الأب هاشم لمناسبة العنصرة: بالبساطة البناءة والتصميم والمثابرة يتخطى المجتمع عقبات تعوق تطوره

وطنية - وجه رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك الأب الدكتور طلال هاشم، كلمة لمناسبة عيد شفيع الجامعة (العنصرة)، بعنوان: "بساطة بناءة وفعالية ومثابرة، مفاتيح جامعة الروح القدس - الكسليك في مسيرتها إلى الأمام".

واستهل الأب هاشم كلمته بمعايدة الأسرة الجامعية بمناسبة عيد العنصرة، وقال: "لا شك في أننا نعيش في زمن لم نشهد له مثيل من قبل وأن الأشهر القليلة الماضية كانت مدعاة للقلق لنا جميعا، حيث شهدت تحديات جديدة تتطلب حلولا مبتكرة، ونماذج جديدة أعادت رسم مقارباتنا للأمور، ومواقف جديدة استدعت تحولات جذرية نحو عوالم افتراضية".

واشار الى أن "سنتنا الجامعية بدأت بثورة تسلط الأضواء على الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الحادة التي يتخبط فيها لبنان. وقد كان لهذه الأزمة المتفاقمة بفعل جائحة فيروس كورونا تأثير على حياتنا بنواحيها كافة، فدفعتنا إلى إعادة النظر في مقارباتنا وتصرفاتنا وإدراكنا شتى أمور الحياة. لكن لا يسعنا سوى الإقرار بأن هذه الأزمة نفسها مكنتنا من تطوير نماذج جديدة وإعادة تصويب أولوياتنا والتحضير لما بعد فيروس كورونا في عالم مبني على أسس التعاون لا الانعزال".

اضاف: "احتفالنا بعيد العنصرة هذا العام يرتدي حلة جديدة، خلافا للأعوام الماضية، لم نجتمع في مكان واحد لنحتفل سويا بالعيد ونلقي التحية على بعضنا البعض ويضج المكان بحضورنا... لكننا نعلم أن الروح معنا في عيد شفيع جامعتنا كما في كل يوم، وهو يجمعنا أينما كنا".

وشدد على أن "الاستجابة العالمية لجائحة فيروس كورونا تبقى مفتوحة على مصراعيها على الساحة الدولية، في حين لا يزال الوضع الاقتصادي في لبنان يعيث فسادا ويولد اضطرابات وظروفا مالية صعبة. وفي الوقت عينه، ينصب تركيز جامعتنا ضمن مجتمعنا المحلي على تكييف نظامنا التربوي ودعمه وضمان استدامته. وفي ظل بيئة جامعية وعقلية حوكمة متغيرة إلى هذا الحد تبين أن البساطة والفاعلية والمثابرة هي مفاتيح النجاح".

وتطرق الأب هاشم إلى موضوع "البساطة البناءة في بيئة معقدة"، فأشار إلى أن "جامعة الروح القدس اعتمدت حتى قبل ظهور الجائحة تدابير استباقية وصممت خطوات تحضر لشتى سيناريوهات الطوارئ وتبحث في خطط التعافي والإنعاش ذات الصلة. وقد شكلت البساطة البناءة مفتاح هذه العملية. بالفعل، يبقى حجم التحديات التي تنتظرنا غير مسبوق، لكن أولوياتنا الآن تكمن في الحفاظ على تركيزنا وتحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق إلى جانب الأدوات الملائمة والتي يسهل النفاذ إليها لضمان جودة التعليم والتعلم، والحفاظ على الموقع المركزي الذي يحتله طلابنا في عملية التعلم هذه، وتأمين رفاهية فئاتنا المعنية كافة من مدرسين وأعضاء الجسم الإداري وطلاب وأهل وقدامى. وإذ نمضي على الدوام بهدي الروح القدس شفيعنا، نستلهم في مسيرتنا تعاليم من كانت علة وجودنا منذ البدء، عنيت الرهبانية اللبنانية المارونية".

واوضح أن "المقاربة التي تعتمدها الجامعة ترسي أسسها على تواصل واضح وشفاف ومفتوح مع أعضاء أسرتنا الجامعية. ففي كل مرة تتغير الظروف، نعود لنتواصل مع أسرتنا بكاملها لتمهيد الطريق أمام التغيير المتوقع. في هذا الإطار، وبهدف تأمين استدامة حلقتنا التعليمية، وفرنا التعلم عن بعد لغالبية طلابنا إضافة إلى أشكال متنوعة من التواصل الافتراضي المستمر مع أعضاء الأسرة التعليمية للتعويض عن اللقاءات التي كانت تعقد وجها لوجه وفي حرم الجامعة. مرة بعد مرة، درسنا وبحثنا وناقشنا الخيارات المتاحة والحلول الممكنة ضمن مجلس الجامعة، وكان لنا بشأنها نصيبنا من الاتفاق وأحيانا التباين في وجهات النظر. لكن همنا الأساس في ظل التحول الرقمي السائد يكمن في ضمان المرونة الضرورية في استخدام الأدوات والتخطيطات وغيرها من الإعدادات لتمكين القوى العاملة التربوية لدينا من العمل بطرق جديدة ومختلفة دعما لطلابنا".

وشدد على أنه "مع علمنا بأن سلامتنا ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى امتثالنا للتوجيهات الوطنية في ظل هذا الوضع الصعب والمعقد، شددنا على أن التزام التباعد الاجتماعي ضمن أسرتنا الجامعية ليس بدليل على تفكيك روابطنا الاجتماعية، بل هو بالأحرى فسحة زمنية لتوطيد الأسس الموجودة لدينا والتواصل والانخراط في العمل الاجتماعي والتفاعل النوعي لتغذية روابطنا البشرية".

ثم انتقل الأب هاشم إلى موضوع "الفاعلية في زمن عدم اليقين"، فقال: "تبقى الفاعلية القوة الدافعة المركزية لدينا وغايتنا في زمن عدم اليقين هذا، إلى جانب استباقيتنا واستجابتنا الثابتة. فقد سعينا إلى توفير أكبر قدر ممكن من الاستمرارية التربوية عبر استخدام السبل المتاحة وضمان استجابة جسمنا الإداري. وعليه، واجه أفراد أسرتنا الأكاديمية والإدارية الوضع المستجد بسلسلة من الحلول المبتكرة والخلاقة والمثيرة والسياقية الصعبة بهدف دعم استمرارية التعليم والتعلم وتوفير الخدمات لطلابنا مع أخذ احتياجاتهم بالاعتبار. وهنا، لعب الاستثمار في التكنولوجيا لاستنباط الحلول المحددة دورا في غاية الأهمية. ففي حين يبقى الحفاظ على صحة أسرتنا وسلامتها ورفاهيتها أولويتنا الرئيسة، لم نأل جهدا للعمل وفقا لمصلحة طلابنا الفضلى وتقويم جهودهم ومساعيهم تقويما عادلا والإقرار بقيمتها".


وتابع: "لا تزال معالجة تحديات الوضع المالي من أولويات جامعة الروح القدس، حيث سعت إلى تأمين المصادر الدولية للاستجابة لهذه التحديات على الرغم من يقينها بأن تفشي فيروس كورونا حاليا قد اضطلع بتأثير كبير على الاقتصاد محليا ودوليا. لا يسعني هنا سوى التنويه بدعم الرهبانية اللبنانية المارونية التي لطالما حافظت على مصلحة المجتمعات التي تتواجد فيها ورفعت المعرفة إلى مصاف أولوياتها وعززت التربية والتعليم. واسمحوا لي أيضا بأن أتوجه بجزيل الشكر إلى أعضاء مجلس أمناء الجامعة على دعمهم المستمر ومساهماتهم المتعددة في مهمة جامعتنا".

وعن "المثابرة والتصميم"، لفت الأب هاشم إلى أن "جامعة الروح القدس وصلت إلى ما هي عليه اليوم بفضل أشخاص كثر، من أسرة تعليمية وإدارية وطلاب وقدامى وأمناء وأصدقاء وشركاء وجهات داعمة، حيث تعدد الأناس الطيبون الذين يشاركون في نموها. ولا شك في أن مفاتيح نجاحنا تكمن في أدائهم الذي لا يثمن ومثابرتهم وموقفهم الحازم لجهة الأداء المتميز. في الواقع، ساهمت تضحياتهم التي ليست سوى تعبير صادق عن شعورهم بالتضامن، في مضي جامعتنا قدما كأسرة صلبة على الرغم من التحديات، ومن هنا تصميمنا على الاستمرار والتحسين الدائم واستقاء الدروس من الوضع الحالي والإفادة منه إلى أقصى حد".


ورأى أنه "فيما ينتابنا القلق والتعب، دعونا لا ننسى أننا ما زلنا مدعوين لنشر مهمتنا الكاثوليكية وعيشها، وبخاصة في مثل هذه الظروف، مؤمنين بأن كل مجد يمر لا محالة عبر الصليب. فرسالتنا الكاثوليكية تدفعنا إلى الانفتاح على الجميع من دون أي تمييز. في هذا الإطار، أعتقد بأن اللاهوت والفلسفة والعلوم الاجتماعية والإنسانية تضطلع بدور محوري بعد جائحة فيروس كورونا. ففي المراحل اللاحقة، سوف يتعين على هذه المجالات الإجابة على أسئلة أساسية حول هويتنا وكيفية تعاملنا مع العيش في عالم مختلف وكيفية النظر إلى المستقبل بطريقة مختلفة فيما نركز أفكارنا ومخططاتنا على قيمنا الكاثوليكية. يجب أن نستفيد من هذه الأزمة لنفكر بطريقة مختلفة ونبتكر وسائل جديدة لمساعدة بعضنا البعض وخدمة أسرتنا الضيقة ومجتمعنا بأسره. علينا اليوم أن نرسم لطلابنا وأسرتنا المباشرة والمجتمع بشكل عام ملامح نظرةٍ مختلفة إلى الغد".

وخلص الاب هاشم إلى ان "المصاعب والظروف غير المؤاتية قد تعيق مسيرة مجتمع ما إلى الأمام أو تبطئ هذه المسيرة. لكننا نثق بالله تعالى وبالمهارات التي أنعم بها علينا، أي البساطة البناءة والتصميم والفاعلية والمثابرة، والتي من شأنها أن تساعد المجتمع على تخطي العقبات التي تعوق تطوره الحقيقي. وإذ نشهد لعمل الروح القدس شفيعنا، لا يغفل عنا أن العالم بأسره يمر بأوقات صعبة. غير أننا في جامعة الروح القدس - الكسليك ندرك أيضا أن الفرصة سانحة لنعمق إيماننا ونعمل سويا لخير البشرية جمعاء ونوطد أواصر العلاقات في ما بيننا وبالله أبينا وبيسوع المسيح ربنا ومخلصنا، فنلتمس هدي الروح القدس لنبني بعضنا بعضا بإيمان وفرح".



=========م.ع.ش.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب