريطة طريق ترسمها خطة الحكومة، والتي يسعى اجتماع بعبدا الى ‏تبنّي أرقامها المقدّرة للخسائر، واعتبارها الاساس الصالح للمفاوضات الجارية مع ‏صندوق النقد الدولي، علماً انّ التعويض عن هذه الخسائر وبحسب ما تنصّ عليه ما ‏تسمّيه الحكومة "خطة التعافي"، يتمّ من أموال المودعين وعلى حسابهم، بما ينزع عنها ‏صفة "التعافي"، ليعطيها وصفها الحقيقي، أي خطة نهب الودائع!‏
‏ ‏
وما يثير علامات الاستفهام هو انّ محاولة توحيد أرقام الخسائر التي تسعى اليها بعبدا، ‏تأتي بالتزامن مع العمل الحثيث الذي تقوم به لجنة المال والموازنة عبر جلساتها المتتالية ‏في مجلس النواب للوصول الى تحديد دقيق لأرقام الخسائر مع الجهات المعنية بها، ‏وتحديد مكامنها وتضييق الفوارق وإعادة توزيعها في أماكنها الصحيحة بدقة وبطريقة ‏علمية، وليس بطريقة السلق، على ما يتبدّى في اجتماعات بعبدا.‏
‏ ‏
ويبرز في هذا السياق ما أعلنه رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد ‏اجتماع لفرعية لجنة المال لتقصّي الحقائق "أنّ كل المقومات موجودة للنهوض بالاقتصاد ‏شرط استعادة الثقة وفق معايير علمية لا وفق تركيبات في غير محلها"، معتبراً "أنّ ‏استعادة الثقة لا يمكن ان تكون بضرب ثقة المودع والمُقرض".‏
‏ ‏
نحاس
ورداً على سؤال عن الاجتماعات المالية في بعبدا لتوحيد الارقام بالتزامن مع ما تقوم به ‏لجنة المال والموازنة في هذا المجال، قال مقرر اللجنة النائب نقولا نحاس ‏لـ"الجمهورية": عنزة ولو طارت، ولا كلام آخر، وهذا لا يؤدي الى أي نتيجة، وفي ‏النهاية الحقيقة أقوى من البيان.‏
‏ ‏
المفاوضات
وفي هذا السياق، عقد الوفد المفاوض اللبناني برئاسة وزير المالية غازي وزني اجتماعه ‏الحادي عشر أمس مع صندوق النقد الدولي في حضور فريق من البنك المركزي. وتناول ‏الاجتماع موضوع إطار تطبيق القواعد في المالية العامة، على أن تتابع المشاورات ‏اليوم.‏
‏ ‏
الدولار
على صعيد سعر صرف الليرة، واصَل الصرّافون أمس تنفيذ خطة الخفض التدريجي ‏لأسعار الدولار، وأعلنت نقابة الصرافين "تسعير سعر صرف الدولار الأميركي مقابل ‏الليرة اللبنانية بهامش متحرك بين 3890 كحد أدنى للشراء، و3940 كحد أقصى للبيع".‏
لكن لوحظ انّ الكميات التي يتم تداولها لا تزال محدودة وغير كافية لتلبية الطلب في ‏السوق. وبالتالي، لا تزال السوق السوداء تعمل، ولو بحذر اكبر، حيث يُلاحظ وجود ‏أشخاص قرب محلات الصرافة يعرضون على الزبائن الراغبين في بيع الدولار أسعاراً ‏أعلى من الاسعار الرسمية التي يلتزم بها الصرافون.‏
‏ ‏
التشكيلات
من جهة ثانية، وقّع رئيس الجمهورية أمس، مرسوم إنهاء خدمات مفوض الحكومة لدى ‏المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس الذي كان قد تقدّم باستقالته منذ أشهر. وتبلّغ ‏مساء أمس معاون مفوض الحكومة القاضي فادي عقيقي مرسوم قبول الاستقالة، لملء ‏الشغور في المركز ابتداء من صباح اليوم باعتباره القاضي الأرفع رتبة من بين زملائه ‏القضاة.‏
ويؤشّر هذا الامر الى انّ رئيس الجمهورية لن يوقّع مرسوم التشكيلات القضائية، الذي ‏وصل الى بعبدا خلال عطلة نهاية الاسبوع موقّعاً من رئيس الحكومة ووزراء العدل ‏والمالية والدفاع.‏
‏ ‏
الرئيس الاسرائيلي
من جهة ثانية، حمّل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، حكومة لبنان "مسؤولية أيّ ‏اعتداء يرتكبه "حزب الله" تجاه إسرائيل"، مشيراً إلى أنّ "إسرائيل ليست على عداء مع ‏الشعب اللبناني".‏
‏ ‏
وقال ريفلين، خلال مراسم تأبينية أُقيمت في المقبرة العسكرية على جبل هرتسل في ‏القدس، في الذكرى 38 على اجتياح لبنان، إنّ "إسرائيل تحمّل لبنان وحكومته المسؤولية ‏الكاملة عن أي نشاط إرهابي قد ترتكبه منظمة "حزب الله" ضد أهداف إسرائيلية".‏
‏ ‏
وأضاف: "حزب الله يتعاظم بين يوم وآخر، ويتزوّد بالوسائل القتالية والأسلحة بهدف ‏المساس بدولة إسرائيل، نحن عاقدو العزم على ضرب أوكار الإرهاب ومرتكبيه ومن ‏يقوم بتمويله".‏
‏ ‏
وأشار ريفلين إلى أنّ "إسرائيل ليست في حرب مع الشعب اللبناني، لكن طالما بقيت ‏منظمة "حزب الله" جزءاً من لبنان وجزءاً من حكومته، وطالما استمرت هذه المنظمة ‏في استغلال شعب لبنان من أجل خدمة مصالح دول أجنبية، فإنّ مسؤولية السيادة تقع ‏على عاتق حكومة لبنان، وستكون المسؤولة عن أيّ عمل ترتكبه منظمة "حزب الله" ‏من الأراضي اللبنانية".‏
‏ ‏
وأضاف الرئيس الإسرائيلي، أنّ "إسرائيل تتخذ كلّ الإجراءات للحيلولة دون اندلاع ‏حرب مع لبنان، ولكنها لن تتردّد بتوجيه ضربة قاصمة للعدو أينما وجد".‏
‏ ‏
وأكّد ريفلين أنّ إسرائيل "لن تحتمل أيّ تهديد لحياة المواطنين"، مشيراً إلى أنّ "إسرائيل ‏لن تسمح البتة بتحويل لبنان إلى معقل لحزب الله يخضع للوصاية الإيرانية".‏

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب